شهدت الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء مناقشات، وصفت في بعض وسائل الإعلام بأنها صاخبة او عاصفة، لكنها اعادت الروح الى المجلس، وفق مصادر وزارية، في ظل انتقادات وملاحظات توجه من اقطاب سياسيين على خلفية تغييب دور الوزراء بفعل غلبة التوافق المتواصل بين رئيسي الجمهورية اميل لحود والحكومة رفيق الحريري. فالمناقشات، التي تناولت مواضيع عدة، كانت لها ابعادها السياسية في نظر بعض الوزراء تتناول دورهم ومواقفهم المخالفة لمشاريع قرارات تعرض على المجلس، ولتوافق الرئيسين عليها. ومن المواضيع التي شهدت نقاشاً على هذا المستوى: - تمديد العمل بقانون دمج المصارف اللبنانية: وقد طرح نائب رئيس الحكومة عصام فارس صلاحيات حاكم المصرف المركزي رياض سلامة في شأن مواصفات الدعم الذي يقدمه للاندماجات والتسهيلات التي يعطيها. وتحدث في الوجهة نفسها وزراء آخرون منهم طلال ارسلان وغازي العريضي الذي انتقد تصرف الحاكم بمعايير مختلفة بين المصارف والدعم الذي يقدم لها، ما أثار حفيظة الحريري الذي شدد على استقلالية المصرف المركزي قائلاً: "هل المطلوب ان نحل مكانه؟" إلا ان العريضي سأل: هل المطلوب ان نتعرض للانتقاد كوزراء لأننا لا نعرف اسباب بعض القرارات في مجلس الوزراء؟ وأعطى امثلة وأرقاماً على بعض الحالات المصرفية. وساند الحريري الوزيران فؤاد السنيورة وباسل فليحان اللذان شددا على اهمية ابعاد مصرف لبنان عن السياسة... كما ساند الوزيران نجيب ميقاتي وجورج افرام ما طرحه السنيورة وفليحان. وانتهى النقاش الى تولي الحريري وفارس التشاور لإيجاد صيغة في القانون تسمح بإطلاع مجلس الوزراء على بعض جوانب عمليات الدمج المصرفي من دون تدخل في اعمال المصرف المركزي كسلطة نقدية. وجاء الاقتراح في هذا الصدد من لحود على اساس اقرار القانون. - النظام الداخلي لمجلس الوزراء: أثار وجوب تطبيقه الوزير ارسلان منتقداً عدم معرفة الوزراء وممثلي الطوائف الصغرى بالقرارات الرئيسية. وذهب النقاش في هذا الشأن الى حد اقتراح تعديل الدستور عبر لجنة وزارية، لكن الحريري اكد ان الأمر من صلاحيات رئيس الجمهورية الذي دعا بدوره الى تحسين الأداء الحكومي بدلاً من تعديل الدستور. وتخلل النقاش سجال في توافق الرئيسين فأكد الحريري "ان البعض يطرح الأمر كأنه لا يريد التوافق وأنا أطمئن الجميع الى ان التوافق سيستمر ويترسخ"، فرد العريضي بأن "التوافق مطلوب لكن مناقشة الأمور في مجلس الوزراء تطبيق للدستور وتسمعون ما يقال عن تغييب المجلس الذي يجب تفعيله"، وأكد لحود ان الحل هو في تحسين الأداء وأيده الجميع... - مشروع قرار الاستعانة بطيارين اجانب في حال اضراب طياري شركة "ميدل ايست" وشهد سجالاً لم تغب عنه الحدة رفض فيه وزير العمل علي قانصو والعريضي المبدأ، خصوصاً ان هذا المشروع جمّد في جلسة سابقة لإعطاء الفرصة للمفاوضات مع الطيارين الذين اتفقوا مع ادارة الشركة، في شكل يلغي الغرض من اقراره. وهنا كرر العريضي انتقاد ادارة الشركة لأنها تتصرف متجاوزة الوزراء كأنها اقوى من المجلس... واتفق على إلغاء المشروع بعد تدخل لحود رافضاً الاستعانة بالأجانب إذا كانت الشركة ستستقدم طائرات جديدة. وقالت مصادر وزارية ان هذه المناقشات، على رغم انها تسببت بانزعاج الرئيسين احياناً، وخصوصاً الحريري، من بعض المداخلات والملاحظات، إلا انها كانت نموذجاً لإمكان تفعيل جلسات مجلس الوزراء ودور الوزراء بعد ان تصاعدت الشكوى من التغييب. وقالت المصادر ان الحريري عاد فاقتنع بأن المناقشات داخل مجلس الوزراء تعطي زخماً لعمل الحكومة وتعيد تعويمها بعد ان ادى الحديث عن اتفاق الرؤساء على تغييرها الى تراجع اداء الوزراء وحماستهم في انتظار الحكومة الجديدة. وذكرت مصادر وزارية ان اعادة الروح للحكومة مطلوبة ما دام قرار التغيير مؤجلاً نظرياً، الى الربيع، بنصيحة سورية، هذا إذا لم تؤدِ تطورات المنطقة الى تأجيله اكثر.