كان هناك رجلٌ يعيش مع زوجته وابنته الوحيدة مها في قرية قريبة من احدى الغابات. وذات يوم طلبت مها من والديها أن يأذنا لها بالذهاب الى الغابة في نزهة قصيرة، فقالت لها أمها: - اذهبي يا ابنتي مع رفيقاتك. لكن اياك ان تبتعدي عنهن. واياك ان تتقدمي الى داخل الغابة. ففي داخل الغابة توجد الحيوانات المفترسة. وذهبت البنات الصغيرات الى الغابة وبدأن باللعب واللهو. ونسيت مها وصيّة أُمها فراحت تمشي في الغابة حتى وجدت نفسها وحيدة بين الأشجار وبعيدة عن رفيقاتها. وانتبهت الرفيقات لغياب مها فرحن يُنادينها: - مها... مها... مها... أين أنت؟ أين اختفيت؟ عودي بسرعة... ولم تردُّ مها على نداء رفيقاتها لأنها كانت قد أضاعت الطريق، وسارت داخل الغابة طويلاً طويلاً. واهتدت مها أخيراً الى كوخٍ مصنوعٍ من جذوع الأشجار، فاقتربت من الكوخ وطرقت بابه: طق... طق... طق. فلم يفتح لها أحد. ولم تسمع أي صوت يأتي من داخل البيت، عندها دفعت مها الباب بيدها ودخلت. وشاهدت مها مقعداً خشبياً في زاوية البيت فجلست عليه. كان البيت الذي دخلت اليه مها هو بيت الدب! وكانت مها متعبة جداً. فغفت وهي جالسة على المقعد في بيت الدب ولم تستيقظ إلا عندما جاء الدب في المساء. شاهد الدب مها في بيته ففرح فرحاً شديداً وقال لها: - أهلاً... أهلاً... سوف تقيمين هنا في بيتي ولن أدعك تذهبين أبداً. قالت مها باكية: - أرجوك أيها الدب ساعدني في العودة الى أهلي وسيكافئونك مكافأة كبيرة. قال الدب: - لا. لا. ستبقين في هذا البيت تُنظفينه وترتبينه كل يوم. ولن تخرجي منه إلا بإذن مني... وإياك والهرب! فأينما ذهبت في هذه الغابة سأعثر عليك وأعيدك الى هنا... هذا إذا لم تأكلك الوحوش المفترسة. وهكذا، بقيت مها في بيت الدب، وراحت تُفكّر بطريقة تمكنها من الخلاص والعودة الى والديها... فكّرت مها وفكّرت، وأخيراً اهتدت الى الحل. فعندما عاد الدب في المساء الى البيت قالت له مها: أيها الدب الطيب... سأبعث بهدية الى أهلي في القرية. فهل تحملها اليهم؟ أجاب الدب: - هدية الى أهلك؟! وما هذه الهدية؟ قالت مها: قطفت بعض الفواكه البرية الطيبة من الغابة، ووضعتها في سلة كبيرة، وأريدك ان تحمل السلة الى أهلي في القرية. قال الدب: إنني ذاهب الآن للصيد وعندما أعود سأحمل الهدية الى أهلك. قالت مها: - لكن انتبه أيها الدب... أريد منك وعداً ألا تأكل شيئاً من الفاكهة الموجودة في السلة، فإذا أكلت الفاكهة من السلة فسأراك. لأنني سأقف على سطح البيت وأُراقبك حتى تصل الى القرية. ووعد الدب مها انه لن يأكل من الفواكه الموجودة في السلة. وعندما خرج الدب من البيت، جاءت مها بسلة كبيرة، وقفزت الى السلة وقعدت في قعرها! ثم راحت تضع فوقها حبات الفاكهة حتى اختفت تماماً. مها أصبحت في السلة تحت الفاكهة. والفاكهة فوقها! ورجع الدب الى البيت فوجد السلة في انتظاره فحملها ومشى باتجاه القرية. مشى الدب ومشى... حتى نال منه التعب... فوقف وقال: - سأجلس على الأرض وآكل فاكهة من هذه السلة كي أستعيد نشاطي. سمعت مها ما قاله الدب فهتفت من قعر السلة بصوتٍ بدا وكأنه قادم من بعيد... - لا. لا. أيها الدب... لا تجلس على الأرض ولا تأكل الفاكهة... إياك أن تفعل... فأنا أراك عن سطح بيتك! ظنّ الدب ان مها تراه فلم يأكل من الفاكهة الموجودة في السلة، ونهض عن الأرض وتابع طريقه نحو القرية. وصل الدب الى القرية، ثم ذهب الى البيت الذي يقيم فيه والدا مها. وقرع باب البيت وقال: - افتحوا لي... إنني أحمل لكم هدية من ابنتكم مها. وفتح والد مها باب البيت، فشاهد الدب واقفاً في الخارج، فركض الى داخل البيت وأحضر عصا كبيرة وهجم على الدب. كلاب القرية اشتمت أيضاً رائحة الدب فهاجمته من هنا وهناك. خاف الدب خوفاً شديداً فألقى السلة من يده وانطلق نحو الغابة والكلاب تطارده. عندما ابتعد الدب، خرجت مها من السلة، وركضت نحو أمها وأبيها وراحت تعانقهما وهي تبكي من شدة الفرح. دار المؤلف