للمرة الأولى منذ مغادرة المفتشين الدوليين العراق أواخر عام 1998، طرحت بغداد أمس مبادرة "حسن نية" تجاه الولاياتالمتحدة، معلنة استعدادها لاستقبال وفد أميركي للتحقيق في مصير الطيار مايكل سبايكر الذي سقطت طائرته أثناء حرب الخليج عام 1991 واعتبر قتيلاً آنذاك ثم عادت واشنطن لتعتبره مفقوداً. في الوقت ذاته أ ف ب قلل نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني امس من أهمية عودة المفتشين الى العراق، مؤكداً ان واشنطن "جادة جداً" في عزمها على منع هذا البلد من اقتناء أسلحة نووية. وقال في مقابلة مع شبكة "سي ان ان" التلفزيونية: "المشكلة لا تكمن في قضية المفتشين، المشكلة هي ان الرئيس صدام حسين يملك أسلحة كيماوية وسبق ان استخدمها. المشكلة انه يملك أسلحة جرثومية ويطورها ويسعى الى امتلاك اسلحة نووية". وزاد ان واشنطن ستدرس عرض بغداد استقبال وفد اميركي للتحقق من مصير الطيار، وسترى هل الاقتراح جدي. وكانت "الحياة" أول من كشف ان الطيار ما زال حياً، من خلال نشرها في 4/5/2001 رواية سجين عراقي التقى الطيار في سجنه في بغداد، وتحدث معه وطُلب منه السهر عليه اثناء مرضه. وبع دما نشرته "الحياة" من معلومات فتحت وزارة الدفاع الاميركية تحقيقاً في الموضوع، وحضر محققون أميركيون الى المنطقة وقابلوا السجين العراقي. وأمس اتصل ب"الحياة" ضابط استخبارات عراقي انشق قبل أشهر قليلة، وأكد ان الطيار الاميركي ما زال حياً، ونُقل قبل أشهر قليلة من سجنه الى مستشفى ابن سينا في بغداد المخصص لكبار المسؤولين العراقيين، بعدما اصيب بوهن عام في جسمه بسبب طول الاقامة في السجن، وظروف زنزاناته المتردية. ووصف الضابط المنشق ظروف السجون العراقية بأنها "أشبه بمقابر للأحياء"، مؤكداً ان بين السجناء كويتيين وسعوديين وبحرينيين وفلسطينيين وآخرين من جنسيات غربية، والنائب السابق في مجلس الأمة الكويتي فيصل الصانع الذي صادفه الضابط المنشق في السجن اكثر من مرة. ولفت الى انه يملك صورة لأحد الاسرى الكويتيين، لكنه رفض تزويد "الحياة" بها. ويأتي العرض العراقي استقبال وفد اميركي، بعد يومين على تأكيد الرئيس جورج بوش تصميم الولاياتالمتحدة على "محاسبة" الرئيس صدام حسين، وتنديده ب"النظام الوحشي" في العراق. كما أعرب بوش عن اعتقاده بأن صدام يخفي أسلحة محظورة، وكان يتحدث في مونتيري حيث شارك في مؤتمر الأممالمتحدة للتنمية، الذي اختتم أعماله ليل الجمعة الماضي. وحضر المؤتمر أيضاً الرئيس الفرنسي جاك شيراك الذي أجرى محادثات مع بوش. وسئل في مؤتمر صحافي هل أثار مع نظيره الأميركي موضوع العراق، فأكد ذلك، لكنه أشار إلى أنه لا يستطيع كشف تفاصيل، باستثناء تأييد باريس أي قرار يتخذه مجلس الأمن في شأن العراق. وشدد على ضرورة قبول بغداد بعودة المفتشين. في بغداد، أعلن ناطق باسم وزارة الخارجية أمس ان العراق "مستعد لاستقبال فريق أميركي" من أجل البحث في مصير الطيار الأميركي سبايكر، على أن يرافقه "فريق إعلامي من الولاياتالمتحدة للتغطية والتوثيق، وبإشراف اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إضافة إلى مشاركة سكوت ريتر الذي رأس فريق مفتشين وعثر على موقع سقوط الطائرة عام 1991".