يخشى ان يواجه الحزب الشيوعي الروسي ازمة داخلية عنيفة بعدما رفض عضو قيادته غينادي سيليزنيوف الامتثال لقرار بالاستقالة من رئاسة البرلمان، فيما نفى زعيم الحزب غينادي زيوغانوف حدوث انشقاق وأكد ان الشيوعيين مصممون على اطلاق حملة "معارضة متشددة" للسلطة. وكان الفصل الأول من دراما الحزب الشيوعي بدأ الأسبوع الماضي عندما حرم نوابه من رئاسة تسع لجان برلمانية في اطار ما وصف ب"انقلاب" داخل مجلس الدوما هدفه احكام سيطرة كتل الوسط واليمين الموالية للكرملين على الهيئة الاشتراعية. وعقدت قيادة الحزب الشيوعي اجتماعات موسعة للنظر في اقتراح يدعو الى استقالة سيليزنيوف بوصفه عضواً في الحزب وممثله في رئاسة البرلمان. وأكد زيوغانوف ان نائباً شيوعياً لا يمكن ان يتحمل رئاسة برلمان يعارضه الشيوعيون. وأصدرت قيادة الحزب قراراً يعد متناقضاً، اذ دعت سيليزنيوف الى الاستقالة لكنها اكدت ان القرار هو "توصية" وأن تنفيذها متروك له. ومعروف ان رئيس البرلمان يعد من الشيوعيين "المعتدلين" والمقبولين لدى الكرملين، وكان التقى الرئيس فلاديمير بوتين الذي طلب منه البقاء في منصبه. إلا ان زعيم الحزب الشيوعي لم يخف شعوراً بالمرارة وأشار الى ان القرار "خيار شخصي" وأنه لن يثني الحزب عن اتخاذ موقف "المعارضة المتشددة". ولمح الى ان اللجنة المركزية قد تعود الى مناقشة هذا الملف في اجتماع بعد ثلاثة أو أربعة اشهر وتتخذ قراراً جديداً في ضوء "سلوك" رئيس البرلمان. واتفق زيوغانوف وسيليزنيوف على ان انشقاقاً لم يحصل لكن الأخير اشار الى ضرورة ادخال تعديلات على استراتيجية الحزب وبرنامجه و"تغيير الأداء". وكشف ان اعضاء اللجنة المركزية عرضوا عليه بدائل عدة، قد تفسر على انها مغريات، لإقناعه بالاستقالة منها رئاسة الكتلة البرلمانية للحزب او الترشيح لمنصب رئيس الدولة في الانتخابات المقبلة ما يقتضي الانتقال الى مواقع المعارضة المتشددة. إلا ان سيليزنيوف اصر على التمسك بموقعه الذي يعد رابع منصب في الدولة ما يمكن ان تترتب عليه ازمة داخلية وإعادة اصطفاف داخل الحزب الذي تحاول السلطة تهميشه وتفتيته. ويجمع المحللون على ان قرار ابعاد الشيوعيين عن رئاسة اللجان البرلمانية كان ايذاناً ببدء التحضير للانتخابات النيابية المقبلة التي اظهرت استطلاعات اولية ان الشيوعيين يمكن ان يحصلوا فيها على 50 الى 55 في المئة من الأصوات. وعقدت قوى اليمين والوسط المتعاونة مع الكرملين تحالفاً تكتيكياً من ابرز اهدافه "تفكيك" الجناح اليساري. وربما يصبح انشاء كتلة "معتدلة" بقيادة سيليزنيوف هدفاً للفصل الثاني من المسرحية السياسية، إلا ان رئيس البرلمان اكد امس انه سيخوض الانتخابات على لائحة "اتحاد قوى الشعب" الذي يقوده الحزب الشيوعي. غير ان مصدراً في الحزب الشيوعي أبلغ "الحياة" ان السلطة "قدمت خدمة لليسار" بإقصائها ممثليه عن رئاسة اللجان البرلمانية فأنهت بذلك ما وصفه ب"التردد". وذكر ان سيليزنيوف "لا حظوظ له اطلاقاً" في رئاسة الدولة او حتى الدورة المقبلة للبرلمان إذا لم يعتمد على الجناح اليساري. وشدد المصدر على ان روسيا مقبلة على مرحلة هبوط اقتصادي وقال ان الحزب الشيوعي يستعد الآن لتحرك واسع يقود خلاله موجة الاستياء المتصاعدة في الشارع الروسي.