"جدار القدس"... مشروع اسرائيلي جديد تقدّم به الليكودي المتطرف، وزير الأمن في حكومة شارون عوزي لنداو، الشقيق السيامي بالتطرف والارهاب للجنرال رحبعام زئيفي. "جدار القدس" مشروع أبرتهايد جديد، لتوسيع تقطيع الأراضي الفلسطينية، ولإحكام السيطرة الإسرائيلية على كامل القدس بشقيها الغربي والشرقي الميتروبولين. تضمن المشروع بناء سور مرتفع على امتداد 11 كيلومتراً شرق وجنوب شرقي المدينة، ليشمل قرى وبلدات: بيرنبالا، بدو، أبو ديس، العيزرية... وهي قرى محتلة عام 1967، فضلاً عن شموله للمستعمرات التي أقيمت على أراضي القدسالشرقية بعد احتلالها عام 1967، وتحديداً مستعمرات معاليه ادوميم، جبعات زئيف، جيلو. ويحشر داخل هذا السور أكثر من 60 ألف فلسطيني داخل القدسالشرقية. ويعتبر هذا المشروع بمثابة مشروع تخطيطي يستهدف مسائل أمنية وسياسية في المستقبل، ويسير باتجاه مفهوم "القدس الكبرى" التي تبلغ ربع مساحة الضفة الغربية، وهي بالعرف الإسرائيلي تقع خارج إطار عملية المفاوضات، بينما هي في العرف الدولي أراضي محتلة عام 1967. ان مشروع "غلاف القدس" لن يشكل عامل حماية أو ستار وقاية أمنية فاعلة من العمليات الفدائية، كما أعلن قائد هذا المشروع الوزير المتطرف لنداو، بل قد يكون عامل إسهام في الإحباط الموضعي المحدود لبعض الفعاليات الفدائية التي تشنها الكتائب العسكرية المسلحة لعدد من القوى والفصائل الفلسطينية. إلا ان الوظيفة الأوسع له تتعدّى هذا لتصل الى تحقيق المزيد من البعثرة والتفتيت للأراضي الفلسطينية المحتلة، وتحديداً تشطير أراضي الضفة بشكل عملي الى ثلاثة أجزاء: الأول: جزء شمالي، يبدأ من شمال "القدس الكبرى"، ويضم مدن الشمال نابلس، طولكرم، جنين، تقع ضمن دائرة خيوط العنكبوت المرسومة بفعل تداخل الطرق الالتفافية والأوتوسترادات العريضة المخصصة للمستوطنات. والمستوطنات ذاتها مع قرى المدن السابقة، خصوصاً أن المدن المذكورة تضم أكثر من 60 في المئة من قرى الضفة الفلسطينية. الثاني: وهو الجزء الاوسط، ويضم "القدس الكبرى"، وأجزاء واسعة من شمال مدينة رام الله وشرقها إضافة الى المناطق الفاصلة بين شرق القدس الى أريحا، وهي مناطق عسكرية - استيطانية تصل الى أغوار الاردن، وتشكل بحسب الموقف العسكري - الأمني الإسرائيلي مناطق ضم في سياق أي تسوية نهائية. الثالث: وهو الجزء الجنوبي الواقع الى جنوبالقدس بدءاً من مستعمرات جبل أبو غنيم هارحاوما الخاضعة للتطوير والتوسع المتواصل، الى بيت لحم، بيت جالا، بيت ساحور، وصولاً الى جبال الخليل الواقعة على تخوم الاطراف الشرقية لصحراء النقب. وهذا الجزء يشكل في مساحات ومقاطع منه بحسب تيارات اليمين الصهيوني الامتداد الروحي المادي ل"أورشليم" بالقرب من الحرم الابراهيمي. وكريات أربع قرية الأربعة، فضلاً عن كتل استيطان غوش عتصيون. خلاصة القول. إن مشروع "جدار القدس" ليس صاعقة في سماء صافية، وليس مشروعاً مفروضاً بحكم مساعي التعزيز الأمني الإسرائيلي في سباق السيطرة على المدينة المقدسة، بمقدار ما هو مشروع هابط بتصور كامل مما يسمى خطوط "الإجماع القومي اليهودي الصهيوني" بشأن القدس، في سياق المعركة الدائرة للسيطرة الإسرائيلية على المدينة، وتفريغها المتدرج من سكانها العرب مسلمون ومسيحيون، وتكثيف عمليات الاستيطان الجائر الجارية داخل أحيائها العربية في المنطقة الشرقية، أو على حدودها في أبو ديس، العيزرية، بيت صفافا، بيت حنينا، ... الخ. إن ثلث سكان القدس الكبرى الغربية والشرقية مع مناطق الضم هم من المواطنين العرب. وبحسب التوقعات السكانية لعام 2000 التي أجراها خبير الإحصاء والديموغرافية الإسرائيلي سيرجيو دالا - والمنشورة على صفحات اورشليم 14-9-2001، فإن عدد سكان القدس سيبلغ مع نهاية العام الجاري 947 ألف نسمة - 2،62 في المئة منهم من اليهود، ويمثلون 10 في المئة من يهود الدولة العبرية. و8،37 في المئة من العرب. لذلك فإن رئيس بلدية القدس الليكودي ايهود أولمرت يبحث بالتعاون مع "الوكالة اليهودية" وفق المصدر السابق على بلورة خطة الاستقدام لمستعمرين يهود جدد الى المدينة. وبحسب المعلومات المتوافرة فإن الجهد يتوجه لاستقطاب التجمعات اليهودية في الأرجنتين وفرنسا، وعليه فإن رزمة امتيازات جذابة لمصلحة اليهود المستعمرين القادمين الى القدس ستكون في استقبالهم. بما في ذلك أمكنة سكنية ومؤسسات تشغيل وفق ما صرح به يعقوب ليبتش مسؤول قسم الاستيعاب في القدس. على كل حال، إن أبرز التوجهات الآتية في سياق عمليات الاستيطان الجارية في القسم الشرقي من المدينة وداخل الأحياء العربية، تأتي مسألة الكثافة المرتفعة للتيارات اليهودية الأصولية. فعدد الأصوليين في المدينة يصل الى 120 ألف نسمة يشكلون 30 في المئة من السكان اليهود، مع ارتفاع ملحوظ بين طلاب قسم التعليم الأصولي من بين طلاب التعليم العبري بنسبة 52 في المئة لمصلحة الأول. * كاتب فلسطيني.