"قناديل الريح" ديوان جديد للشاعر السعودي محمد باشراحيل صدر حديثاً عن "مؤسسة الانتشار العربي" في بيروت. ولعل عناوين الأجزاء الأربعة التي اندرجت فيها القصائد تدل على النزعة الوجدانية التي تشغل تجربة الشاعر وتقوده الى كتابة قصيدة فيها من المناجاة والتأمل ما فيها من الثورة والتمرد. والعناوين هي: منابر العجز، مساكب النفس، فضاء المحراب، مرافئ الدموع. قدّم الديوان الناقد محمد بن مريسي الحارثي استاذ النقد الأدبي في قسم الدراسات العليا العربية في جامعة أم القرى. والمقدمة عبارة عن قراءة نقدية في تجربة باشراحيل ككل وفي ديوانه. ويرى الحارثي ان "ربع قرن من الزمان بين اول ديوان شعري أصدره الدكتور عبدالله محمد صالح باشراحيل عام 1398ه - 1978م، وهو ديوان "معذبتي"، وبين هذا الديوان الخامس من إصداراته الشعرية "قناديل الريح" وبين هذا الديوان والديوان الأول صدرت للشاعر دواوين ثلاثة هي: ديوان "الهوى قدري" صدر عام 1400ه - 1980م، وديوان "النبع الظامئ"، وقد صدر عام 1406ه - 1986م، وديوان "الخوف" وكان صدوره عام 1408ه - 1988م. والراصد لشعر عبدالله باشراحيل يجد في الديوانين الأولين، بروز الملمح الرومانسي ثم اخذ يتدرج في التحول الى الواقعية" ولا أقصد الواقعية المذهب الأدبي، وإنما أهدف الى واقعية الحقيقة الكونية. هذا ما تلمحه على شعره في ديواني "النبع الظامئ"، و"الخوف" وما ظهر واضحاً في ديوانه هذا "قناديل الريح" وقد عرفت الشاعر عبدالله باشراحيل يختلف الى المنابر الشعرية منذ اكثر من ثلاثة عقود، وهي فترة كفيلة بأن تشهد تحولات فنية في مسيرة هذا الشاعر الإبداعية. ... ومن الملامح الأسلوبية ذات الحضور الواسع والملموس في شعر عبدالله ملمح وفرة بعض صيغ الأفعال في القصيدة الواحدة، وقد تركزت هذه الوفرة بشكل خاص حول الزمن الحاضر، يأتي بعد ذلك في الوفرة الماضي، فالمستقبل، وقد أشرنا في ما سبق الى ان باشراحيل شاعر مواجهة للمشكلات المعاصرة، وهذا ما جعل فعل المواجهة الآنية، فعل الزمن الحاضر يستأثر باهتمام الشاعر، وعندما يستثمر الشاعر فعل الزمن الماضي، فإن ذلك الاستثمار لا يعد هرباً من الحاضر، ومشكلاته، لأن في ذلك الاستثمار إسقاطاً على نفسية الشاعر المتوترة من مواجهة الحدث المعاصر، علّها تجد في الماضي شيئاً من زيادة الدفع الى المواجهة، واستنهاض مكامن القوة المختزنة في ذاكرة ما كان، وتفعيلها في ما يكون. ومن الظواهر الأسلوبية ذات الملمح الوفير أيضاً، ظاهرة التكرار. وللتكرار مواضع يحسن فيها، ومواضع يقبح فيها، وأكثر ما يقع في الألفاظ دون المعاني، تدفع الى ظهوره قوة العاطفة، وحدتها، واندفاعها نحو الأعلى في تواترها، وتفاعلها مع الحدث، لذلك يكون التكرار دافعاً من دوافع الاستجابة للحدث، على جهة التشوق، والاستعذاب، والتعظيم، والتنويه، والإشادة بالشيء...".