في زمن لم تعد مشكلة التواصل قائمة بحدتها السابقة تمضي "الراوي" في مسيرتها لخدمة القصة القصيرة في منطقة الجزيرة العربية، وخارجها، في محاولة لإبراز صوت الإبداع ليصل الى أولئك الباحثين عنه في عالم أوسع. و"الراوي" دوية تصدر عن نادي جدة الأدبي ومضت سنتان على ظهورها كحافز للتواصل بين أدباء السرد في منطقة الجزيرة العربية، كون هذه المنطقة ظلت فترة طويلة بعيدة من الاهتمام من المراكز الثقافية العربية. وشعر القائمون عليها بأن هذه الاقليمية لم تعد مبررة بعدما شارك كثر من أدباء المنطقة بأعمالهم الأدبية في صوغ الابداع العربي، ولذلك فُتح المجال أمام جميع كتاب القصة والرواية في العالم العربي للمشاركة في هذه المطبوعة وخلق تواصل ابداعي أوسع. ودأب المشرفون على هذه الدورية على تقديم شخصية سردية في كل عدد. والشخصية تتمحور حولها شهادات نقدية ونصوص من انتاجها. وكان الروائي اليمني الراحل زيد مطيع دماج شخصية العدد الثامن. ويقول عنه الشاعر عبدالعزيز المقالح: تميزت قصص زيد مطيع دماج ليس لأنها من النوع الذي يرسم ملامح البيئة وتضاريس الهم العام والمباشر وحسب، وانما لأنه يحرص كذلك على اختيار شخصياته من الوسط الشعبي العام واعطاء دقائق حياتهم النفسية والاجتماعية بعداً واقعياً واضحاً مهما شاب ذلك الجهد من تبسيط. وهذا التمييز وهذه الخصوصية في التقاط الشخصيات وتناول الأحداث وكيفية التعامل مع هذه الشخصيات والأحداث هما اللذان أعطيا مجموعة "طاهش الحويان" نكهة محلية وملحماً وطنياً متميزاً. وفي مقدمة رئيس التحرير عبدالعزيز السبيل يجيب فيه عن اختيار القصص التي تأتي على غلاف كل عدد: "قال الراوي" عبارة يحملها غلاف كل عدد، لتأتي بعده الحكاية التي يحبكها، وهي حكاية لا يبدعها الراوي من وحي خياله، وانما ينسجها من تلك الحكايات التي يضمها العدد. ولا يدخل الراوي الى أعماق القصص وانما يقف عند عناوينها، فيحولها من حكايات عدة متشعبة، الى حكاية واحدة متآلفة".