إتجهت أزمة وقف الاتصالات الاميركية - السودانية نحو الحل بتراجع الخرطوم عن رفضها خطة اميركية لفرض رقابة دولية على وقف القصف الجوي للمدنيين في الجنوب. وابلغت الخرطومواشنطن امس، موافقتها على اقتراح المبعوث الاميركي جون دانفورث بداية العام وقف قصف المدنيين بعد ادخال تعديلات في الصياغة هدفت الى تجنيب السودان حرج الرضوخ للشروط. واوقفت واشنطن الاتصالات في اعقاب قصف مروحية عسكرية تجمعا لتسلم المساعدات في حضور مندوبين من "برنامج الغذاء العالمي" التابع للامم المتحدة، ادى الى مقتل 17 شخصا مما اثار موجة استنكار غربية. وكانت الخرطوم رفضت اقتراح دانفورث لجهة الرقابة الدولية، وطالبت بدلا عن ذلك بوقف شامل للنار، الا ان الحادثة جعلت واشنطن تضع قبوله شرطاً لاعادة الاتصالات. واعلن مستشار الرئيس لشؤون السلام الدكتور غازي صلاح الدين أمس أن الحكومة ابلغت واشنطن رسميا موافقتها على الاقتراح "بصورته الجديدة وبعد ادخال تعديلات". ويقول مسؤلوون حكوميون ومصادر أميركية أن التعديلات شملت تغيير عبارة "قصف المدنيين" الى "حماية المدنيين"، لما في الاولى من تجريم. وترى الخرطوم أن الصيغة الجديدة حددت الاهداف المدنية بصورة أكثر شمولا، كما اشارت الى ضرورة الامتناع عن استخدام المدنيين كدروع بشرية واستخدام المنشآت المدنية لاغراض عسكرية، وهما أمران تؤكد الحكومة أن "الجيش الشعبي لتحرير السودان" يقوم بهما. وتركز الخرطوم ايضا على أن الاقتراح الجديد يعتبر "هذه الترتيبات موقتة الى حين حل النزاع بوقف شامل للنار وتحقيق تسوية نهائية". ويقضي المشروع بتشكيل آلية مراقبة للتحقق من اي اتهامات بخرقه تتألف من مراقبين تنتدبهم دول مقبولة لدى طرفي النزاع. على صعيد آخر، عقد زعيم "الحركة الشعبية لتحرير السودان" العقيد جون قرنق في لندن أمس، إجتماعا مع رئيس القطاع السياسي في حزب الامة مبارك الفاضل المهدي، هو الاول من نوعه منذ القطيعة بين الجانبين العام 1999، واتفقا على "استئناف العلاقات بين الحركة وحزب الامة". وقرر التنظيمان "مواصلة الاتصالات والحوار لايجاد حلول لمشكلات السودان". وشهدت العلاقة بين الحزبين توترا حادا في الفترة التي خرج فيها حزب الامة من "التجمع الوطني" المعارض وعاد قادته، بمن فيهم الصادق المهدي الى الخرطوم. ودعا الاتفاق الذي صدر في بيان الى "استثمار الرصيد الايجابي التاريخي للعلاقة بين الجانبين والذي اسس لقرارات مؤتمر اسمرا للقضايا المصيرية وساهم في التوصل الى اتفاقات اساسية في شأن قضايا الخلاف السوداني منذ الاستقلال". ويمثل الاتفاق تغيرا مهما في شبكة علاقات القوى السياسية السودانية، اذ ان حزب الامة هو الاكثر شعبية في السودان في حين تحظى حركة قرنق بموقع الحركة الاكثر فعالية في المعارضة.