خطوتان وضعتا التلفزيون السويدي في الآونة الأخيرة في تناقض صارخ، أولاهما جاءت إثر تصريح لمدير برامجه يان اكسيلسون بمنع ارتداء مقدمات البرامج الإخبارية للحجاب، والثانية عبر إطلاق موقعه على الإنترنت برنامجاً إخبارياً باللغة العربية ولأول مرة. ردود الفعل جاءت حادة على تصريحاته الخاصة بالحجاب وبشكل خاص من الجالية المسلمة في السويد وصلت حد إرسال «شبكة مسلمون سويديون» تقريراً إلى لجنة الأممالمتحدة لإلغاء التمييز طالبوا فيه كما قال عضو الشبكة والمحرر الصحافي كيتيمبوا سابوني إلغاء القرار التمييزي، بمنع مقدمات نشرات الأخبار من ارتداء الحجاب «كونه مبنياً على أسس قانونية هشة جدّاً» ولهذا لا بد من إعادة النظر فيه. تقرير الشبكة جاء كرد على تقرير الحكومة السويدية الأخير الذي قدمته إلى لجنة الأممالمتحدة لإلغاء التمييز العنصري، ووصفه سابوني بأنه لم يأخذ في الاعتبار أوضاع المسلمين السويديين في شكل كاف. النقطة الأساسية التي تضمنها تقرير الشبكة وشدد عليها كثيراً؛ هي واقع عدم وجود أي مقدمات برامج في القناتين السويديتين الأولى والثانية من اللواتي يرتدين الحجاب!. أما مدير البرامج يان اكسيلسون فأكد أن الإعلان إنما هو مجرد استباق لحدوث شيء من هذا القبيل وأنه استند في تصريحه إلى وثيقة أصدرها التلفزيون السويدي عام 2008 أكدت على التصرف بحيادية في ما يتعلق بالعلاقة مع مختلف الطوائف الدينية. وبالنسبة إليه تعني الحيادية عملياً «عدم السماح لمقدمي النشرات الإخبارية بارتداء أي ملابس تحمل رموزاً ومدلولات دينية بما فيها الحجاب». ونفى اكسيلسون أي علاقة لهذا القرار بالتمييز العنصري، موضحاً أنه من المهم ظهور مقدمي البرامج أمام الجمهور بشكل محايد في الجوانب الدينية والسياسية والتجارية، وعلى مستوى الزي الخارجي بحيث لا يضع المقدم على ملابسه إشارات أو حروفاً أو حتى أن يربط رأسه برباط أو أن يضع قلنسوة عليه ترمز أي منها إلى أشياء تخص مجموعة كبيرة من الناس، مستثنياً من ذلك ما تتطلبه أحياناً بعض المناسبات الخاصة أو ما يتوافق مع سياقات برامج معينة. ومع هذا شدد المسؤول على ضرورة «دراسة كل حالة بحالتها»، وعلى أهمية الفصل بين حرية المقدم الشخصية في ما يرتديه من ملابس وبين ظهوره أمام الناس مذكراً بكون القرار «لا يتعارض مع هدف التلفزيون السويدي في زيادة عدد موظفيه من الإثنيات والديانات الأخرى». غير أن هذه الحجج لم تبد مقنعة كفاية بالنسبة لسابوني الذي قال إن الحجاب «وعلى مستوى التطبيق العملي ليس زياً خارجياً فحسب بالنسبة للمسلمين بل هو جزء من هويتهم والقانون السويدي يضمن ممارسة الجميع لشعائرهم الدينية»، وأن هذا المبدأ لا يتوافق مع حرمان أي شخص من وظيفة إذا ما التزم بها. ردود الفعل والانتقادات الشديدة الموجهة إلى القرار دفعت التلفزيون السويدي إلى مراجعة سياسته الخاصة ب «الحيادية» والتي لا يتوقع اكسيلسون تغييرها مثلما لا يتوقع أن تعيد الأممالمتحدة تقريرهم إليهم وتطلب منهم إعادة صياغة فقرات معينة فيه، في حين يرى سابوني أن جزءاً من أهداف حملتهم قد تحققت. فالحكومة والتلفزيون السويدي والمجتمع لم يستمعوا إليهم بادئ الأمر ولكن وبعد إرسال تقريرهم إلى الأممالمتحدة تغيرت الحال و «قد حان وقت مراجعة القرار ثانية» وفي كل الأحوال، كما يرى، «سيكون التلفزيون هو الرابح الأكبر إذا ما أظهر انفتاحاً أوسع على التعدد الثقافي في السويد. على الجانب الإيجابي بدأ بث أول برنامج إخباري باللغة العربية على صفحات موقع التلفزيون السويدي على شبكة الإنترنت. وهو برنامج يغطي أسبوعياً أهم الأحداث في محافظتي فستمانلاند وأوريبرو ضمن التقرير الإخباري المحلي «تفارشنيت». والبرنامج، كما أكد معد الأخبار الصحافي سليم الصباغ في حديث للقسم العربي في الإذاعة السويدية، هو «الأول من نوعه في البلاد والغاية منه خلق مجال للتواصل مع مجموعة المهاجرين المتحدثين العربية، والذين تزداد أعدادهم وبشكل خاص في الفترة الأخيرة حيث وصل إلى البلاد الكثير من السوريين والصوماليين، والأهمية الكبيرة لإطلاعهم على ما يجري من أحداث في المكان الذي يعيشون فيه. البرنامج وفي فترته التجريبية سيبث كل يوم جمعة ولمدة ثلاثة أشهر أما مسألة استمراره كما يقول الصباغ «فتعتمد على درجة تقبّل المشاهد للفكرة ومقدار تفاعله معها». وبحسب الدراسة الأولية التي تم إعدادها فأن الناس في هذه المناطق بحاجة إلى معرفة الأخبار بلغتهم الأم «لذا سنحاول من جانبنا إرضاءهم ونحن على ثقة من أن النتائج ستكون إيجابية فشعار البرنامج «خيارك لتبقى على تواصل» يواكب «رغبة الناس في معرفة ما يحيط بها من أحداث».