أثار تدفق عشرات آلاف السياح، وغالبيتهم من الأردنيين، إلى مدينة العقبة الساحلية في أقصى جنوب البلاد لقضاء عطلة عيد الأضحى الأخيرة، الآمال بتعويض القطاع السياحي في المملكة الهاشمية عن خسائره التي تراكمت خلال الشهور السبعة عشر الماضية. ويعتبر العاملون في قطاع السياحة أن الطلب الداخلي سيبقى يشكل حافزاً قوياً لصناعة الخدمات السياحية في البلاد. قدر بعض المصادر السياحية في عمان حجم السياح الذين تدفقوا على العقبة بنحو 80 ألف سائح، في حين أوصلتهم مصادر أخرى إلى نحو مئة ألف. وعلل آخرون الفرق في التقديرات إلى احتساب السياح غير الأردنيين، وبينهم خليجيون وعرب وأوروبيون، مع السياح الأردنيين الذين شكلوا الغالبية العظمى من سياحة عيد الأضحى. ووصف السيد بسام كعوش مدير "جمعية الفنادق" نسبة الإشغال في فنادق مدينة العقبة بأنها جيدة جداً، فيما قدر السيد روبرت شحادة مدير الحجز في "فندق موفنبيك العقبة" نسبة الحجز في الفندق بنحو 90 في المئة، مشيراً إلى أن الحركة السياحية نشطة جداً في العقبة وأن نسبة الحجز بقيت مرتفعة جداً في فنادقها. وقال شحادة إن الحجوزات في موسم العيد كانت في معظمها أردنية، لكنها كانت كافية. وأكد السيد محمد صباح مدير الاستقبال والحجز في "فندق خليج العقبة" أن الحركة كانت ممتازة خلال فترة العيد، مشيراً إلى أن ذروة هذا الموسم عوضت بعض الخسائر التي لحقت بقطاع السياحة خلال العام ونصف العام الأخيرين. وقدر نسبة الحجز في الفندق بنحو 95 في المئة، في حين قدر نسبة السياحة الخليجية بنحو عشرة في المئة فقط. وكانت نسبة الإشغال في "فندق موفنبيك" قبل العيد انخفضت إلى نحو 30 في المئة من المعدل السنوي الذي كان يصل إلى 80 في المئة قبل هجمات أيلول سبتمبر الانتحارية في نيويورك وواشنطن، وانخفضت في "فندق راديسون ساس العقبة" من نحو 70 في المئة إلى ما بين 40 و50 في المئة، وفي "فندق الكازار" من نحو 70 في المئة إلى نحو 20 في المئة في الفترة نفسها. وعلى رغم أن عدداً من السياح الأوروبيين كانوا بين النزلاء في فترة عيد الأضحى فإن معظم هؤلاء كان من الديبلوماسيين وعائلاتهم كما علمت "الحياة"، فمنذ حدوث الهجمات توقف السياح الأوروبيون والأميركيون، وهم الأكثر إنفاقاً بين السياح جميعاً، عن القدوم إلى المنطقة كلها بما في ذلك الأردن، فشهدت الفنادق وشركات الطيران حالات إلغاء كثيرة ما كبد الفنادق وبقية المجالات في قطاع السياحة خسائر هائلة تمثلت في عجز الفنادق عن تسديد الديون المستحقة عليها للمصارف. ودفع هذا الكساد الفنادق والمطاعم وغيرها من الأماكن السياحية إلى تقديم عروض مغرية لجذب السياح المحليين في صورة خاصة، وهو ما أثمر الموسم الناجح بعد المواسم الأخرى الكاسدة. ولم يكن اجتذاب السياح المحليين فقط الهدف الوحيد المعلن لتقديم هذه العروض، بل وثنيهم عن التوجه إلى أماكن جذب أخرى مثل شرم الشيخ والغردقة وغيرها من المنتجعات المصرية القريبة. ودفع نجاح موسم العيد السيد عقل بلتاجي، رئيس "هيئة مفوضي العقبة"، إلى القول "إن مجرد النجاح في هذا الموسم يعني أن إمكانات النجاح موجودة، وما على أصحاب الفنادق والعاملين في القطاع السياحي إلا استغلال الفرصة وتكرارها". غير أن المفارقة كانت في أن النجاح حالف فقط الفنادق القريبة من منطقتي العقبة والبحر الميت، من دون أن تتوزع الحركة على المناطق السياحية في بقية أنحاء الأردن، لتبقى محصورة في مناطق معينة. وفي مقابل الإقبال السياحي على مدينة العقبة استمر الركود والوضع السيئ في مناطق الجذب السياحي الأخرى، إلى حد دفع العاملين في قطاع السياحة والسفر إلى وصف الوضع في منطقة وادي موسى والبتراء بالمأسوي حيث أكد عدد من أصحاب الفنادق انهم اضطروا لعرض فنادقهم للبيع، في حين حُجز على بعض هذه الفنادق، نظراً إلى عدم تمكن أصحابها من تسديد ما ترتب عليهم من التزامات للمصارف. وقال السيد مازن مرعي، مدير "فندق بترا فورم"، إن الوضع مأسوي و سيبقى كذلك حتى نهاية السنة الجارية، مشيراً إلى أن الحجوزات لا تغطي الحد الأدنى من نفقات الفنادق، وأن الحركة تكاد تكون معدومة، وأكد لجوء بعض اصحاب الفنادق إلى عرض فنادقهم للبيع. وأشار مرعي، في معرض شرحه لأسباب الركود، إلى أن مدينة البتراء تعتمد في سياحتها على الأفواج السياحية الأجنبية، معرباً عن أسفه لأن هذا النوع من السياحة معدوم خلال هذه الفترة. وشدد السيد احمد الكسواني مدير الحجز في "قرية طيبة زمان" السياحية القريبة من البتراء على خصوصية منطقة البتراء كونها مدينة أثرية وليست شواطىء ورمالاً. أما السيد مأمون ملحس، مدير "فندق بلازا - بترا"، فرأى أن الوضع يدعو إلى التفاؤل على رغم أن الإقبال السياحي لا يزال أقل بكثير مما كان عليه في الأعوام الماضية.