ليس العرب وحدهم من اعتمدوا التقويم القمري "الهجري" الذي يبدأ اليوم سنته ال1423. كان الهنود والصينيون يستعملون التقويم نفسه الذي يتبع حركة القمر. وتعد السعودية من الدول القليلة في العالم، ان لم تكن الوحيدة، التي لا تزال تعتمد التقويم الهجري رسمياً وعملياً، علماً ان بعض القطاعات غير الحكومية باشرت منذ سنوات استخدام التقويم الميلادي ايضاً. وتنبع اهمية التقويم الهجري، إضافة إلى ارتباطه الوثيق بالتاريخ الاسلامي، من كونه يحدد أهم التواريخ الاسلامية مثل دخول شهر رمضان وبداية عيد الفطر وبداية شهر ذي الحجة وبداية شهر المحرم، أول أشهر السنة الهجرية. ويقول استاذ علم الفلك في جامعة الملك عبدالعزيز في جدة الدكتور ياسين المليكي ل"الحياة" ان الله عز وجل جعل القمر ساعة كونية دقيقة تحدد بها الاشهر والسنوات، إذ تكفي فيه رؤية الهلال لمعرفة انتهاء شهر ودخول شهر آخر. وتنقسم الشهور القمرية، يقول مليكي، إلى ثلاثة اقسام اهمها الشهر القمري الشرعي وهو المهم بالنسبة إلى المسلمين لأن فيه الفترة التي تبدأ من رؤية الهلال الجديد بعد غروب الشمس، رؤية شرعية صحيحة وتنتهي برؤية الهلال الجديد التالي بعد غروب الشمس أيضاً. فالأهلّة منزلة طور تلي منزلة الاقتران، وعليه فإن الشهر الشرعي يبدأ بعد ان يبدأ الشهر الاقتراني بساعات. وإضافة إلى الشهر القمري الشرعي هناك الشهر القمري النجمي الذي يعرف بالفترة الزمنية التي تبدأ من اقتران القمر بأحد النجوم البعيدة وتنتهي بالاقتران الذي يليه مع النجم نفسه. والشهر القمري الاقتراني يعبّر عن الفترة التي تبدأ من اقتران القمر والشمس في السماء وتنتهي بالاقتران الذي يليه، ويبلغ متوسط هذه الفترة 53،29 يوماً. وهو متوسط طول الاشهر القمرية التي لا تكون إلا 29 أو 30 يوماً. ويشير مليكي الى ان الشهر القمري الاقتراني يمتاز عن غيره بسهولة تحديد بدايته ونهايته بسبب التطور العلمي الحديث. ويقول إن العرب عرفوا الدورة النجمية للقمر التي يزيد طولها عن 27 يوماً. على ان التقويم العربي او الهجري لم يكن الوحيد الذي استعمله العرب. فقد أرّخ قسم من القبائل العربية منذ بنى النبي ابراهيم او ابنه اسماعيل الكعبة وأرّخ آخرون منذ انهيار سد مأرب. واتخذت قبائل اخرى من موت رؤسائها تاريخاً لها، لكن أشهر التقاويم التي أرّخ بها اهل مكة في الجاهلية وتبعتهم فيها غالبية القبائل العربية آنذاك هو تقويم عام الفيل. وسمي كذلك نسبة الى هجوم الملك الحبشي أبرهة عندما أراد هدم الكعبة. لكن هذا التقويم انتهى بعد اعتماد التقويم الاسلامي الهجري. وترجع فكرة التأريخ الهجري إلى الخليفة عمر بن الخطاب الذي جمع الصحابة في عهده للبحث في امر اصدار تقويم اسلامي تكون بدايته من حدث اسلامي كبير فاقترح بعض الصحابة مولد الرسول صلى الله عليه وسلّم بداية للتأريخ الهجري. واقترح آخرون وفاة الرسول، لكن عليّاً بن ابي طالب رضي الله عنه اقترح جعل بداية التاريخ الهجري من سنة هجرة الرسول من مكة المكرّمة الى المدينة المنوّرة وهو ما وافق عليه الصحابة وسمّي بالتاريخ الهجري.