كشفت مصادر باكستانية ل"الحياة" أمس أن الرئيس برويز مشرف أجرى اتصالات سرية مع الأحزاب الإسلامية الباكستانية وعلى رأسها الجماعة الإسلامية بزعامة القاضي حسين أحمد، وذلك من أجل استرضائها قبل موعد الانتخابات المقررة في تشرين الاول اكتوبر المقبل، والحديث المتصاعد عن الاستفتاء لولاية جديدة له فترتها خمس سنوات. وأوضحت المصادر أن زعيم الجماعة الإسلامية رفض لقاء الرئيس الباكستاني بمفرده، واشترط لذلك لقاء مشتركاً بين مشرف ومجلس العمل الموحد والذي يضم خمسة أحزاب إسلامية رئيسية. وعلمت "الحياة" أن مجلس العمل الموحد والذي يضم الجماعة الإسلامية بزعامة القاضي حسين أحمد وجمعية علماء الإسلام بجناحيها اللذين يتزعمهما سميع الحق وفضل الرحمن وجماعة أهل الحديث بزعامة ساجد مير وحركة تطبيق الفقه الجعفري الشيعية بزعامة ساجد نقوي، سيلتقي في الثاني من نيسان ابريل المقبل في إسلام آباد، لتحديد سقف المطالب التي ستُقدم إلى الرئيس الباكستاني برويز مشرف خلال اللقاء المرتقب. واعتبر أحد القادة الإسلاميين الباكستانيين البارزين في تصريحات ل"الحياة" مفضلاً عدم نشر اسمه، ان خطوات الرئيس الباكستاني الأخيرة "تراجع واضح عن علمانيته السابقة والتي أعلنها بعد وصوله إلى السلطة، وهو بدأ يتقرب الآن من الجماعات الإسلامية". ولاحظ مراقبون سياسيون أن مشرّف انتهج خلال الأسابيع الماضية سياسة لينة تجاه الجماعات الإسلامية، خصوصاً بعد إفراجه عن أكثر من ألف من ناشطي الجماعات الإسلامية التي حظرها واعتقل بعض أتباعها، اضافة إلى الإفراج عن الزعيمين الإسلاميين القاضي حسين أحمد ومولانا فضل الرحمن. وتحاشى مشرف في خطابه لمناسبة العيد الوطني انتقاد الجماعات الإسلامية بشدة كما درج في خطاباته السابقة، وحمّل مسؤولية التقصير الى الأجهزة الأمنية وطالبها بتحسين أدائها. وجاء سماح الحكومة للجماعة الإسلامية بعقد اجتماع حاشد حضره الآلاف من أتباعها فيما منعت السلطات الباكستانية تجمعاً مماثلاً لحركة استعادة الديموقراطية في لاهور والتي تضم أهم الأحزاب السياسية الباكستانية وعلى رأسها حزب الشعب بزعامة بينظير بوتو وحزب الرابطة الإسلامية بزعامة نواز شريف، ليشير إلى حال الغزل بين الحكومة والجماعات الإسلامية. وكانت الجماعة الإسلامية طالبت في اجتماعها الجماهيري الحاشد، الحكومة، بإخراج كل القوات الأميركية من باكستان قبل موعد الانتخابات المقرر عقدها في الثاني عشر من تشرين الاول اكتوبر المقبل، متهمة الحكومة بمنح تسهيلات للطائرات الأميركية وذلك في أكثر من سبعين في المئة من القواعد الجوية الباكستانية. ويعاني الرئيس الباكستاني برويز مشرف عزلة جماهيرية منذ قراره التعاون مع الولاياتالمتحدة في مكافحة ما يوصف بالإرهاب، خصوصاً وأن الأحزاب السياسية الباكستانية الرئيسية ومنها حزب الشعب وحزب الرابطة، ليسوا على ود مع الرئيس بعدما وصفوه بالانقلاب على الديموقراطية في باكستان. وعزا بعض المراقبين تقرب الرئيس الباكستاني إلى الجماعات الإسلامية الى خشيته من رد الفعل القوي الذي يمكن أن يلجأ إليه بعض العناصر المتشددة من الجماعات المحظورة، وهو ما سيغرق البلاد في فوضى لا سابقة لها سيما بعد الضربة التي تعرضت إليها الكنيسة البروتستانتية في وسط الحي الديبلوماسي في إسلام آباد، الأمر الذي أظهر مدى مقدرة هذه الجماعات على التحرك والتأثير.