أنهت القمة الخليجية في الدوحة أعمالها أمس، بإنجاز اقتصادي - مقرر سابقاً - هو الإعلان عن تطبيق الاتحاد الجمركي الخليجي اعتباراً من مطلع العام المقبل، وبعجز عن اعلان موقف موحد لمواجهة تطورات الحرب الاميركية "المحتملة جداًَ" على العراق، وانعكاساتها. راجع ص2 وكان قادة دول مجلس التعاون الخليجي أو ممثلوهم ركزوا خلال لقاءاتهم على تطورات الوضع في العراق "والاحتمالات القوية" لتوجيه ضربة اميركية اليه، وانعكاسات ذلك على المنطقة ودولهم. وقوموا المواقف والوضع ووجدوا ان دولهم - مثل دول اخرى في العالم - غير قادرة على منع الولاياتالمتحدة من شن الحرب "إذا قررت ذلك". ولم يكن هناك خلاف في القمة على الإقرار بهذا العجز على رغم إبداء الأماني بعدم حصول هذه الحرب. ولوحظ ان قمة الدوحة لم تشر في بيانها الى مسألة الحرب الأميركية على العراق. واكتفت القمة بإعلان "تمسكها بقرار القمة العربية في بيروت الخاص بالعراق"، وهو موقف عربي جماعي يرفض توجيه ضربة عسكرية لأي دولة عربية بما فيها العراق، مع الإشارة الى الموقف التقليدي الذي يؤكد "ضرورة احترام استقلال العراق ووحدة أراضيه وعدم التدخل في شؤونه". وفي مقابلة بثتها شبكة "سي ان ان" التلفزيونية الاميركية، قال وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل: "لا أتصور حرباً تشنها الولاياتالمتحدة وحدها على العراق لأن المسألة الآن مطروحة أمام الأممالمتحدة". وشدد على ان الرئيس جورج بوش أكد له ان "الحرب هي الخيار الأخير"، معتبراً ان قرار الرئيس الاميركي في ايلول سبتمبر الماضي التوجه الى الأممالمتحدة كان "حكيماً جداً". وزاد ان قرار شن الحرب "يجب الا يتخذ كأي قرار عادي، فالأمر على كل حال ليس نزاعاً بين الولاياتالمتحدةوالعراق في مسألة تعني قرارات الأممالمتحدة وتطبيقها من قبل الحكومة العراقية". وكرر وزير الخارجية السعودي ان "أي دولة عضو في الأممالمتحدة ملزمة التعاون مع أي قرار يتخذ استناداً الى الفقرة السابعة" من ميثاق المنظمة الدولية، مضيفاً ان "هذا التعاون لا يعني بالضرورة المشاركة في المعارك أو ارسال قوات". وأعلن وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني في مؤتمر صحافي عقب اختتام قمة الدوحة انها ركزت على الموضوع العراقي والاحتمالات المستقبلية للوضع في العراق. وذكر ان هناك "قرارات غير معلنة اتخذت في هذا الشأن". لكن الوزير اشار غير مرة خلال المؤتمر الصحافي الى أن دول المجلس عاجزة عن منع الحرب الاميركية، وقال: "اذا قررت الولاياتالمتحدة الحرب هل ستستطيع دول المجلس أو غيرها منعها من ذلك؟". وعلمت "الحياة" من مصدر خليجي رفيع المستوى شارك في القمة ان مسألة كيفية تعامل دول مجلس التعاون مع الحرب، والاستحقاقات التي ستفرضها واشنطن على المنطقة "لمساعدتها" في هذه الحرب، تُركت لكل دولة انطلاقاً من مبدأ "حق السيادة الوطنية". واللجوء الى مثل هذا الموقف تعود أسبابه الى ان هناك دولاً مثل الكويتوقطر ستجد نفسها مضطرة لتقديم ما يطلبه الأميركيون من تسهيلات للحرب. وقال مصدر كويتي ل"الحياة": "لا نستطيع ان نمتنع عن تقديم تسهيلات ومساعدات للقوات الاميركية في حربها، لأن الولاياتالمتحدة كانت ارسلت ابناءها وقواتها الى الكويت، فواجهوا خطر الموت من أجل تحرير بلادنا من الغزو والاحتلال العراقيين". معروف ان السعودية كانت اكدت انها "لن تسمح باستخدام اراضيها في الحرب على العراق"، وجدد مصدر مأذون له في الوفد السعودي الى قمة الدوحة، هذا الموقف. وأثار تبني القمة الخليجية موقف الكويت بإدانة ما ورد في "رسالة" الرئيس صدام حسين الى الشعب الكويتي المخاوف من ان يعطي هذا الموقف ذريعة اخرى للولايات المتحدة لشن الحرب على العراق. لكن وزير الخارجية القطري شدد على ان "الولاياتالمتحدة اذا قررت الحرب على العراق لن تحتاج الى ذريعة". واكد غير مسؤول خليجي ل"الحياة" ان "دول مجلس التعاون لا تستطيع إلا ان تتبنى الموقف الكويتي لأن ما ورد في رسالة الرئيس العراقي يتضمن تهديداً للكويت وتدخلاً في شؤونها، وتحريضاً على حكومتها". وأكدت القمة الخليجية في البيان الختامي ان رسالة صدام "تؤكد انتهاك العراق القرارات الدولية والعربية" وهي "احتوت تحريضاً للشعب الكويتي على قيادته وحكومته، ودعماً للأعمال الارهابية التي وقعت في الكويت ... وتهديداً لدولة الكويت والدول الأعضاء في مجلس التعاون وتدخلاً في شؤونها". واذا كانت القمة لم تستطع إلا ان تخرج بمثل هذا الموقف "العاجز" من الموضوع العراقي، يُسجل لها انها حققت خطوات مهمة على طريق تعزيز التعاون الخليجي المشترك، على رغم ان هذه الخطوات كان اتفق عليها مثل الاعلان عن بدء العمل بالاتحاد الجمركي الخليجي ابتداء من مطلع العام المقبل، وهي خطوة انتظرتها المنطقة منذ عشرين سنة. ورأت مصادر الوفود ان الشأن الآخر المهم الذي حققته قمة الدوحة هو الاتفاق على "الإسراع في تنفيذ خطة خليجية مشتركة لتطوير مناهج التعليم العام". الى ذلك، اكد وزير الخارجية القطري في مؤتمره الصحافي ان دول مجلس التعاون تأمل بحل "الموضوع العراقي سلماً"، لكنه أضاف: "نحن في قطر أو في دول مجلس التعاون لا نقدر على كبح جماح الولاياتالمتحدة". وأشار الى موضوع احتمال مشاركة بعض دول المجلس في الحرب على العراق أو على الأقل تقديم تسهيلات الى القوات الاميركية، وقال: "نحاول بما استطعنا من جهد ان نتدارك المشاركة في هذه الحرب وبعض دول المجلس يقدم التسهيلات الى القوات الاميركية ليس من أجل ضرب العراق ونحن في قطر في حاجة الى وجود قوات اميركية واذا قيل ان هذا يعني عودة الاستعمار فإن الاستعمار لم يعد الى قطر بل الى دول اخرى ايضاً"، وأوضح الوزير الشيخ حمد بن جاسم ان وجود القوات الاميركية يجب ألا ينظر اليه بأنه عودة للاستعمار، فهذه القوات موجودة في قواعدها في معظم دول الاتحاد الأوروبي في اسبانيا وبريطانيا والمانيا واليابان وفي مناطق عدة في العالم. واستبعد ان تقوم أي من دول المجلس بأي تحرك أو مبادرة مع العراق. واعتبر الوزير القطري ان كل ما يقدم من مبادرات أو مشاريع وخطط سواء مشروع "خطة الطريق" أو أفكار واجتماعات اللجنة الرباعية الدولية مجرد "وقت ضائع".