لم تبرح المقاتلات الحربية الاسرائيلية سماء رام الله امس استعداداً لتنفيذ قرارات "المطبخ الامني" الاسرائيلي بشأن ضرب ما تبقى من "بنك الاهداف" الفلسطينية. وترواحت الاهداف التي تحدث عنها المسؤولون العسكريون والسياسيون الاسرائيليون بين توجيه مزيد من الضربات ضد رموز السلطة الفلسطينية وتصفية كوادر وقياديين في حركة "فتح" بعد تنفيذ ذراعها العسكر سلسة عمليات توّجت بعملية فدائية في منطقة "عيون الحرامية" التي قتل فيها سبعة جنود وثلاثة مستوطنين اسرائيليين في الوقت الذي قصف الجيش الاسرائيلي مواقع عدة للفلسطينيين ما ادى الى استشهاد ستة بينهم احد كوادر "حركة الجهاد الاسلامي" في شمال الضفة الغربية في عملية اغتيال، وفقاً للمصادر الفلسطينية. راجع ص 3 و 4 وفي قطاع غزة قتل جندي اسرائيلي امس في هجوم بالاسلحة الرشاشة على موقع عسكري بالقرب من حاجز "كيسوفيم" أسفر ايضاً عن اصابة اربعة جنود آخرين بجروح. وتبنت الهجوم حركتا "الجهاد الاسلامي" و"كتائب شهداء الاقصى" المرتبطة بحركة "فتح". وبذلك بلغ عدد القتلى الاسرائيليين منذ مساء السبت حتى ظهر امس 21 قتيلاً. وقالت الاذاعة العبرية الرسمية ان القصف الاسرائيلي لمواقع فلسطينية مختلفة، ظهر أمس، ليس سوى مقدمة لرد عسكري عنيف على العمليات الفلسطينية الأخيرة. ونقل عن رئيس جهاز الأمن العام شاباك ابلاغه الوزراء في الاجتماع الاسبوعي للحكومة ان الفلسطينيين اتخذوا قراراً باستهداف المدنيين والجنود الاسرائيليين في كل مكان نافياً ان يكونوا حصروا عملياتهم ضد المستوطنين والجنود. وفي خضم حرب الاستنزاف الدائرة بين الجيش الاسرائيلي بتفوقه العسكري الهائل وبين الفلسطينيين الذين لم يعد لديهم ما يخسرونه، قطع رئيس الحكومة الاسرائيلية ارييل شارون حبل الجدل الدائر في الساحة السياسية الاسرائيلية واعلن رفضه مقترحات ولي العهد السعودي الامير عبد الله بن عبد العزيز "لأن السعوديين يحاولون ان يستبدلوا بقراري 242 و338 دعوة اسرائيل الى الانسحاب الى حدود 4 حزيران يونيو 1967 واسرائيل ترفض ذلك جملة وتفصيلاً وقد سبق ان رفضته الحكومات الاسرائيلية السابقة كلها". ويأتي الرفض الاسرائيلي للمقترحات السعودية في سياق قرار بدا قاطعاً بشأن عدم السماح للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بالمشاركة في القمة العربية في بيروت. وفي تطور ميداني لافت، دعت "كتائب شهداء الاقصى" الجناح العسكري لحركة "فتح" في بيان وزع في رام الله جميع كوادرها وعناصرها الى "حمل السلاح وضرب جنود الاحتلال ومستوطنيه"، فيما ركزت وسائل الاعلام الاسرائيلية على شخص مروان البرغوثي امين سر حركة "فتح" في الضفة الغربية بعد تصريحاته التي حيا فيها "السواعد البطلة التي انتقمت لعشرات الشهداء ومئات الجرحى الذين سقطوا في مخيمي بلاطة وجنين". ويسود الاوساط الاسرائيلية اعتقاد بأن شارون الذي اوشك بنك اهدافه على الافلاس بعدما دمّر كل المقار والمؤسسات التابعة للسلطة الفلسطينية قد وضع في الزاوية بين عدم قدرته على تنفيذ ضربات تودي بحياة عشرات المدنيين الفلسطينيين وبين الضغوط الذي يمارسها عليه اليمين الاسرائيلي المتشدد لكي يعمل على انهاء السلطة الفلسطينية والقضاء على رئيسها واعادة احتلال كل الاراضي الفلسطينية بعد فشل خططه في كسر شوكة المقاومة الفلسطينية وبعد الشعور العام بالاحباط الذي خلفته ضربات المقاومة في اوساط الجيش الاسرائيلي الذي استطاع قناص فلسطيني واحد، حسب اعتراف المصادر الاسرائيلية نفسها، قتل عشرة اسرائيليين، من بينهم سبعة جنود، واصابة اربعة آخرين غالبيتهم من الجنود واحداً تلو الاخر بواسطة بندقية صيد قديمة من مخلفات الجيش الاردني من دون ان يتمكن الجنود من اصابته او تشخيص الجهة التي كان يطلق منها النار على حاجز عسكري دائم ومحصن وفي منطقة مكشوفة. وافاد مصدر امني فلسطيني ان ست دبابات اسرائيلية توغلت في مدينة جنين في الضفة الغربية مساء امس بعد اقل من يوم على انسحاب قوات الاحتلال من مخيم جنين للاجئين وبعد عملية توغل دامية. كذلك توغلت قوات الاحتلال في مدينة قلقيلية وبلدة سلفيت في الضفة الغربية.