وجّه وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف تحذيراً الى العراق من انتهاك القرار 1441 الذي صدر "في الليلة الأخيرة"، معتبراً ان القرار أفهم بغداد انه "لم يعد ثمة مجال لمناورات التفافية". في الوقت ذاته اكد المستشار غيرهارد شرودر ان المانيا لم تغيّر موقفها المعارض لشن حرب على العراق، مشدداً على ضرورة "الإصرار على نزع أسلحته للدمار الشامل اذا كان يملكها". بكين، برلين - أ ف ب - حذر وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف العراق من "تحمل المسؤولية" في حال انتهاك القرار 1441 الذي اعتبره من أهم أحداث عام 2002. فيما توقع أحد كبار الخبراء في الشؤون الاميركية "تعقيداً جدياً" للعلاقات بين موسكو وواشنطن في حال ضرب العراق من دون موافقة دولية. وفي استعراض لأهم أحداث السنة بالنسبة الى روسيا، وضع ايفانوف تطور التفاهم مع الولاياتالمتحدة وتعمقه في المقام الأول، ووضع في المرتبة الثانية انشاء منظمة شنغهاي للتعاون، والتي تضم الصينوروسيا وأربعاً من دول آسيا الوسطى. واكد ان تبني القرار 1441 يأتي في المرتبة الثالثة، مشيراً الى ان الاتفاق عليه جاء "في الليلة الأخيرة"، واعتبره "تخفيفاً لحدة المشكلة العراقية" ودليلاً على "نشوء حالة جديدة مبدئياً" في العالم. وأوضح في حديث الى صحيفة "روسيسكايا غازيتا" الحكومية ان اطرافاً "لا تنفذ بنزاهة التزاماتها الدولية" كانت في السابق "تلعب بمهارة" على الخلافات بين اعضاء مجلس الأمن، فيما كان القرار دليلاً على ان المجتمع الدولي "فهم ضرورة التكافل" لدى معالجة القضايا الملتهبة. وزاد في لهجة تحذيرية ان القرار أفهم العراق انه "لم يعد ثمة مجال لمناورات التفافية، فإما التنفيذ وإما تحمل المسؤولية عن انتهاك القرار". وتابع من دون الإشارة الى آفاق معالجة المشكلة ان عام 2003 سيشهد استمرار عدد من المعضلات، حدد منها العراق والشرق الأوسط وافغانستان والبلقان وشبه الجزيرة الكورية. وذكر سيرغي روغوف عميد معهد الدراسات الاميركية والكندية، وهو من أهم المراكز التي يعتمد الكرملين على بحوثها، ان تنفيذ الولاياتالمتحدة عمليات "مكثفة" ضد بغداد من دون موافقة الأممالمتحدة "سيعقد في شكل جدي" العلاقات الروسية - الاميركية، وقد يؤدي الى انهيار الائتلاف المناوئ للارهاب. وأشار روغوف الذي يعتبر من الخبراء العالميين في الشؤون الاميركية، الى ان الولاياتالمتحدة قد تكون مستعدة لاستخدام القوة ضد العراق وكوريا الشمالية "لتثبت ان العقاب يطاول كل من يتطاول على المصالح الاميركية". شرودر: المانيا لم تبدل موقفها في بكين، أعلن المستشار الالماني غيرهارد شرودر أمس ان موقف بلاده من الأزمة العراقية لم يتغير، بعد يومين على مقابلة صحافية لم يستبعد فيها وزير خارجيته يوشكا فيشر، ان تؤيد برلين قراراً في مجلس الأمن يتعلق بحرب على العراق. وكان فيشر قال رداً على سؤال طرحته مجلة "دير شبيغل" عما اذا كانت برلين ستؤيد قرارا في المجلس حول الحرب: "لا أحد يمكنه التكهن، لان أحداً لا يعرف كيف وفي أي ظروف سيناقش المجلس هذه المسألة". وتصبح المانيا غداً عضواً غير دائم في مجلس الامن. وقال شرودر: "بطبيعة الحال لا نقرر موقفنا من عملية تصويت في هيئة ما الا بعد الاطلاع على ظروف التصويت. ان ضجة كبيرة تثار في حين ان سياسة المانيا لم تتغير" حيال الوضع في العراق. وزاد ان فيشر "عرض بوضوح موقف الحكومة الالمانية، وهو عدم مشاركتنا في عمل عسكري". وتابع المستشار الذي لاحظ في بكين تطابقاً في وجهات النظر بين المانياوالصين من الأزمة العراقية: "علينا الإصرار على نزع أسلحة الدمار الشامل في العراق اذا كان يملك أسلحة كهذه، ولكن لا أريد ان افقد الأمل بإمكان تحقيق ذلك عبر ضغوط المجتمع الدولي، ومن دون التدخل العسكري". برلين والصوت الأوروبي وتعتزم المانيا اسماع صوت أوروبا في مجلس الأمن وسط تباعد في وجهات النظر بين برلين وواشنطن، في ما يتعلق بالقضية العراقية. وقال مسؤول بارز في الحكومة الالمانية أخيراً: "نعتزم تمثيل موقف الاتحاد الاوروبي في مجلس الامن". وذكر ان بلاده "ستعمل لتحديد موقف مشترك للأوروبيين". وستحظى اوروبا ابتداء من مطلع 2003 بحضور قوي في المجلس، في وقت ستتولى هذه الهيئة دوراً بارزاً على الساحة الدولية في حال نشوب حرب على العراق. وسيضم المجلس أربعاً من دول الاتحاد الاوروبي، وهو تزامن نادر، فاسبانيا ستنضم الى الدول غير الدائمة العضوية في مجلس الامن، الى جانب المانيا وثماني دول اخرى، في حين أن فرنسا وبريطانيا من الدول الخمس الدائمة العضوية. واعتبر مصدر ديبلوماسي في برلين انه في حال توصلت الدول الاربع الاوروبية الى اعتماد موقف مشترك، ستتمكن من ممارسة ضغط كبير، في حين يتطلب اصدار قرار دولي جديد موافقة تسع دول، وان كانت الدول الدائمة العضوية وحدها تتمتع بحق النقض الفيتو. ولا ينص القرار 1441 الذي يهدد بغداد ب"تبعات خطيرة"، في حال خالفت التزاماتها حيال مفتشي الاسلحة، على وجوب اصدار قرار جديد قبل شن هجوم. لكن فرنسا تنشط بهذا الاتجاه منذ اندلاع الأزمة، مستخدمة كل الوسائل الديبلوماسية الممكنة، لإقرار وجوب الحصول على دعم مجلس الأمن بالاجماع قبل شن هجوم على العراق. ووسط هذه المواجهة التي تلوح في الأفق، اعلن شرودر اخيرا ان المانيا تعتزم "التعاون في شكل وثيق جداً مع فرنسا" في مجلس الامن. ومن العوامل المهمة التي ستلعب لمصلحة الدولتين انهما ستتناوبان على الرئاسة الدورية للمجلس في كانون الثاني يناير وشباط فبراير، وسيعود اليهما بالتالي تحديد جدول اعمال المجلس.