الصفر السياسي، وأفول حلول التسوية، وفشل مهمة زيني، وإعادة احتلال المدن والقرى الفلسطينية وحصارها، تلك هي صورة الوضع الفلسطيني. حرب عدوانية مكشوفة يخوضها شارون ومؤسسته العسكرية ضد الشعب والسلطة الفلسطينية ورئيسها ياسر عرفات. ولن تكون الأولى أو الأخيرة، فهي امتداد لحرب صهيون منذ مئة عام ونيف. رمز السلطة الفلسطينية ياسر عرفات محاصر في رام الله، والدبابات الاسرائيلية على بعد أمتار من مقرّه، ورائحة البارود والغاز المسيل للدموع تدخل نوافذ مكتبه. إنه الوضع العسكري وسياسة القضم لمناطق أ وب وج وتدمير مبنى الاذاعة الفلسطينية شاهد على جنازة التسويات والاتفاقات السابقة. وكما عبّر ديفيد بن غوريون، عام 1947، إنها دولة اليهود. بمعنى أنه لن يكون هناك عربي في اسرائيل. وهو ما يجسده شارون على الأرض عبر حلمه الصهيوني بيهودية الدولة والوطن البديل، أي الاردن، مع مواصلة "الترانسفير" الترحيل القسري للفلسطينيين بواسطة سياسة القتل وتدمير المنازل. ومنذ 1993 - عام اغتيال الانتفاضة الأولى - بداية عملية سياسية ضبابية مخادعة ضد حقوق الشعب الفلسطيني، بواسطة اتفاقات أوسلو، وما تلاها من أسماء اتفاقات وتفاهمات بين السلطة الفلسطينية وحكومات اسرائيل الأربع. العام 2001 الانتفاضة الثانية، إنها انتفاضة الاستقلال، وأسميها انتفاضة العقل والوعي الفلسطيني. تجارب الماضي القريب خرج منها الشعب الفلسطيني وقواه الوطنية بنتائج مؤكدة، وأهمها أنه لا التسويات أو الاتفاقات السابقة قدمت أو ستقدّم الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني. العام 2002 الانتفاضة مستمرة، وتواجه موجات احتلالية مواقعية يومية للجيش الاسرائىلي، وبالاسلحة المتنوّعة: جوية وبحرية وبرية. اليوم الضفة الغربية وقطاع غزة يخضعان لحصار عسكري مطبق. المأساة عظيمة لجهة الخسائر البشرية، مع تدمير شبه كامل لكل البنى التحتية للمجتمع الفلسطيني. حرب طاولت الجميع من دون استثناء. وعلى هذه النتائج، علينا تفحّص مجمل سياستنا الفلسطينية والى ما أدّت اليه من نتائج سلبية على مجمل الحال الفلسطينية أولاً، وان نعرف مواطن أخطائنا حتى يصار إلى علاجها، اليوم وقبل الغد .... لماذا تصرّ السلطة الفلسطينية ورئيسها على العمل السياسي التفاوضي بعيداً عن الأضواء؟ إن كانت السلطة الفلسطينية موافقة على ورقة عمل قد تعدل إسرائىلياً حتماً لا تؤدي الى دولة أو حدود، أو الى القدس، وحل قضية اللاجئين، والى تعاون أمني مفتوح مع اسرائيل، فما الذي يمكن شارون وأميركا ان تقدّمه؟ صحيح ان 11 ايلول سبتمبر أطلق يد الولاياتالمتحدة ضد دول العالم، ورفع شعار من ليس معنا فهو ضدنا، الارهاب الدولي واستئصاله، الى آخر ما هناك داخل جعبة العم سام وأقوى آلة عسكرية في العالم، وصحيح ان شارون استعاد قوته من جديد بعد ان وصل الضغط الدولي وحتى الاميركي جزئياً الى قريب من الذروة لجهة ان تقوم دولة فلسطينية مستقلة، وبحدود واضحة وبعاصمة قدسية، وان يتم الوصول الى حل عادل للاجئين الفلسطينيين وبدأ حربه المجنونة الاستعمارية، لا بل الواعية لاستكمال حرب التحرير التي بدأت عام 1947 قيام دولة اسرائيل الاستعمارية. أميركا واسرائيل يطلبان علناً: إنهاء الانتفاضة بكل أشكالها، اعتقال كل المقاومة، بما فيها "فتح"، وسجن الجميع بعد تدمير كل البنى التحتية أو معظمها للسلطة من مقرات ومواقع، ومنها مقر الاذاعة الفلسطينية. أوروبا، روسيا، الصين، اليابان، الدول العربية لا تنديد لا شجب، بل تأكيد ضمني وذعر عربي واضح. إنه صمت الحملان. وحتى تمّ الاتفاق على عقد مؤتمر القمة العربي، 45 يوماً مشاورات وجولات مكوكية لأمين الجامعة العربية، لاقناع القادة العرب بضرورة عقد القمة العربية، وتحت عنوان استنهاض الشعوب والحكومات العربية، واستعادة التأييد الدولي من أوروبا الى آسيا. ولن يتحقق ذلك الا عبر موقف فلسطيني موحد القوى والرؤى السياسية والنضالية، يجمع بين التوازن الدولي ودحر الاحتلال مستنهضاً الدور العربي. الحال الفلسطينية اليوم تتطلب إعلان التعبئة الوطنية الشاملة والتصدي للعدوان الاسرائيلي الوحشي، عدوان حكومة رئيسها وأعضاؤها قتلة وقطاع طرق. على الرئيس عرفات حماية البيت الفلسطيني الداخلي برسالة يوجهها فوراً لكل القوى وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية لتشكل جبهة وطنية امتدادها الشعب الفلسطيني، وعمقها الشعب العربي، وتمتلك البرنامج النضالي السياسي والعسكري الذي يمكن الانتفاضة من الاستمرار وحتى دحر الاحتلال عن الأرض الفلسطينية. البيت الفلسطيني المنيع هو الضامن للحقوق الوطنية وتحقيقها. وهو الرسالة الأقوى للزعماء العرب عند عقد مؤتمرهم في بيروت. دمشق - أحمد الحاج صحافي فلسطيني مقيم