بعد ثمانية شهور من السماح للمواطنين باستيراد السيارات لا تزال السوق السورية في حال من القلق وعدم الاستقرار نظراً الى تغيّر القوانين والقرارات التي صدرت خلال الفترة الماضية وتعديلها باستمرار. ويقول العاملون في تجارة السيارات ان هذه القرارات حلّت جزءاً من المشكلة لكن حلّ المشكلة النهائي في حاجة الى قرارات كثيرة. أما الاسعار فحافظ على ارتفاعها فيما حافظت السوق على جمودها بانتظار مشروع "القانون الموحد للسيارات" ولم تسهم القرارات الجديدة حتى الآن في اعطاء صورة واضحة عن وضع السوق بل على العكس ادت الى تجميد السوق لعدم وضوحها وتعدد التفسيرات وعدم التنفيذ من قبل المؤسسات المختصة. ولا تزال لوحات السيارات أشبه ب"قوس قزح" فهي تحوي عدداً هائلاً من الالوان التي تتنوع بتنوع انظمة الاستيراد والاستثناءات منها: الازرق والابيض لسيارات الايجار من دون سائق، والازرق لسيارات الايجار مع سائق، والاصفر البرتقالي لسيارات الادخال الموقت، والبيضاء مع خط احمر للسيارات الديبلوماسية، والزرقاء مع خط احمر للمنظمات الدولية، واللوحات الحمراء لسيارات التاكسي، واللون الاخضر للسيارات التابعة للجيش. وكانت القرارات المتعلقة باستيراد السيارات واستبدالها توالت بعد السماح بالاستيراد بعد اكثر من 35 عاماً من التأميم حتى فاق عددها سبعة قرارات منها تعديل ينص على اعتماد سعر صرف 23 ليرة سورية للدولار الاميركي بدلاً من 46 ليرة وتحديد قيمة السيارة على اساس القيمة الحقيقية عند وضعها في الاستهلاك المحلي. وبعد شهور عدة صدرت تعليمات جديدة لتطبيق القانون 18 لعام 1987 الخاص بفرض رسم الانفاق الاستهلاكي على شراء السيارات القديمة وخفض قيمته بنسبة 75 في المئة عند اعتماد سنة الصنع ومن ثم اصدرت مديرية الجمارك العامة تعليماتها بشأن تسعير السيارات السياحية على اساس اعتماد الاسعار الواردة بمجلة "شفاكليست" مصدراً لاسعار جميع السيارات. وينتقد البعض هذه الطريقة ذلك ان الاعتماد على اسعار مجلة المانية في تسعير السيارات في سورية امر غير دقيق لأن المجلة "مصممة لتناسب ظروف المواطن الالماني". ويتساءل البعض لماذا لا يتم التسعير كما في كل دول العالم بناء على اسعار الشركات الام وبتعهد دقتها من الشركة الوكيل. يذكر ان اسعار السيارات في السوق السورية تساوي خمسة اضعاف سعرها في بلد المنشأ والدول الاخرى. ويبلغ عدد السيارات العاملة على الطرقات السورية نحو 870 الف سيارة تعود اعمار ما لا يقل عن عشرة في المئة منها الى عام 1960 وما دون. ويقول أحد اصحاب محلات بيع السيارات "في بورصة السيارات ليس هناك وقت. القوانين تتغير وعلينا ملاحقتها في صورة مستمرة. استيقظ الساعة السابعة صباحاً من كل يوم وأول شيء أفعله هو انني افتح الجريدة واضعاً يدي على قلبي خوفاً من صدور اي قانون مفاجئ يلغي كل ما عملناه ونظمّناه". يضيف: "نحن تجار السيارات في قلق دائم. قبل فترة استيقظنا فإذا بالدولار الجمركي للسيارات 46 ليرة سورية ثم فجأة 23 ليرة ثم عاد الى 46 ليرة سورية وهناك دائماً اشاعات عن تخفيض الرسوم. نتمنى ذلك ولكن هذه الاشاعات تجمد الاسواق. الناس لا يشترون ونحن ايضاً نتوقف. لدينا سيارات في المنطقة الحرة لا نعلم هل نجمركها ام لا ام ننتظر شهراً او اكثر". وذكرت صحيفة "تشرين" ان "هذه القرارات جميعها دمجت في مشروع قانون واحد يتضمن تعديلات واضافات جديدة غير ان مشروع القانون الجديد لن يقفل باب النقاش لأنه يحوي على الكثير من النقاط المثيرة للجدل. وبعد صدوره سيكتشف القائمون عليه انه بحاجة للتعديل وتعود القصة الى المسلسل المكسيكي ذاته". واضافت الصحيفة "ان مؤسسة للسيارات تعتبر الدور الذي ستأخذه وفقاً لهذا القانون مهماً لم يطلب رأيها ولا مقترحاتها ولا تعلم شيئاً هي الاخرى عن تفاصيل المشروع".