ماذا لو كان العراق يمتلك صواريخ مضادة للطائرات، وأخرى مضادة للصواريخ متطورة جداً، بحيث يمكنها إسقاط أية طائرة معادية مهما كانت سرعتها ومهما كانت امكاناتها الالكترونية المزودة بها، ومهما كان الارتفاع الذي تحلّق عليه شاهقاً؟ فهل كانت الولاياتالمتحدة تجرؤ على توجيه مثل هذه الضربة العسكرية التي تتوعد العراق بها؟ ولو تجرّأت وأقدمت على مثل هذه الضربة العسكرية، فهل كانت هذه الضربة ستنجح؟ وماذا لو كان العراق يمتلك صواريخ عابرة للقارات بعيدة المدى، ومزوّدة برؤوس نووية؟ فهل كانت الولاياتالمتحدة تهدد وتتوعّد بتوجيه مثل تلك الضربة التي تهدد بها؟ ولو فعلاً حدث مثل تلك الضربة فماذا كان يمكن ان تجرّ الولاياتالمتحدة على نفسها من ويلات؟ وماذا لو كانت بعض الدول العربية، مثل مصر وسورية، دولاً نووية، وتملك تكنولوجيا عسكرية متطورة جداً، فهل كانت اسرائيل تفعل ما تفعله بالفلسطينيين؟ وهل كان احتلال اليهود لفلسطين مستمراً؟ وماذا لو كانت باكستان دولة ذات اقتصاد قوي، وكان معدّل دخل الفرد الباكستاني السنوي يعادل معدل دخل الفرد في أوروبا أو أميركا، وكانت في الوقت نفسه لا تملك قوة نووية، ولا جيشاً كبيراً مدرّباً ومجهّزاً، وإنما كان جيشها صغيراً فقيراً؟ هل كانت باكستان تقف في مواجهة عدوتها التقليدية الهند، صاحبة القوة النووية والجيش العرمرم؟ وهل كانت باكستان تجرؤ على المطالبة بكشمير بقوة؟ ان اليابان، وهي دولة كبرى وصاحبة ثاني اكبر اقتصاد في العالم بعد الولاياتالمتحدة، غير قادرة على المطالبة بجزء أرخبيل الكوريل التي احتلتها روسيا الاتحاد السوفياتي آنذاك في الحرب العالمية الثانية. بل ان روسيا ما زالت تحتل اجزاء من الصين الشعبية، وغير مستعدة اي روسيا لإعادة هذه المناطق او هذه الأجزاء الى الصين، ولا حتى لمناقشة هذا الموضوع مع جارتها الصين، مع ان الصين تملك دخلاً قومياً يعادل حوالي ثمانية اضعاف الدخل القومي لروسيا الاتحادية. لقد كان على الدول العربية والاسلامية ان تهتم بقدراتها العسكرية، والتركيز على الكيف والنوع وليس على الكمّ والعدد. وكان يجب على بلاد العرب والمسلمين ان تعتمد على نفسها وعلى قدراتها الذاتية في تطوير وتصنيع اسلحتها، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وربما التصدير لدول اخرى لجلب العملة الصعبة، لا سيما في مجال تكنولوجيا الصواريخ. ان تجارة الصواريخ ارض - ارض هي مصدر دخل هامّ لدولة مثل كوريا الشمالية، تماماً مثل النفط. فالدول العربية والاسلامية لن تستطيع تحقيق السلام لنفسها إلا اذا كانت مستعدة للحرب. ولن تكون على استعداد للحرب إلا اذا امتلكت توازناً في الردع، وتوازناً في القوة العسكرية في شتى انواعها. وإذا كان اعداؤنا لديهم طائرات حربية متطورة جداً لا نملكها مثلاً، فعلينا ان نطوّر صواريخ مضادة لها، فعالة ومؤثرة، وأن نحيّد فاعلية هذه الطائرات في المعركة. فالولاياتالمتحدة لا يمكنها ان تقصف بطائراتها الحربية وقاذفاتها العمق الروسي من دون ان يتم اسقاطها. والولاياتالمتحدة تعي ذلك تماماً. وسورية تحاول، جاهدة، الحصول على صواريخ اس.اس300، المضادة للطائرات والصواريخ، وهي تتفوق على صواريخ "باتريوت" الاميركية، من روسيا. وإلى الآن لم توافق روسيا على تزويدها بها، وذلك لاعتراض اسرائيل الشديد على هذه الصفقة. ثم، ان شراء الاسلحة، في معظمها، من مثل هذه الدول يحتاج الى العملة الصعبة.وهذا يؤثر على اقتصادات الدول المشترية لها. فلا مفرّ ولا بد للدول العربية والاسلامية من الاعتماد على نفسها في جلّ ما تحتاج اليه من اسلحة. ومع الايام والسنين ستصل الى مستوى متطور ومعتبر في هذا المجال. ولكن، مرة اخرى، على الشعوب ان تعي وتتفهّم هذا الأمر، وتقبل بالتضحية بشيء من رفاهيتها مقابل قدرتها على التصدي للتحديات المصيرية التي تواجهها من قبل الأعداء والطامعين. فهلاّ نحن على قدر المسؤولية؟ كاليفورنيا - محمد أمين سلامة