شارك زعماء الاحزاب السياسية في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر المعارضة العراقية، بينهم الزعيمان الكرديان مسعود بارزاني رئيس "الحزب الديموقراطي الكردستاني" وجلال طالباني رئيس "الاتحاد الوطني الكردستاني" والدكتور أحمد الجلبي والشريف علي بن الحسين عضوا رئاسة "المؤتمر الوطني العراقي"، والدكتور اياد علاوي زعيم "حركة الوفاق"، وغاب السيد محمد باقر الحكيم رئيس "المجلس الأعلى للثورة الاسلامية" الذي اعتذر "لأسباب شخصية" وأناب عنه شقيقه الأصغر عبدالعزيز الحكيم القائد العسكري لقوات المجلس، كما شارك السيد محمد بحر العلوم وحسن النقيب وعزالدين سليم وصفية السهيل. وبعثت الولاياتالمتحدة بوفد رفيع المستوى يمثل البيت الأبيض ومجلس الأمن القومي والخارجية والدفاع برئاسة زلماي خليل زاد المبعوث الخاص للرئيس جورج بوش، ووفد بريطاني مماثل، وارسلت دولة الكويت رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان ومندوبين اعلاميين. وتأخر افتتاح المؤتمر لفترة قصيرة بسبب الإجراءات الأمنية وانذار خاطئ، ولكن الاعمال سرعان ما التأمت. وبدأت الجلسة الأولى التي رأسها السيد هوشيار زيباري بتقرير أوجزت فيه اللجنة التحضيرية اعمالها ومضمون الوثائق المطروحة أمام مؤتمر المعارضة والظروف التي احاطت بأعمالها خلال الشهور الماضية التي شهدت الكثير من الجدل والمراجعات والمواقف المتضاربة. وقال الدكتور فؤاد معصوم الذي تلى تقرير اللجنة ان "التوجه الأساسي هو إفساح المجال امام كل التنظيمات المعارضة في صناعة القرار السياسي". وفصل المواقف التي تبنتها اللجنة، التي ضمت ممثلين عن التنظيمات الستة التي شاركت في اللقاءات مع الإدارة الاميركية في سبتمبر ايلول الماضي، ومنها دعوة العراقيين الى "التمسك بالقانون والعدل وسد الطريق امام حالات الثأر والانتقام" في مرحلة ما بعد صدام حسين. ولكنه أكد من ناحية ثانية "ضرورة النظر في الانتهاكات والتجاوزات السياسية والمدنية" التي ارتكبتها السلطة الحالية، بما في ذلك "جرائم الحرب والاضطهاد والاغتيالات السياسية". وأكد ان الوثائق المقدمة الى المؤتمر تتبنى نظاماً ديموقراطياً تعددياً فيديرالياً يرتكز الى ارادة المواطنين عبر صناديق الاقتراع والإقرار بمبدأ تداول السلطة. مخاطر الدمار ودعا عبدالعزيز الحكيم، ممثل "المجلس الأعلى للثورة الاسلامية" الى "نظام عادل يمنع نزعات الفرقة والهيمنة بأي شكل". ودعا أحزاب المعارضة الى "ملء اي فراغ أمني قد يحصل في العراق اثناء التغيير لتجنيب البلاد العدوان على الأرواح والممتلكات". وشدد في كلمته على "ضرورة المحافظة على القيم والمثل الاسلامية واحترام شعائر الاسلام". كما أكد "ضرورة تجنيب البلاد أكبر قدر من الاخطار والدمار وضرورة طمأنة المخاوف الداخلية لبعض الجماعات"، ودعا إلى "بناء الأخوة الاسلامية والتآخي مع الكرد والتركمان والآشوريين وكل الطوائف والقوميات". وأكد مبدأ الرجوع الى ارادة الشعب في ادارة البلاد وتأمين الحقوق في التمثيل، وصولاً الى استقلال العراق وتعزيز مصالح شعبه. وشدد جلال طالباني في كلمته على ان الفيديرالية التي يطالب بها الأكراد شكلاً للحكم في العراق، وتعزز الوحدة الوطنية وتعمق الأخوة مع العرب والتركمان وبقية القوميات". وقال: "لا خطر على وحدة العراق". ولفت إلى أن الأكراد "سعوا على الدوام الى الدفاع عن وحدة العراق ووحدة المعارضة العراقية". اما الدكتور أحمد الجلبي فأكد ان "الفيديرالية ليست مطلباً لفصيل من الفصائل الكردية، بل انها مطلب كل العراقيين"، وأيد في كلمته انشاء "نظام فيديرالي تعددي لكل العراق". وحيا الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي آوت مئات الآلاف من العراقيين بعدما طردتهم الحكومة العراقية. ووجه تحية خاصة الى ذكرى الرئيس الراحل حافظ الأسد الذي ساعد المعارضة العراقية واستضافها، ودعا حكومة الرئيس بشار الأسد الى مواصلة هذه السياسة. وقال: "نطلب من اخوتنا السوريين العودة الى خط الرئيس الراحل" في التعاطي مع المعارضة. ودعا الخليجيين الى "ان لا ينسوا ما قام به صدام تجاه دولة من دول مجلس التعاون". واعتبر أن "الرئيس بوش تبنى في خطابه أمام الأممالمتحدة في 12 الشهر الماضي برنامج التغيير الديموقراطي كما رسمته المعارضة العراقية". ونوه صلاح الشيخلي في كلمته التي ألقاها نيابة عن اياد علاوي ب"دعم الولاياتالمتحدة المعارضة لتغيير النظام"، مشيراً إلى أن هذا "الموقف يصب في مصلحة الشعب العراقي وشعوب المنطقة"، موضحاً أن "المعارضة تطمح إلى بناء عراق ديموقراطي تعددي يحترم حقوق الإنسان ويؤمن مشاركة كل المواطنين في صنع قراره السياسي طبقاً للدستور والقانون ومن دون أي تمييز طائفي أو عرقي"، إضافة إلى "العيش بسلام مع جيرانه ونبذ أسلحة الدمار الشامل". واعتبر سليم عزالدين، عن "الدعوة الإسلامية" المنشق عن "حزب الدعوة"، المؤتمر "بداية عهد جديد لعراق جديد يوفر الأمن والكرامة لمواطنيه ويحترم شرعة حقوق الإنسان"، وحذر من أن "أي تجاوز للأسس السليمة لبناء وطن جديد يمكن أن يزرع بذور الفتن". ولفت السيد محمد بحر العلوم إلى أن "اختلاف وجهات النظر بين أطراف المعارضة ظاهرة صحية"، محذراً في الوقت نفسه من "خطورة الاستبداد"، داعياً إلى "احترام آراء الآخرين". وبعدما طالب ب"إلغاء كل السياسات الطائفية والعرقية التي مارسها النظام، خصوصاً ضد الشيعة والأكراد"، ناشد المعارضة "عدم ممارسة الدور نفسه الذي مورس ضدنا"، ودعا الجيش العراقي إلى الوقوف إلى جانب الشعب و"نحن بدورنا نمد يدنا إلى الجيش". وخاطب العشائر العراقية قائلاً: "كما كنتم بناة العراق في العشرينات من القرن الماضي، تقع عليكم مسؤولية تحرير العراق من النظام الجائر بمساهمة كل فئات الشعب". ونوهت آن كلويد، عضو مجلس العموم البريطاني رئيسة منظمة "اندايت" لمحاكمة رموز النظام العراقي، ب"وحدة المعارضة"، وحذرت من مغبة الركون إلى "الوعود" الدولية، مشيرة إلى أن "الكثير من هذه الوعود لم يُحترم". ودعت إلى مشاركة أكبر للعراقيات في الشأن العام. وحذرت من أن القرار 1441 "هو الفرصة الأخيرة لصدام وإلا فهناك تصميم دولي" على التدخل. ولفتت صفية السهيل إلى "الحضور الخجول للمرأة العراقية، وبالدور الهامشي" الذي تلعبه، مشيرة إلى مشاركة المرأة العراقية الرجل في الهموم، مؤكدة أن "معاناتها مضاعفة كونها ربة المنزل"، ودعت إلى دستور جديد "يزيل كل المواد المجحفة بحق المرأة وحقوقها". ودعا حسن النقيب إلى "ضرورة المحافظة على ثروات العراق لينتفع بها أبناؤه من دون تمييز"، وإلى "علاقات جيدة ومتوازنة مع دول الجوار والعالم من دون تفريط"، ورأى "عدم الاستعجال في البت في مسألة الفيديرالية قبل تغيير النظام". واختتم مسعود بارزاني الجلسة الافتتاحية بعرض تاريخي لمسار "الحركة الكردية"، لافتاً إلى أن "التمسك بالثوابت الوطنية كان الدرس العظيم الذي تعلمته"، مشيراً إلى أن "الحركة الكردية لم تقتصر أهدافها عند الدفاع عن الأكراد فقط، بل أصبحت حصناً أميناً لكل فئات المعارضة العراقية". وبعدما أوضح أن "النظام الفيديرالي هو الحل الأمثل والحضاري الذي يحفظ حقوق كل العراقيين"، شدد على أن "هذا الحل يعزز وحدة العراق ويصونها". واعتبر "المؤتمر رسالة إلى العالم على قدرة العراقيين على إدارة شؤونهم بأنفسهم". ودعا إلى "تغيير يحفظ كرامة العراقيين وسلامتهم، يطمئن الجيران ويضمن الاستقرار في المنطقة"، وأعلن "رفض أي تدخلات اقليمية لما يترتب عن ذلك من مشاكل".