في المشهد التلفزيوني ثلاثة عناصر: مقدّم البرنامج، والجمهور، والجالس أمام مقدم البرنامج يتلقى الاسئلة والخاضع لتأثيراته في برامج "الملايين". والمشاهد في تماهيه يصبح هو الممتحَن. وبين الصح والخطأ يربح أو يخسر. فالسعادة تتبخّر، وحلم اليقظة الجميل الذي توفره الملايين يبقى حلماً إلا في أحوال نادرة. ويغدو مقدّم البرنامج، المتلاعب بأعصاب الجمهور النجم الذي يخطف الأضواء. وتصبح الملايين الهدف الأسمى في مجتمع الاستهلال وقيمه الزائفة، بغض النظر عن الوسيلة المتبعة، مشروعة كانت أم غير مشروعة. وهكذا يصبح الطغيان المادي هو السائد والمهيمن، ويغدو الثراء والربح الفاحش قيماً تسود المجتمع. والحاج متولي هو نموذج الرجل الطيب الذي جمع أربع نساء، وعدل بينهن. فلا نفور، ولا خصام. وكان سعيداً موفقاً في زوجات لا يعرفن الغيرة، في بلد يشكو من نموّ سكاني هائل، وكثافة سكانية ضاقت بها أرض الشريط الأخضر. والسلطة لا تنفك تحض الجمهور وترشده الى التقليل من الأبناء، وتوزّع حبوب منع الحمل مجاناً للحد من ولادات كثيرة في بلد محدود الموارد. ووجد من يطري المسلسل ويشيد به. والمسلسل الذي جسّد المفهوم الذكوري الأبوي كان ناجحاً. هكذا تصاغ الأفكار، وتغسل الأدمغة، لتكوين رأي عام مزيف، مجافٍ للواقع، تصنعه أجهزة إعلام لخدمة كبار المحتكرين والرأسماليين في العالم. وقديماً قال الناصري: "مملكتي ليست من هذا العالم". طرابلس - محمد زهري حجازي عضو اتحاد الكتّاب اللبنانيين