تدهور الوضع الأمني مجدداً في الأراضي الفلسطينية، وسقط ثمانية شهداء أمس، واستمر الجيش الاسرائيلي في عمليات التوغل داخل أراضي السلطة الوطنية. وبينما تواصلت الجهود لتأمين مشاركة الرئيس ياسر عرفات في قمة بيروت، طالب وزير الاعلام والثقافة الفلسطيني ياسر عبدربه القمة بعدم اتخاذ "قرارات مصيرية" في حال غياب عرفات. وفي هذا الصدد، أكدت مصادر فلسطينية مطلعة ان الرئيس حسني مبارك ألغى زيارة بعثة مصرية رسمية لإسرائيل للمساعدة في جهود التوصل الى اتفاق لوقف النار، بسبب رفض تل أبيب التعهد بالسماح لعرفات بالعودة إذا توجه إلى بيروت. في غضون ذلك، اتهمت السلطة الفلسطينية اسرائيل بعدم الرغبة في التوصل الى اتفاق لوقف النار، مشيرة إلى أن حكومة ارييل شارون استبدلت "اسبوع التهدئة" بأربعة اسابيع من الهدوء. طالب وزير الاعلام والثقافة الفلسطيني ياسر عبدربه قمة بيروت بعدم "اتخاذ قرارات مصيرية" تمس الشأن الفلسطيني إذا غاب الرئيس ياسر عرفات. وقال: "في حال الغياب الفلسطيني، يجب على القمة ألا تتخذ قرارات تمس الشؤون المصيرية الفلسطينية". ورفض تأكيد أو نفي حضور الرئيس الفلسطيني. وكانت مصادر فلسطينية مطلعة أكدت ان الرئيس حسني مبارك ألغى زيارة بعثة رسمية مصرية الى اسرائيل تضم مستشاره اسامة الباز ومسؤول الاستخبارات المصرية عمر سليمان بسبب رفض اسرائيل التعهد بالسماح لعرفات العودة الى ارض الوطن في حال خروجه للمشاركة في القمة. وقالت المصادر إن الوفد كان سيساعد في جهود المبعوث الاميركي الجنرال المتقاعد انتوني زيني للتوصل الى وقف اطلاق النار بين الفلسطينيين والاسرائيليين. وكشف عبدربه ان الاسرائيليين يسعون الى "استبدال" اسبوع التهدئة بأربعة اسابيع. وكان رئيس الحكومة الاسرائيلية ارييل شارون اشترط اسبوع "تهدئة" للدخول في مفاوضات مع الفلسطينيين وعاد واعلن قبل وصول زيني الى المنطقة بانه تخلى عنه. واوضح عبد ربه ان اسرائيل "لا تريد وقفاً لاطلاق النار بل المناورة وان تكون الحكم في كل خطوة لتواصل عدوانها الذي لم يتوقف على الشعب الفلسطيني". الى ذلك، شكك مسؤول جهاز الامن الوقائي الفلسطيني في الضفة الغربية واحد اعضاء اللجنة الامنية الفلسطينية المفاوضة العقيد جبريل الرجوب في النيات الاسرائيلية في ما يتعلق بالتوصل الى اتفاق وقف اطلاق النار. وقال للاذاعة الفلسطينية ان الاسرائيليين يريدون "ترتيبات أمنية توفر الامن للاحتلال وللمستوطنين وهذا مستحيل"، مضيفاً ان الفجوة بين موقف الطرف الفلسطيني والاسرائيلي في شأن تطبيق خطة "تينيت" كبيرة جداً و"من المستحيل ردمها ذلك ان الاسرائيليين لا يريدون لتقرير تينيت ان يكون مدخلاً لتنفيذ توصيات ميتشل ومن ثم مفاوضات التسوية النهائية". ثمانية شهداء وبدت الأوضاع الميدانية على الارض الفلسطينية اكثر دموية من الأيام القليلة الماضية، إذ سقط ثمانية شهداء من بينهم طفلة لم تتجاوز الرابعة من العمر خلال عمليات التوغل والقصف التي شنتها القوات الاسرائيلية ليل الجمعة حتى نهار السبت، فيما كثف الجنود الاسرائيليون المتمركزون على الحواجز العسكرية التي تحاصر المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية تنكيلهم بالمواطنين الفلسطينيين. وأفادت مصادر طبية وأمنية فلسطينية ان صبحي أبو ناموس 36 عاماً استشهد واصيب آخر في قصف اسرائيلي بالمدفعية والأسلحة الثقيلة على الحي النمسوي في خان يونس جنوب قطاع غزة. كذلك قتلت القوات الاسرائيلية فلسطينييْن ظهر امس قرب مستوطنة "دوغيت" المقامة شمال قطاع غزة، وقالت مصادر عسكرية ان الشابين هاجما دورية اسرائيلية بالقنابل. وفي وقت سابق، قتل ثلاثة فلسطينيين في حي البرازيل في مخيم رفح جنوب قطاع غزة خلال عمليات توغل للدبابات الاسرائيلية كما دمر عدد من المنازل على الحدود المصرية - الفلسطينية تحت غطاء كثيف من نيران الرشاشات الثقيلة وقذائف المدفعية. والشهداء هم نبيل هميس عبدالغفور 22 عاماً من خانيونس والذي سقط قرب حاجز "كسوفيم"، والثاني محمود ابو حسنين 22 عاماً من مخيم البريج والذي سقط في ايضا قرب حاجز "كسوفيم" ونعته حركة "الجهاد الاسلامي". كذلك استشهد محمد علي عثمان 22 عاماً في مخيم رفح، كما استشهدت الطفلة رهام أبو طه أربع سنوات متأثرة بجروح أصيبت بها جراء اختراق رصاصة من عيار 500 الثقيل رأسها في المخيم نفسه. وفي مدينة الخليل، استشهد الشاب نضال ابو علامي 18 عاماً وهو ابن عم الصحافي اشرف ابو علامي الذي قتل قبل يومين أمام منزله. وكثف جنود الحواجز العسكرية تنكيلهم بالمواطنين الفلسطينيين في القدسورام الله وقلقيلية ونابلس وجنين فيما يستمر الجيش في فرض حصار مكثف على الاراضي الفلسطينية. واعتدى الجنود على حاجز قلنديا على طريق رام الله - القدس على 16 فلسطينياً بالضرب المبرح رافقه اطلاق كثيف للنار في الهواء، فيما اغلقت طريق الكسارات الوعرة في وجه المواطنين وانتشرت فيها اعداد كبيرة من الجنود الذين اعلنوها منطقة عسكرية مغلقة. ومنع الجنود على حاجز الرام على الطريق ذاتها سيارات الفلسطينيين من المرور وطلبوا من السائقين العودة من حيث أتوا.