عادت الكائنات الحية بعد عناء البحث عن الغذاء طوال النهار، وخيم الليل بسواده في السماء فعمّ السكون، واستراح العالم من ضجيج الحياة. وفي سكون الليل تستريح الاجسام، وتتفتح الأزهار، وتخرج بعض الحيات التي لا تخرج في النهار. فيعم الهدوء الليل، وتستكين القلوب، ويكثر التفكير والهروب الى عوالم أخرى خيالية بعيداً من الحقيقة. وضجة مدن ضخمة ذابت بأريحية أمام هذا الليل الهادر. وهي تهيم اليه طالبة السكون. فالليل في البادية ذو لحن شجي، لأن الحياة هناك هي ديمومة السكون العاصف، وضوء القمر الجميل، والأنجم التي تشرف على الجبال والخيام والشوارع الضيقة. وكنا لا نعرف عن مبتكرات او منجزات الحضارة شيئاً. ولكن أتى ما أتى، ووصلت الى بوادينا آخر مبتكرات الغرب. فأصبح الليل ينفر من السكون، ويقبل على الضوضاء، وأصبحت الليالي الخوالي ذكريات لا تنسى يعيشها كل فرد من المواطنين في البادية. ونوم ساعة في الليل أفضل من نوم ساعات في النهار. فالانسان يعمل ثماني ساعات في مكتبه، ثم يسهر حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالي، ثم يعود مرة أخرى الى العمل، وهو غير عامل ولا منجز، وذلك لكثرة النوم في ساعات العمل. وبدل أحلى وأجمل ساعات الهدوء بساعات كلها ضجر وسهر. فيا ليتنا نقلنا قوانين البادية الى مدننا لكنا وقينا أنفسنا من مشكلات نقلتها الحضارة الى مدننا. الرياض أحمد محمد ادريس