حرصت أوساط القرار الايراني على تحويل التظاهرات في ذكرى انتصار الثورة الى اقوى رد شعبي على التهديدات الاميركية ضد ايران. وترافق ذلك مع توعد من القادة السياسيين والعسكريين الايرانيين برد قاس لا تتصوره اسرائىل والولاياتالمتحدة، اذا هوجمت ايران. لكن ابواب التهدئة ظلت مفتوحة وأبرزها اقفال مكاتب زعيم الحزب الاسلامي الافغاني قلب الدين حكمتيار المعارض للحكومة الافغانية الموقتة والذي يهدد بالحرب ضد القوات الاميركية، ويبقى مصير بقاء حكمتيار في ايران مرتبطاً بمدى التزامه بضوابطها. رمى المسؤولون الايرانيون بكل ثقلهم في حشد الرأي العام الايراني للمشاركة في التظاهرات السنوية في ذكرى انتصار الثورة الاسلامية عام 1979، وذلك من اجل تحويل هذه المناسبة الى اقوى رد شعبي على التهديدات الاميركية لايران، والتي قال عنها الرئىس الايراني محمد خاتمي "بأنها شكلت اهانة كبرى للشعب الايراني وثورته". ودخل على خط الحشد مرشد الجمهورية الاسلامية آية الله علي خامنئي ووزير الخارجية كمال خرازي، وقادة الحرس الثوري وبقية المسؤولين في التيارين الاصلاحي والمحافظ. وقال المرشد خامنئي: "إن المسؤولين وأبناء الشعب سيقفون جنباً الى جنب في التظاهرات كي يردوا رداً حازماً وقوياً على الاعداء". ورأى في مواقف الرئىس الاميركي جورج بوش ضد ايران ولغة التهديد التي استخدمها بأنها تشكل "دليلاً على حال اليأس والاحباط التي اصيب بها الاعداء بعدما استنفذوا استخدام الاساليب السياسية والأمنية والتحريضية ضد ايران". ورأى "ان احد الاهداف التي تسعى الادارة الاميركية الى بلوغها هي القاء الرعب في صفوف الشعب والمسؤولين، وايجاد ثغرة في جدارهم المرصوص، ولذا تتصف تظاهرات اليوم الاثنين بأهمية مصيرية". وكان الرئىس محمد خاتمي دعا الايرانيين الى تسجيل اكبر مشاركة في التظاهرات للرد على "المواقف المهينة التي صدرت ضد الشعب الايراني وثورته" من الادارة الاميركية. وبدت الديبلوماسية الايرانية بحاجة الى دعم شعبي لتقوية موقفها بوجه الادارة الاميركية وهو ما عبر عنه كمال خرازي وزير الخارجية حين اعتبر "ان الجمهورية الاسلامية ستتصدى لكل التهديدات الاجنبية ولن تسمح بالمساس بانجازات الثورة، وذلك بالاستناد الى الدين الاسلامي ودعم الجماهير وهو دعم من شأنه ان يدفع الاعداء الى الاحباط". ووجه نواب الاقليات الدينية في البرلمان الايراني انتقادات حادة الى الرئىس الاميركي جورج بوش. وقال النائب الارميني جورج البراميان انه لا يحق للرئىس الاميركي ان ينصب نفسه عمدة على القرية العالمية عبر التحدث باسم احرار العالم، وكيل التهم ضد ايران بحجة انها راعية للارهاب. وأضاف: "ان ادعاءات بوش مردها الى عدم خضوع ايران للهيمنة والغطرسة الاميركية، وان واشنطن تهدف من وراء التصعيد الاعلامي، الى جر طهران الى طاولة المفاوضات لاقامة علاقات معها". واستغلت الاوساط العسكرية هذه التعبئة الجماهيرية للمطالبة بزيادة المقدرات الايرانية نظراً لازدياد حجم التهديدات الاميركية وفقاً لما قاله الحرس الثوري، الذي اعتبر ان "الاعتداءات وإثارة الازمات ضد ايران من جانب الادارة الاميركية واللوبي الصهيوني، هي سياسة متواصلة منذ انتصار الثورة الاسلامية". ويركز المسؤولون الايرانيون على ان يكون ردهم على التهديدات الاميركية رداً جماهيرياً وديبلوماسياً مع الاحتفاظ بالتوعد برد عسكري قاس في حال هوجمت ايران من جانب القوات الاميركية او الاسرائىلية. ويأتي التركيز على الرد الجماهيري وسط مخاوف ايرانية من محاولة واشنطن الانقضاض على النظام الاسلامي في ايران ودعم اعادة الملكية، خصوصاً وان الادارة الاميركية استطاعت اعادة انصار الملك ظاهر شاه الى الحكم في افغانستان بعد اكثر من عقدين على زوال حكمه. حكمتيار وفي الوقت نفسه، ظلت ابواب التهدئة مفتوحة مع واشنطن للتقليل من التشنج بما يخص الوضع الافغاني. وجاءت الخطوة الايرانية في اقفال مكاتب قلب الدين حكمتيار زعيم "الحزب الاسلامي" الافغاني المعارض للوجود الاميركي في افغانستان، بمثابة دعم للحكومة الافغانية الموقتة برئاسة حميد كارزاي، في وقت تتهم واشنطنطهران بالعمل على زعزعة الاستقرار في افغانستان، وعرقلة عمل الحكومة الموقتة. وكان حكمتيار اتخذ مواقف تصعيدية ضد الوجود الاجنبي في افغانستان وخصوصاً الوجود العسكري الاميركي، وهدد ببدء قتال ضد تلك القوات، كما وجه انتقادات حادة لحكومة كارزاي. وما زال حكمتيار يتواجد في منزله في شمال العاصمة طهران وسط جدل في الوسط السياسي وداخل اروقة البرلمان حول قضية السماح له بالبقاء في ايران او اخراجه منها. وأكدت مصادر ايرانية مقربة الى الحكومة ل"الحياة" أن الامر "مرتبط بمدى التزام حكمتيار بالضوابط الايرانية، في هذه المرحلة الحساسة". وكانت الحكومة وجهت انذاراً الى زعيم الحزب الاسلامي بعدما اثارت مواقفه التصعيدية ضد الحكومة الافغانية الموقتة والتلويح بالقتال ضد الوجود الاجنبي، انزعاجاً لدى اوساط المسؤولين في ظل التهديدات والضغوط الاميركية على ايران. وطالب النائب احمد بورقاني الناطق باسم الهيئة الرئاسية للبرلمان الاصلاحي، بالعمل على اخراج حكمتيار من ايران، لكن عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان النائب حسن قشقاوي رفض هذه الدعوة واعتبر "ان مجرد حضور شخص كضيف على ايران لا يعني اننا نعارض الحكومة الافغانية"، مشيراً الى "ان الولاياتالمتحدة والدول الاوروبية اصبحت ملجأ لكثير من الشخصيات المعارضة التي تمارس نشاطاً سياسياً في تلك الدول". وأضاف: "ان الولاياتالمتحدة تبحث عن اي ذريعة للوقوف ضد ايران ولا ينبغي ان نقع اسرى هذه الذرائع". لكنه اوضح انه وفي حال قيام اي ضيف ويقصد حكمتيار بما من شأنه الاضرار بالأمن القومي فيجب اخراجه من ايران.