كثّفت الولاياتالمتحدة مساعيها لترتيب المسرح السياسي والميداني لتقبّل الضربة الاميركية للعراق. وتركّز المساعي الاميركية على "تغيير النظام العراقي بدلاً من احتوائه". لذلك فإن الاتصالات التي تجريها الادارة الاميركية تهتم بهدفين: الاول تحقيق اقصى مقدار من الاجماع بين فصائل المعارضة العراقية بما فيها التنظيمات غير المنضوية في "المؤتمر الوطني العراقي" او التي انشقّت عنه او جمّدت نشاطها فيه. والهدف الثاني تطمين دول الجوار الى عزم الادارة على "معركة حاسمة" مع النظام العراقي عندما يحين وقتها. وتشير الاتصالات التي اجرتها الولاياتالمتحدة مع المعارضين العراقيين الى وجود اكثر من قناة للتشاور والتنسيق والعمل في الادارة تسعى الى تجميع الرموز السياسية المعارضة خارج "المؤتمر" من جهة، والعمل لربط العسكريين العراقيين الموزّعين في اكثر من مركز سياسي وعاصمة اقليمية. وعلمت "الحياة" من اوساط عراقية اجرت معها واشنطن مشاورات اخيراً ان الادارة طلبت "التأهب لتنفيذ عمل في وقت قريب". وعرضت على المعارضين مجموعة من الخيارات والاسماء المرشحة للعب دور سياسي في النظام المقبل في العراق، واخذت علماً بتحفّظات معارضين عن عناصر عسكرية وسياسية رشّحتها الادارة. وتركز احدى قنوات التنسيق التي ينشط في وسطها السفير الاميركي المخضرم ديفيد ماك نائب رئيس معهد الشرق الاوسط حالياً، على تجميع اكبر عدد من الضباط السابقين في الجيش العراقي. وتفيد مصادر المعارضة ان اكثر من حلقة من هؤلاء تجري مشاورات بينها، وعقد قسم آخر اجتماعات في الولاياتالمتحدة وبريطانيا. وترغب الادارة في استقطاب العسكريين الى مجموعة من السياسيين المستقلين الذين بقوا خارج مظلة "المؤتمر الوطني" لاسباب مختلفة، وربطهم معاً لتوسيع القاعدة السياسية والشعبية للبديل المنتظر للنظام الحالي. ورشحت من معنيين بهذا المسعى اسماء ضباط مثل الفريق نزار الخزرجي واللواء حسن مصطفى النقيب ومدنيين مثل مضر شوكت وممثل عن عائلة مولود مخلص التكريتية التي تعرضت لحملة تصفية قاسية منتصف التسعينات اثر اتهام النظام لها بنشاط انقلابي. وابلغت الولاياتالمتحدة قيادتي الحزبين الديموقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال طالباني ان سياستها في عهد الرئيس جورج بوش "لا تشبه ما قبلها والادارة عندما تتحدث عن تغيير في العراق تعني بالضبط ما تقول". وعملت واشنطن لتبديد الشكوك الكردية حيال السياسة الاميركية والمخاوف من "مغامرة" اميركية قد تفضي الى تعميق مأساة الاكراد.