تهاوت مؤشرات الأسهم الأميركية بصورة دراماتيكية تحت تأثير بيانات غير مشجعة عن مبيعات الشركات والأرباح داعمة صدقية التحذير، الذي أطلقه مسؤولون كبار في صندوق النقد الدولي أخيراً، من أن أسواق المال، سيما الأميركية، ستكون عرضة لعملية تصحيح واسعة السنة الجارية في حال فشلت الشركات في تحقيق معدلات عالية من الأرباح في مناخ من الاختلالات المالية الصعبة. بدأ التعامل في بورصة نيويورك أمس بارتفاع مؤشر "داو جونز" الصناعي للأسهم الممتازة ما يزيد على 40 نقطة، معوضاً بذلك جزءاً من الخسائر التي تكبدها أول من أمس عندما خسر في جلسة واحدة 205 نقاط، أي اثنين في المئة من قيمته، اذ هبط إلى 10176 نقطة، ما يعني أن هذا المؤشر الأساسي الذي بلغ مستوى 10640 نقطة الشهر الماضي للمرة الأولى منذ انهيار الأسواق إثر أحداث 11 أيلول سبتمبر الماضي فقد كل المكاسب التي حققها منذ شباط فبراير الماضي. وطاولت الخسائر أسهم التكنولوجيا والاتصالات المدرجة في سوق التعاملات الالكترونية التي خسر مؤشرها الرئيسي "ناسداك" المجمع 41 نقطة منخفضاً إلى 1725 نقطة. وفقد حملة أسهم المؤشر 2.4 في المئة من استثماراتهم، أقله نظرياً، في الجلسة المشار إليها لترتفع بذلك خسائرهم إلى 15.8 في المئة منذ بداية الفصل الأول من السنة الجارية. وعكس مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" مدى اتساع نطاق الخسائر، إذ فقد هذا المؤشر العام قرابة 27 نقطة متراجعاً إلى 1104 نقاط، وارتفعت خسائره إلى 5.7 في المئة منذ منتصف آذار مارس الماضي، بينما أفادت أسواق المال أن خسائر متباينة لحقت بنحو 1.6 بليون سهم من أصل 1.8 بليون سهم تم تداولها في بورصة نيويورك وزهاء 1.3 بليون سهم من أصل 1.7 بليون سهم في "ناسداك". وأرجع بعض المراقبين جانباً من أسباب التطورات الدراماتيكية إلى تأزم الوضع في الشرق الأوسط والكشف عن ارتفاع كلفة الواردات الأميركية من النفط الخام بنسبة تزيد على 15 في المئة في الشهر الماضي، مشدداً على أن مهمة وزير الخارجية الأميركي كولن باول ستساهم في تحديد اتجاهات أسواق المال في الأيام القليلة المقبلة. ولعبت أحداث الشرق الأوسط الدور الرئيسي في قرار مؤسسة التقويم الائتماني "ستاندرد آند بورز" أول من أمس خفض الوضع الإئتماني لاسرائيل من "مستقر" إلى "سالب"، إذ أشارت المؤسسة في بيان إلى أن قرارها يعكس الوضع الأمني الناجم عن العملية العسكرية التي بدأتها إسرائيل في 29 آذار الماضي في الأراضي الفلسطينية. لكن غالبية المراقبين عزت خسائر المؤشرات إلى بيانات "مخيبة للآمال" عن المبيعات والأرباح أعلنتها شركات مثل "جنرال الكتريك"، الشركة الأميركية الأولى من ناحية القيمة السوقية، وبوابة الانترنت "ياهوو" سيما أن هذه البيانات جاءت بعد توقع مؤسسة "فيرست كول" المتخصصة في مجالها أن تكون أرباح الشركات الأميركية تراجعت بنسبة تزيد على تسعة في المئة في الفصل الأول من السنة الجارية وللفصل الخامس على التوالي. وحذر مسؤولون من مؤسسات مالية أخيراً من أن أسواق المال ستكون عرضة لعملية تصحيح واسعة النطاق في حال فشلت الشركات في الاستجابة لتوقعات المستثمرين الذين انتشلوا الأسهم من قاع هوت إليه بعد أحداث أيلول وراهنوا على انتعاش أرباح الشركات مع تعافي الاقتصاد الأميركي. وعلى رغم أن موسم الأرباح ما زال في بدايته، إلا أن صندوق النقد شدد على صعوبة التحديات التي تواجهها الشركات في زيادة أرباحها وأهمها أن المستهلك الأميركي الذي خسر 1.2 تريليون دولار من أصوله الاستثمارية في أسواق المال العام الماضي يواجه مستوى خطيراً من المديونية التي تصل في الوقت الراهن إلى 72 في المئة من اجمالي الناتج المحلي مقارنة ب62 في المئة عام 1990. يشار إلى أن المستهلك الأميركي ينفق 6.5 تريليون دولار سنوياً، ما يعادل ثلثي الناتج المحلي. وأشار المسؤولون في المؤسسات المالية إلى أن الشركات الأميركية تحدياً تحد آخر يتمثل في مستوى مرتفع من المديونية الذاتية يقدر بنحو 47.4 في المئة من الناتج المحلي مقارنة بنحو 42.6 في المئة عام 1990. وتفيد دراسات الصندوق أن نسبة الشركات الأميركية التي تعجز عن وفاء التزاماتها تجاه حملة سنداتها تضاعفت منذ سنة 1990 لتصل إلى أربعة في المئة عام 2001 حين بلغت قيمة العجز 115 بليون دولار.