هز "شبل" فلسطيني "عرين" الجيش الاسرائيلي مضيفاً انتكاسة جديدة الى سجل هذا الجيش الذي تلقى الكثير من الضربات في الأسابيع الأخيرة. وتمكن محمد فتحي فرحات 17 عاماً من حي الشجاعة في مدينة غزة من التسلل قبل منتصف ليل الخميس - الجمعة بساعة واحدة الى مستوطنة "تسمونة" شمال غربي مدينة رفح أقصى جنوب القطاع وقتل خمسة اسرائيليين وجرح 23 آخرين، خمسة منهم في حال خطرة. وتسلل فرحات الى داخل المستوطنة المحصنة بعد ان قص الأسلاك الشائكة المحيطة بها بآلة قاطعة صغيرة يسميها الفلسطينيون "قطاعة" لا يتجاوز ثمنها 10 شيكل دولاران وتقدم الى عمقها بعد ان قتل ثلاثة من جنود الاحتلال المكلفين حراسة المستوطنة. ووصل الى مدرسة يعد فيها الطلاب الشباب المتدنيون للخدمة العسكرية في الجيش، مسلحاً ببندقية رشاشة من طراز "كلاشينكوف" سوفياتية الصنع وتسعة مخازن زخيرة محشوة بالرصاص وست قنابل يدوية. واقتحم احدى الغرف وألقى قنبلة يدوية في اتجاه المجندين واطلق الرصاص في كل اتجاه. وعندما وصلت تعزيزات عسكرية الى المكان بعد ان طلب حرس المستوطنة من الرجال الذين يحملون السلاح بالخروج للمواجهة، والنساء باللجوء الى الملاجئ مع الرجال غير المسلحين، ألقى فرحات قنابله في كل اتجاه واشتبك معهم لمدة 20 دقيقة مستخدماً كل الذخيرة التي بحوزته قبل ان يطلق أحد ضباط الجيش النار عليه. وقال شهود في حي تل السلطان غرب رفح المحاذي للمستوطنة ل"الحياة" انهم شاهدوا حرائق تندلع داخل منازل في المستوطنة وان الاشتباك استمر مدة تصل الى 30 دقيقة قبل ان يصمت صوت الرصاص وبسمع صوت صفارات الاسعاف. واشاروا الى انهم اعتقدوا ان هجوماً كبيراً وقع في المستوطنة نفذته مجموعة من المسلحين قبل ان يتبينوا انه هجوم من "شبل" واحد فقط. وساد لدى سلطات الاحتلال الاعتقاد نفسه ايضاً، اذ قامت قوات الاحتلال بعمليات تمشيط واسعة في المستوطنة والمستوطنات المجاورة التي تعتبر جزءا من مجمع "غوش قطيف" الاستيطاني بحثاً عن مسلحين أو مهاجمين آخرين. وقال قائد الجيش الاسرائيلي في قطاع غزة يسرائيل زيفه في حديث للاذاعة العبرية ان تحقيقاً يجري لمعرفة كيف تمكن "الشبل" من اقتحام المستوطنة، مشيراً الى ان أحداً ساعده على ذلك. يذكر ان كلمة "شبل" تطلق علي المقاتلين الصغار الذين لم يتجاوز اعمارهم 18 عاما تيمنا بابن الاسد. وشكلت العملية ضربة جديدة وقاصمة لنظرية الأمن الاسرائيلي التي تعتبر المستوطنات في الضفة وغزة احدى قلاعها المحصنة، علما ان سلطات الاحتلال تضرب حول المستوطنات سياجاً شائكاً وحواجز خرسانية ومتواليات من الاسلاك التي تمر بينها الطرق التي تسير عليها آليات العدو ودباباته، اضافة الى أبراج المراقبة المنتشرة على طول حدود المستوطنات وزواياها الى جانب اقامة مواقع لقوات الاحتلال داخلها وتسليح المستوطنين أنفسهم. واصيب المجتمع الاسرائيلي بالصدمة لوقوع العملية التي نفذها طفل بنظر القانون الدولي. وفي المقابل شعر الفلسطينيون بالنشوة واستذكروا أطفال حرب لبنان الذين يطلقون عليهم أطفال "الأر بي جي" التي استخدمت بفاعلية ضد الجيش الذي اجتاح لبنان وحاصر بيروت عام 1982. وكان فرحات وهو الخامس بين اخوته الستة واختيه خرج صباح أمس من منزله ولم يعد حتى المساء الى ان أعلنت كتائب الشهيد "عزالدين القسام" الذراع العسكرية لحركة "حماس" مسؤوليتها عن تنفيذ العملية، معلنة اسمه في بيان لها حصلت "الحياة" على نسخة منه. ويشعر فتحي فرحات 55 عاماً بالفخر لقيام ابنه محمد بتنفيذ عملية بطولية، قائلاً انه يتمنى لو استشهد ابناءه الستة بالطريقة ذاتها. ورد فرحات في بيت العزاء على المعزين بالقول "عقبال عندكم" في اشارة الى الاستشهاد في عملية فدائية كالتي نفذها ابنه. ولفرحات ابن آخر مطلوب من اجهزة الأمن الاسرائيلية وناشط في صفوف كتاب الشهيد "عزالدين القسام"، وثانٍ معتقل لدى سلطات الاحتلال الاسرائيلي منذ عام 1994 بعد ان ضبط في مدينة بئر السبع في النقب وهو يجهز استشهاديين لتنفيذ عمليات داخل اسرائيل. وقال مقربون من العائلة ل"الحياة" ان الشهيد محمد فرحات فتح عينيه على الشهيد عماد عقل أحد أبرز قيادي "القسام" ومنفذ أكثر العمليات جرأة ضد قوات الاحتلال إبان السنوات الأخيرة للانتفاضة الأولى 87 - 1993 الذي استشهد عام 1993 في هجوم على منزل فرحات الذي كان يختبئ فيه عقل.