هولندا، هذا البلد الصغير الذي لا يملك شاعراً كبيراً ولا كاتباً كبيراً قررت ان تحتفي بابنها فانسنت فان غوغ بإنشاء متحف يحمل اسمه ويضم اعماله ومقتنياته ورسائله. قامت فكرة انشاء المتحف حين قرر ابن اخ فان غوغ واسمه ايضاً فانسنت اهداء جميع اعمال عمه التي كانت بحوزة العائلة الى جمعية فان غوغ عام 1962. صمم المتحف المهندس المعماري الهولندي خيرت رتفيلد وتم افتتاحه عام 1973 حيث بلغ عدد الزوار في تلك السنة ستين ألف زائر. تألف المتحف حين انشائه من أربعة طوابق تضم قاعات مختلفة الأحجام والأشكال... وبعد مرور خمسة وعشرين عاماً على افتتاحه اضيفت إليه ثلاثة طوابق اخرى لاستيعاب النشاطات المختلفة التي يقدمها المتحف وخصصت قاعات للأعمال الزيتية وللتخطيطات والرسائل ايضاً. يضم المتحف اكثر اعمال فان غوغ شهرة وتتعدى المئتي لوحة زيتية وخمسمئة تخطيط وسبعمئة رسالة شخصية كان الفنان قد كتبها الى اصدقائه، غير ان غالبيتها كانت موجهة الى اخيه تيو. اضافة الى مقتنياته الشخصية من اعمال اصدقائه ومجايليه التي سبق للمتحف ان أقام لهم معارض شخصية امثال بيير بيفيه... دي شافان... رودون... فيليكس فالوتون... فرانس فون شتك... ألما تادما... موريس دوني وباول ستياك. يعد متحف فان غوغ الرقم واحد من حيث الأهمية وعدد الزوار وعدد المعارض التي يستضيفها... اذ بلغ عدد الزوار في سنة 2000 مليوناً وثلاثمئة ألف زائر غالبيتهم من السياح الأجانب. وفي محاولة من ادارة المتحف لإقامة معرض يشمل جميع اعمال فان غوغ، فقسم كبير منها موزع في متاحف العالم المختلفة، بدأ التحضير بالتعاون مع غاليريات لندن وواشنطن وباريس ونيويورك. وسينتقل المعرض في حال اقامته في البلدان الأوروبية وأميركا... واستعداداً لهذا فإن المتحف يحضر لإقامة معرض مشترك لأعمال غوغان وفان غوغ. وخلال تجوالنا في المتحف شاهدنا لوحتين ظننا أول الأمر انهما لفنانين مستشرقين، الأولى هي "شيخ عربي" للفنان هنري جوزيف والثانية "بريرنه" أو المرأة العارية للفنان غوستاف بولابجيه، فعدنا الى المسؤول في المتحف نسأله ما اذا كان شاهد اعمالاً لبعض الفنانين العرب المشهورين... أو قد تكون لديه خطة لاستضافة اعمال غير غربية فقال: "إن المتحف في صدد اقامة معرض في العام 2004 لأعمال الفنانين الذين استوحوا الشرق في اعمالهم تحت عنوان أوبرا الشرق". اما عن "اذن" فان غوغ التي نسجت حولها الكثير من القصص، خصوصاً تلك التي تقول ان امرأة قالت لفان غوغ ان اذنك جميلة فقام بقطعها وإرسالها الى تلك المرأة... فإننا عدنا مرة اخرى الى المسؤولين في المتحف املاً في الحصول على جواب شاف فقالوا: بحسب نظرية الباحثة الألمانية ريتا ولدخنس فإن غوغان هو الذي قطعها بعد مبارزة، إذ انه - بعد الحادثة - غادر الى باريس بشكل سريع جداً. هذا ما تستند إليه ريتا، لكن نحن نعتقد ان في ذلك مبالغة، لأن غوغان لم يغادر بتلك الطريقة المستعجلة. بل انتظر تيو شقيق فان غوغ وغادر معه الى باريس، كما ان الشرطة لم تشك بغوغان، والأهم من ذلك هو ان تيو نفسه لم شك بأن غوغان هو الفاعل. وقد جرت بعد الحادث مراسلات بين فان غوغ وغوغان ولم يشر فان غوغ الى هذا الأمر مطلقاً. المؤكد بالنسبة إلينا ان فان غوغ هو الذي قطع اذنه بيده بسبب اصابته بنوع من الصرع يتسبب في ايذاء النفس... المرض الذي اضطره الى دخول مستشفى سان ريميه.