انتهى العام 2001 بكل هدوء حتى وإن كانت شهوره السابقة شهدت احداثاً جساماً. وانتهى شهر رمضان الكريم بكل هدوء ايضاً لينهي معه موسم عروض المسلسلات التي يُلاحظ من جديد انها باتت تكاد تكون وقفاً، في اهم وأفضل إنتاجاتها، على الشهر الفضيل، بحيث يطل من جديد ذلك التساؤل الحائر عن بقية شهور السنة: هل حقاً لا يشاهد الجمهور خلال تلك الشهور مسلسلات؟ وهل ان الملايين التي تشاهد الشاشة الصغيرة يومياً، لا تستحق ان يكون هناك انتاج جيد ومعتنى به، من اجلها؟ ومن اين طلعت فكرة تخصيص المنتج في كل عام ليتزاحم خلال الشهر الفضيل، بناء على اي دراسات وعلى اي استنتاجات؟ ليس قصدنا هنا ان نجيب على مثل هذه التساؤلات. فالواقع بات يفرض نفسه، وبات المزاج الرمضاني يتحكم بما ينتج، ونعرف ان هناك فنانين ابتدأوا منذ اليوم التحضير لرمضان المقبل. المهم بالنسبة إلينا هنا ان نقوم بإطلالة ولو سريعة على "الموسم" بمسلسلاته وأعماله الجديدة لنتساءل، مع الجمهور، لمن كانت حصة الأسد؟ وما هو العمل الذي برز من بين كل ما قدم؟ الجواب بديهي، اكدته متابعة الجمهور العريض والسجالات، التي لم تتوقف بعد، الجواب هو: "عائلة الحاج متولي". من دون منازع كان هذا المسلسل الاجتماعي الضاحك الذي مثله نور الشريف بتألق وحيوية، نجم الموسم... ولكن المؤسف انه لم يكن كذلك بسبب جودته الفنية، ولا حتى بسبب جدية موضوعه وجدته ولا حتى بفضل اداء نور الشريف الذي لا يمكن لأحد ان يجادل انه، هو الآخر، صار ملك التلفزة من دون منازع، فمن "لن اعيش في جلباب ابي" الى "الحاج متولي" صار نجم المسلسلات التلفزيونية الرقم واحد. المهم ان نجاح "الحاج متولي" كان - في عرفنا - نجاحاً بائساً، نجاحاً اشبه بالفضيحة... فهو تناول موضوعاً شائكاً من المواضيع المثيرة للسجال الضمني - والمسكوت عنها غالباً - في العالم الإسلامي والعربي. وليست المشكلة هنا. بل المشكلة تكمن في ان "الحاج متولي" وصل الى موضوعه من طريق المشاهد الهزلية التهريجية، اكثر مما وصل إليه من طريق اللغة الدرامية الجيدة والمقنعة. وهو وصل الى موضوعه بطريقة ملتوية، وحسبنا لإدراك هذا ان نسمع احدى بطلات المسلسل، غادة عبدالرازق، تجيب حين سألها الإعلامي زاهي وهبة حين استضافها في برنامجه "خليك بالبيت" عما إذا كانت، ترضى في الحياة ان تكون "ضرة" اي تتزوج ممن هو متزوج: "اجل... شرط ان يكون الزوج مثل الحاج متولي!" فالحال ان المسلسل، حين اختار شخصاً ذا "كاريزما" يحبه الجمهور، ليجعله زوجاً لأربع نساء، ادلى الى مفعول عكسي: فإذا كان المسلسل راغباً أصلاً، كما زعم مؤلفه في البرنامج التلفزيوني نفسه حين استضيف، ان يندد بظاهرة ت عدد الزوجات، حبّب الظاهرة الى الناس حين اختار نور الشريف لدور المزواج. ولنا ان نتخيل لو ان حسن مصطفى او علي حسانين او المرحوم توفيق الدقن او الراحل صلاح منصور، قام بالدور. إذن، عبر التواء من هذا النوع، قيض ل"عائلة الحاج متولي" ان يتصدر البرامج المسلسلة الرمضانية. وهو في هذا طغى على اعمال يبدو من الواضح انها اهم منه، كتابة وإخراجاً وتمثيلاً، بكثير مثل "للعدالة وجوه كثيرة" و"حديث الصباح والمساء" ونكتفي بهذين المثلين. وفي هذا السياق نفسه لا بد من الإشارة الى ان المسلسلات المصرية، في شكل عام، سواء اعجبنا بعضها او لم يعجبنا بعضها الآخر، كانت الأكثر بروزاً في العام 2001 في حين سجل لبنان غياباً متواصلاً، وسجلت المسلسلات السورية، في مختلف انواعها، تراجعاً ملموساً على رغم ما كرس لها من امكانات... وهكذا دق من جديد ناقوس الخطر لهذه الدراما التي كانت لسنوات قليلة ملء الأسماع والأبصار، وانتهت اليوم لأن يكون خير ما حقق فيها مسلسل "ذي قار" الذي اخرجه واحد من افضل مبدعي الدراما السورية ولكن... في الأردن. وإلى نهاية الموسم المقبل وأنتم في خير.