في خطوة معاكسة للتيار الغربي القلق من التمدد الاسلامي في العالم، اتخذت ادارة التلفزيون السويدي، شبه الرسمي، خطوة مميزة، اذ اعلنت اول من امس انها ستسمح للنساء المحجبات بأن يتولين مناصب مقدمات برامج والظهور بحجابهن على الشاشة. وأثيرت قضية المحجبات في الإعلام المرئي السويدي اخيراً بعدما منعت ادارة التلفزيون الاعلامية المحجبة نادية جبريل، الفلسطينية الاصل التي تعمل مراسلة لبرنامج "موزاييك" الذي يتوجه الى الاجانب في السويد، من ان تصبح مقدمة اساسية للبرنامج المذكور. فتدخلت على الفور ادارة مكافحة التمييز، وهي ادارة رسمية، واعلنت ان منع الشابة نادية من ان تصبح مقدمة للبرنامج بسبب حجابها هو أمر مخالف لقوانين المساواة في السويد، وأكدت ان الحجاب جزء من هوية الفرد ولا يجوز تجريده منه. كما اثير الموضوع في وسائل الاعلام المحلية وبدأت الصحف تتساءل هل ستشهد وسائل الاعلام السويدية نقلة نوعية في ارتداء الملابس الرمزية. معلوم ان السويد كانت من الدول السباقة في الاعلام، اذ انطلقت أولى صحف سويدية سنة 1645 ثم شهدت ثورة تعددية الصحف في منتصف 1700، وناضل رواد الصحف للسماح بحرية الاعلام السياسي. وعندما دخل الاثير الى عالم الاعلام السويدي عام 1925 كانت هناك قوانين صارمة يتقيد بها المذيعون منها عدم التكلم بلهجة محلية واستخدام السويدية الرسمية فقط. تغيرت الأمور ودخلت اللهجات الى الراديو السويدي لكن صوت النساء بقي بعيداً عن الاثير لوقت متأخر بذريعة ان اذن المستمع تعودت على صوت الرجل. وحتى هذا تغير مع حلول الاعلام المرئي مطلع خمسينات القرن الماضي، فتميز التلفزيون السويدي منذ الانطلاقة باتباع الحيادية في برامجه خصوصاً في نشرات الاخبار. وتركز مدارس الاعلام السويدية على حيادية مقدم الاخبار في كل شيء خصوصاً بملابسه. لكن قرار التسامح مع الحجاب لا يكسر قاعدة الحيادية لانه لا يشمل البرامج الاخبارية. تخلت الاعلامية نادية عن حقها في تقديم دعوى قضائية ضد رب عملها، أي التلفزيون السويدي، لعدم الاصطدام معه، كما انها فضلت عدم المشاركة في حلقات النقاش التي دارت في وسائل الاعلام المحلية، باستثناء حلقة واحدة بثها التلفزيون السويدي، لأسباب قالت عنها انها شخصية. وبعد صدور القرار اعربت نادية ل"الحياة" عن سعادتها وقالت: "انا فرحة جداً لأن هذا القرار جاء في وقته". ومن الواضح ان قرار ادارة التلفزيون السويدي بالعدول عن موقفها السابق يؤكد انه منذ أُثير الموضوع في الاسابيع الماضية، كان واضحاً ان قرارات جديدة متسامحة مع قضية الحجاب ستتخذ في التلفزيون السويدي. وشرحت مديرة التلفزيون كريستينا جوترستروم ان "قرار الادارة يشمل كل برامج التلفزيون باستثناء البرامج الاخبارية"، واضافت انه "يجب على مقدم البرنامج الاخباري ان يكون حيادياً في ثيابه". معلوم ان وسائل الاعلام السويدي حريصة على عدم اثارة النعرات الدينية او الطائفية في برامجها اذ يوجد في السويد اكثر من مليون مواطن من اصول اجنبية مختلفة. ويشكل التسامح مع قضية الحجاب مؤشراً الى حملة الاندماج التي تسعى السويد الى انجاحها لدى الاقلية المسلمة التي تعد نحو 300 الف نسمة.