صعَّدت إيران مع الولاياتالمتحدة، ولوّحت بأن واشنطن "ستدفع الثمن غالياً" إذا تصرفت "بطريقة بعيدة عن التعقل"، في إطار الحملة على الإرهاب. جاء هذا الموقف رداً على التحذيرات المتكررة التي أطلقها الرئيس جورج بوش، واعتباره إيران والعراق وكوريا الشمالية ضمن "محور الشر". في الوقت ذاته شاهدت "الحياة" طيارين وضباطاً من جنسيات أوروبية يتوجهون إلى أفغانستان عبر الأراضي الإيرانية. ونقلت وكالة "فرانس برس" عن مساعد وزير الخارجية الإيراني علي أهاني قوله في مقابلة نشرتها أمس صحيفة "سوديوتش زيتونغ" الألمانية: "لا نجد أي مبرر لشن هجوم علينا، وإذا تصرفت الولاياتالمتحدة بطريقة غير متعقلة ستدفع الثمن غالياً". واعتبر أن الرئيس بوش أدلى ب"تصريحات غير مسؤولة" في الخطاب الذي ألقاه الثلثاء الماضي أمام الكونغرس. وأضاف: "الناس في إيران غاضبون، وهذا سيعزز الوحدة الوطنية، إذ لا يمكن أي إيراني أياً يكن الموقف الذي يتبناه أن يقبل بمثل هذه الاتهامات". معروف أن الرئيس الأميركي لمح إلى احتمال اعتبار إيران والعراق وكوريا الشمالية أهدافاً في الحملة لمكافحة الإرهاب، بسبب "سعيها إلى امتلاك أسلحة دمار شامل". وأصدرت الغالبية الاصلاحية في مجلس الشورى البرلمان الإيراني أمس بياناً حمل بعنف على الرئيس الأميركي، مندداً بتحذيراته التي "تضيف صفحة سوداء جديدة إلى كتاب الحسابات الخاطئة للولايات المتحدة" في تعاملها مع طهران. وشدد البيان الذي أيده المحافظون، على أن "الشعب الإيراني لن يسمح بأي عدوان ويعرف كيف يقاومه". وكان مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران آية الله علي خامنئي وصف بوش بأنه "متعطش للدماء"، فيما اعتبر الرئيس محمد خاتمي أن تحذيراته "مهينة وتدق طبول الحرب". وشدد النواب أمس على أن "رهان الإدارة الأميركية على وجود خلافات داخلية في إيران، رهان فاشل"، مؤكدين أن الجميع محافظين وإصلاحيين سيقفون "كسد حديد في وجه أي اجراء ضد إيران". أما رئيس البرلمان مهدي كروبي فوصف تحذيرات بوش بأنها "وقحة". وقال إن طهران "لا تخشى تهديداته". الضباط الأوروبيون وفي جولة على بعض الفنادق في مدينة مشهد في محافظة خراسان الإيرانية على الحدود مع أفغانستان، شاهدت "الحياة" طيارين وضباطاً من جنسيات أجنبية معظمها أوروبي. ويعبر هؤلاء إلى أفغانستان عبر الأراضي الإيرانية، ورفضوا الافصاح عن طبيعة مهمتهم رداً على أسئلة "الحياة"، فيما ذكر عاملون في أحد تلك الفنادق أن "عشرات من الطيارين والضباط من جنسيات مختلفة يتوجهون يومياً إلى نقطة دو قارون الحدودية الإيرانية المحاذية لولاية هرات الأفغانية، ومنها يكملون طريقهم إلى أفغانستان". وتوضح هذه المعطيات أن إيران سمحت لعناصر القوات المتعددة الجنسية باستخدام أراضيها للوصول إلى أفغانستان، ما يشكل تعاوناً مع مهمة هذه القوات على رغم القلق الإيراني من احتمال بقاء القوات الأجنبية، خصوصاً الأميركية والبريطانية في ذلك البلد. لكن الأوساط الإيرانية تراهن على أن هذا الوجود موقت. وتبعد مدينة مشهد عن الحدود الأفغانية مسافة ثلاثمئة كيلومتر، حتى دو قارون التي تعتبر نقطة العبور الجمركية الرسمية الوحيدة بين إيرانوأفغانستان، وتفصلها عن مدينة هرات مركز محافظة هرات مسافة 120 كيلومتراً. وتملك إيران حدوداً طويلة مع أفغانستان تصل إلى تسعمئة كيلومتر، وهي مقفلة منذ بداية الحرب الأميركية في أفغانستان، منعاً لتسلل عناصر من حركة "طالبان" أو تنظيم "القاعدة". وتشهد هذه المنطقة اجراءات أمنية مشددة، ولا تسمح السلطات الإيرانية بالعبور إلى أفغانستان إلا لمن يحملون تأشيرات دخول افغانية.