دعماً لضباط الاحتياط في الجيش الاسرائيلي والجنود النظاميين الرافضين الخدمة العسكرية في المناطق الفلسطينية وتحت شعار "الاحتلال يقتلنا جميعاً"، تظاهر نحو عشرة آلاف اسرائيلي مساء أول من أمس في تل أبيب، بدعوة من 28 حركة وشتنظيماً يسارياً وسلامياً، اسرائيلية وفلسطينية، في أوسع نشاط احتجاجي تشهده المدينة ضد ممارسات الاحتلال منذ اندلاع الانتفاضة. وحمل المتظاهرون لافتات كتب عليها "الاحتلال عقاب جماعي" و"الاحتلال يولد جرائم حرب" و"السلام هو الأمن" ودعوا الى انسحاب جيش الاحتلال من الأراضي الفلسطينية واستئناف المفاوضات السياسية وتحقيق السلام. وعلى رغم تراجع حركة "ميرتس" اليسارية الصهيونية عن المشاركة في التظاهرة لعدم تماثلها مع رفض الخدمة العسكرية وتوصيف جرائم الاحتلال بجرائم حرب ضد الانسانية، حسبما أبلغ زعيمها النائب يوسي سريد الاذاعة العبرية أمس، كانت زعيمة الحركة سابقاً شولميت الوني أحد خطباء المهرجان الختامي وهاجمت بشدة رئيس الحكومة ارييل شارون ورئيس أركان الجيش الجنرال شاؤل موفاز بسبب ممارسات جيش الاحتلال، وقالت ان دعوات عتاة اليمين وكل من يدعو الى قتل الفلسطينيين أشبه بممارسات النظام النازي إبان الحرب العالمية الثانية، ونددت بالامتثال لأوامر عسكرية تقضي بالقتل والهدم والدمار، وقالت انه منذ تلك الحرب لم يعد الزعم ب"الامتثال للأوامر" يبرئ المنفذ من قيامه بجرائم ضد الانسانية. وتابعت انه يتحتم على الحكومة وموفاز طلب الصفح من الزعيم النمسوي يورغ هايدر الذي يطالب بطرد القادمين الى بلاده "اما الحكومة وموفاز فيطالبان برحيل من يعيش هنا منذ أجيال". واتهمت موفاز بتبني مواقف يمينية متطرفة ورأت ان وزير الخارجية شمعون بيريز يشبه، بمشاركته في الحكومة "مطهّر الحشرات". وهاجمت الوني رجال الدين اليهود ربانيم الذين اقترحوا سحق مدن فلسطينية على غرار ما فعله النازيون في تشيكوسلوفاكيا. وأشار داعية السلام اوري افنيري في سياق كلمته الى صحوة المجتمع الاسرائيلي بعد عام من سفك الدماء والاحباط وقال: "لقد أخذ يصحو من كابوس سيئ" وحيّا الضباط والجنود الذين تجرأوا على رفض الخدمة والصراخ بأعلى صوتهم "كفى للاحتلال وممارساته" مشيراً الى انه عارض في الماضي فكرة رفض الخدمة "لكنني أقول اليوم للشبان الرافضين: تشجعوا وواصلوا. أنتم الضمير الاسرائيلي". وقال الأستاذ الجامعي البروفيسور يهودا شنهاف ان من يقول ان الرفض يمس بالديموقراطية نقول له ان الاحتلال هو الذي يمس بها، وأن الرافضين هم الضمير والبوصلة وهم الديموقراطيون الحقيقيون "وجميعنا نرفض هذه الحرب الاجرامية". وكان بين الخطباء الشاب المتدين يشاي روزين تسفي الذي قبع في السجن العسكري عقاباً على رفضه الخدمة، وقال انه التقى في السجن كثيرين قالوا له انهم خدعوا، وأضاف: "نصل الى المناطق المحتلة ونرى آلاف الفلسطينيين يعيشون في ظل الفقر والإذلال، أما نحن فنتلقى الأوامر ونعي أن تنفيذها يعني مزيداً من تجويعهم واهانتهم. ان حكومتنا هذه هي منبع الارهاب". ودعا القيادي في "التجمع الوطني الديموقراطي" الدكتور جمال زحالقة في كلمته الى اقامة "جبهة عمل ضد الاحتلال" تدعم رافضي الخدمة العسكرية في الأراضي الفلسطينية وتكون قادرة على مواجهة سياسة شارون الاجرامية، وتدعم حقوق الشعب الفلسطيني واقامة السلام العادل وليس السلام الذي تحاول اسرائيل أو غيرها املاءه على الفلسطينيين. وقال الدكتور زحالقة ل"الحياة" "ان أبرز ما جاءت به التظاهرة تأييد رافضي الخدمة ودعوة الجنود الى رفض تنفيذ أوامر القمع من اغتيالات وقصف وهدم وتدمير"، ولفت الى أن عدداً من أبرز قادة اليسار الراديكالي أيد، للمرة الأولى، ظاهرة رفض الخدمة العسكرية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. يذكر أن شبيبة "التجمع" وشبيبة الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة شاركتا في التظاهرة الى جانب حركات سلامية يهودية - عربية أخرى.