سوف يبقى العاشر من آذار مارس الجاري محفوراً في ذاكرة التوانسة طويلاً. فهم استيقظوا صباحاً على أولى قطرات المطر بعد انحباس دام اربعة اعوام كاملة ثم رفع الملعب التونسي في المساء الكأس الأخيرة لبطولة الأمير فيصل بن فهد للأندية العربية المتوجة بالكؤوس إثر تغلبه على الهلال السوداني بثلاثة اهداف لمحمد السليتي 7 و41 ومهدي الزنايدي 25 في مقابل هدف لحمد كمال 40. وعادت البسمة إلى أحباء "البقلاوة" بعد عثرة البدايات واستعادة التوانسة ثقتهم في ابنائهم بعد الخيبات القارية الأخيرة. ودفع الملعب التونسي مليون دولار في الانتدابات المحلية والاستعدادات التنظيمية للكأس العربية، فتوّج بطلاً باللقب الأخير بعد ان كان رفع الكأس الأول عام 1989، وتحصّل على 50 ألف دولار جائزة مالية. ونال قائده "العجوز" جمال الدين الإمام كأس افضل لاعب في الدورة، ولاعبه الشاب بسام الدعاسي لقب افضل هداف... والأهم من ذلك اقتطع بطاقة العبور الى البطولة العربية الموحدة المقررة صيف 2002 في فاس. وبجردة حساب بسيطة، فإن المعادلة ما بين عمليتي المصاريف والمداخيل غير متوازنة، لكن الإصرار التونسي على التهام العشاء الأخير تجاوز بكثير لغة الأرقام وعناء الحسابات. فهذه الكأس جاءت لتداوي الجرح التونسي النازف وتعيد بريق الأمل في الظهور بوجه المشرف في المونديال والأهم من ذلك أعلنت ميلاد جيل كروي جديد يمكنه ان يصنع العجب لو لم يتمكله الغرور وتهزمه اللذات العابرة. جائزة ال50 الف دولار لا تمثل سوى الخمس من قيمة صفقة انتقال اللاعب عدلان البوغالي من النادي البنزرتي الى الملعب التونسي، ولا تبدو شيئاً مهماً امام المليون دولار الذي عرض من اجل الفوز بصانع ألعاب "البقلاوة" اسامة السلامي، لكن السلامي والبوغالي والهدافين حمد السليتي والدعاسي صنعوا ربيع الملعب. كانت هذه الدورة بامتياز، دورة "دجو" او جمال الدين الإمام قائد الملعب التونسي والابن المدلل لضاحية باردو الذي جاب ارض الله الواسعة من نادي لياج البلجيكي الى الدوري السعودي. واكتشف التوانسة اللاعب العربي المتميز نواف التمياط على الطبيعة. عموماً، ماتت كأس الكؤوس العربية ودخلت التاريخ، لكنها خلفت اسئلة مهمة: كيف ستكون البطولة الموحدة إذا لم يحصل الاتفاق المنشود بين الاتحاد العربي والشركة المستثمرة الموعودة؟ وكيف ننسق لقاءاتنا العربية مع الأجندات المحلية والإقليمية ونعطيها من الصدقية ما يجعل الاتحاد الدولي يعترف بها؟ وكيف نغادر نزعتنا الوفاقية وبحثنا عن ترضية الجميع في كؤوسنا وجوائزنا وننسى نادي الشهداء "الأقصى الفلسطيني" الذي لم يجتمع سوى قبل اسبوعين من بدء البطولة، خصوصاً انه الوحيد الذي فاز على الملعب التونسي وزرع شوكة في لقبه الأخير؟