يعقد وزراء النقل في الاتحاد الأوروبي اجتماعاً في مقر المفوضية في بروكسيل اليوم، للبحث في مواصلة تقديم الحكومات الأوروبية الدعم المالي لتغطية أكلاف التأمين على شركات الطيران الأوروبية لمدة شهرين آخرين، ومماشاة الولاياتالمتحدة في هذا الصدد، في وقت يُعتقد أن المسافرين سيتحملون القسط الأكبر من كلفة أي حل مقترح، لا سيما في دول العالم النامي. ينتهي الأحد المقبل الموعد المحدد لسحب التغطية الحكومية التي حصل عليها أغلب شركات الطيران في دول الاتحاد الأوروبي، بعدما قررت شركات التأمين الدولية خفض معدل التأمين على الطائرة الواحدة من 5،1 بليون إلى 2 بليون دولار في السابق للطائرة الواحدة في السنة وللحادث الواحد إلى 50 مليون دولار، وذلك في أعقاب أحداث 11 أيلول سبتمبر الماضي. وكان الارتفاع الكبير لأسعار التأمين، علاوة على الكلفة الاضافية التي حتمتها إجراءات الأمن والسلامة الاضافية التي فرضت على إجراءات التدقيق في المطارات، دفعا شركات الطيران الى إعلان عجزها عن الاستمرار في تشغيل طائراتها، وطلب مساعدة الحكومات التي تدخلت بالفعل لتأمين التغطية المالية المطلوبة. وكانت الولاياتالمتحدة البلد الأول الذي خطا هذه الخطوة ثم تبعته دول أوروبا وبقية دول العالم. وتتحمل شركات التأمين حالياً الجزء الأولى من تغطية التأمين البالغة 50 مليون دولار في حال وقوع حادث. أما التغطية المتبقية فتؤمنها الحكومات. وسحبت شركات التأمين التجارية عقب 11 أيلول تغطيتها التأمينية للأضرار التي تلحق بطرف ثالث والناتجة عن الأعمال الحربية أو الإرهابية. ويتم حالياً تداول أفكار عدة في هذه الخصوص منها مشروع تأسيس صندوق تعاوني يتم من خلاله تمويل التغطية التأمينية التي تحظى بها الناقلات الجوية. ومن بين الأفكار المطروحة فرض زيادة على أسعار تذاكر المسافرين لتغطية الأكلاف الاضافية، علاوة على الحصول على مشاركة مالية من الشركات المصنّعة للمحركات وهياكل الطائرات وقطع الغيار وشركات المطارات وشركات الطيران نفسها، وهو ما تقترحه المفوضية الأوروبية للنقل. وكانت 130 شركة طيران حول العالم لجأت الى زيادة أسعار تذاكرها عقب هجمات أيلول، من بينها "الخطوط البريطانية" التي زادت 5،2 جنيه استرليني على تذكرة الذهاب ومثلها على تذكرة الاياب. ويشير جدول الأعمال الذي سيبحث فيه الوزراء الأوروبيون اليوم، الى أن الغرض من الاجتماع سيكون درس "البدائل المتاحة" التي سيكون من بينها "صندوق تعاوني للضمان يتولى الجزء الأكبر من التغطية التأمينية". ونوه مصدر في المفوضية إلى أن "نظاماً من هذا القبيل يحتاج إلى مزيد من الوقت قبل أن يصبح نافذاً". وقال أن "الولاياتالمتحدة قررت لتوها تمديد نظام الضمانات التأمينية العامة للشركات الأميركية لمدة شهرين إضافيين". وترغب الولاياتالمتحدة في تأسيس نظام تعاوني للتأمين تشارك فيه الشركات العاملة في صناعة الطيران التجاري في تحمل أعباء التأمين الاضافية. وتسعى أوروبا الى إقامة نظام مماثل وهي تريد من الشركات الأوروبية تحصيل رسوم وجمع تبرعات تصل سنوياً إلى نحو 400 مليون دولار، وفي شكل يتيح على مدى أربع سنوات جمع 5،1 بليون دولار من الأموال لصندوق التأمين التعاضدي. وحاولت المنظمة الدولية للطيران المدني "إياتا" تقديم حل دولي أكثر عدلاً، إلا أن هذا المشروع قد يلقى معارضة تعرقله وتؤدي الى تفضيل الشركات الأوروبية والأميركية خيارها الحالي القاضي بإقامة صناديق تعاضدية ما بينها. ويحتاج أي مشروع جماعي تتبناه "إياتا" إلى موافقة 51 في المئة من الأعضاء ال187 في المنظمة. ويُدر قطاع الطيران في الولاياتالمتحدة 25 في المئة من اجمالي دخل "إياتا". ولا يعتقد أن الأميركيين الذين يملكون صناعة طيران متقدمة تعادل ربع الصناعة في العالم في تمويل خسائر بقية الشركات الأجنبية، وهم لذلك قد يعمدون إلى تسريع تبني صندوقهم التعاضدي، ما قد يحدث رد فعل مماثل لدى المفوضية الأوروبية للنقل، وينتهي بترك شركات الطيران في العالم النامي تواجه بمفردها في الساحة مشاكل العثور على تمويل مناسب، يخفف العبء عن كاهل الحكومات التي لن تكون قادرة على تحمل أعباء التأمين المكلفة فترة طويلة.