انقسم الاميركيون على تقويم قدرة الرئيس جورج بوش على ادارة الملف العراقي، فيما اعتبرت غالبيتهم ان منع بغداد من انتاج اسلحة محظورة أهم من اطاحة الرئيس صدام حسين، وأيد ثلثهم فقط جعل اطاحة صدام أولوية. وفيما تعد واشنطن لطرح مشروع قرارها المعدّل في شأن العراق، نفت وزارة الدفاع البريطانية معلومات عن وجود قرار بتعبئة الزامية لعشرة آلاف من جنود الاحتياط، في حين أبدى رئيس الوزراء توني بلير تفاؤلاً باتفاق قريب على المشروع في مجلس الأمن. الكويت، لندن، انقرة، واشنطن - "الحياة"، أ ب، أ ف ب، رويترز - فيما تعد واشنطن لطرح مشروع قرارها المعدل في مجلس الأمن الذي تعتبره بغداد "إعلان حرب"، ناقش الرئيس العراقي صدام حسين مع القادة العسكريين الرد على هجوم اميركي محتمل. ويآخذ المشروع الاميركي الجديد في الاعتبار الملاحظات التي أبداها الأعضاء الآخرون في مجلس الأمن، خلال جلسات المشاورات الأربع التي خصصت لهذا الموضوع منذ 23 تشرين الأول اكتوبر الماضي. لكن تبني مشروع القرار قد يتحقق الأسبوع المقبل. وشاركت فرنسا وروسيا في حملة لتعديل مشروع القرار، واعتبرتا انه يعطي الولاياتالمتحدة ضوءاً أخضر لشن حرب على العراق الذي تتهمه واشنطن بتطوير أسلحة للدمار الشامل. وكان وزير الخارجية العراقي ناجي صبري أعلن الأحد ان المشروع الاميركي يمثل "اعلان حرب" على بلاده وعلى الأممالمتحدة، متسائلاً: "كيف تتوقعون من العراقيين ان يقبلوا قراراً شيطانياً كالقرار الاميركي؟". غالبية الأميركيين تتوقع الضربة خلال 6 شهور وأمس أفادت نتائج استطلاعات للرأي ان نصف الأميركيين اعربوا عن ثقتهم بإدارة الرئيس جورج بوش للمسألة العراقية، في حين اعرب 46 في المئة عن شكهم في قدرة رئيسهم على ادارة الملف. واجرت الاستطلاع مجلة "تايم ماغازين"، ورأى 68 في المئة من الاميركيين ان منع الرئيس صدام حسين من انتاج اسلحة دمار شامل أهم من اطاحته، فيما اعطى 33 في المئة فقط من الذين سئلوا رأيهم الأولوية لإطاحته. وينتظر ثلثا الاميركيين 66 في المئة ان تستعمل الولاياتالمتحدة القوة لاطاحة النظام العراقي خلال الشهور الستة المقبلة. واعرب اكثر بقليل من نصف الذين سئلوا رأيهم، عن تأييدهم شن هجوم بري، في حين عارضه 34 في المئة. وفي حال نفذ هجوم على العراق، ينتظر الاميركيون ارتفاعاً كبيراً في اسعار النفط 89 في المئة وتصاعد أعمال الارهاب في الولاياتالمتحدة 80 في المئة و"ان يوزع صدام اسلحة على منظمات ارهابية" 79 في المئة. ويعتقد 65 في المئة من الاميركيين ان هذه الأسلحة ستستخدم في هجمات على مواطنين اميركيين، كما يعتبر 63 في المئة ان الأهداف ستكون اسرائيلية. واعرب أكثر من النصف 59 في المئة عن خشيتهم من ان يشهد الاقتصاد مزيداً من الركود في حال نفذ هجوم على العراق، في حين شكك نصف الأميركيين بقدرة الرئيس بوش على الاهتمام باقتصاد بلادهم في مقابل 45 في المئة يثقون به. لكن غالبية كبيرة 63 في المئة تثق به في اطار شن الحرب على الارهاب في مقابل 35 في المئة. وأجرى استطلاع الرأي معهد "هاريس انتراكتيف" عبر الهاتف لحساب مجلة "تايم ماغازين" وشبكة "سي.ان.ان" التلفزيونية، وتناول 1007 اشخاص بين 23 و24 تشرين الأول اكتوبر الماضي. وتواصل الولاياتالمتحدة استعداداتها للحرب بنشر قوات في الخليج، واعلنت نهاية الاسبوع الماضي ارسال حاملة طائرات ثانية الى المنطقة. بلير: نقترب من نقطة النهاية الى ذلك، أعلن رئيس الوزراء البريطاني توني بلير امس ان الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن تقترب من التوصل الى مشروع قرار جديد في شأن عودة مفتشي الأسلحة الى العراق. وعبر عن ثقته بالاتفاق على قرار بعد مفاوضات مضنية، لكنه رفض تحديد موعد. وقال في مؤتمر صحافي عقد في مقره في "10 داونينغ ستريت": "نقترب من نقطة النهاية". وزاد: "القضية الحاسمة تماماً بالنسبة الينا هي ان نحصل على نظام تفتيش في العراق لا يعاني المشاكل التي واجهها النظام السابق". في وقت سابق، نفت ناطقة باسم وزارة الدفاع البريطانية امس ان يكون الوزير جيفري هون اتخذ قراراً بتعبئة الزامية لحوالى عشرة آلاف من جنود الاحتياط، في اطار الاستعدادات لحرب على العراق. وجاء تصريح الناطقة تعقيباً على تقرير نشرته صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية امس، واكد ان الحكومة ستعلن هذا الاسبوع تعبئة العشرة آلاف جندي، وان التعبئة الكثيفة ستقرر بأمر تصدره وتوقعه الملكة اليزابيث، في اجراء يعد سابقة في بريطانيا منذ الحرب بين الكوريتين في الخمسينات. وأشارت الصحيفة الى ان هذا الأمر الخاص يمنح الجيوش البريطانية امكان اللجوء الى تعبئة كبيرة للاحتياط من دون تحديد مدة لخدمتهم. وتابعت ان مسؤولي جميع الوحدات المعنية استدعوا امس الى وزارة الدفاع لاطلاعهم على تفاصيل التعبئة، ونقلت عن مصدر قوله: "انه اجراء صارم جداً يندرج في اطار اجراءات كنا سنتخذها لضمان الدفاع عن أوروبا الغربية اذا غزاها الروس". ولفتت الى ان الاستدعاء المبدئي سيشمل افراد الإمداد والتموين واحتياط الاشارة والقوات الخاصة، وعادة لا يكون الجنود الاحتياط ملزمين بالخدمة اكثر من ستة شهور خلال فترة عامين، لكن الأمر الملكي يبطل هذه السياسة، ويسمح باستدعاء الاحتياط الذين استدعوا العام الماضي للحرب في افغانستان. وكانت بريطانيا اعلنت خططاً لإعداد دبابات من طراز "تشالينجر 2" للقتال الصحراوي، لكنها كررت انها لم تتخذ أي قرار بالتعبئة للحرب. وتوخت حكومة توني بلير الحذر ازاء أي تحركات يمكن ان تفسر بأنها خطط لعمل عسكري، ما دامت المناقشات مستمرة في الأممالمتحدة لإصدار مجلس الأمن قراراً جديداً في شأن عمليات التفتيش عن الأسلحة المحظورة في العراق. وتؤكد واشنطنولندن ان بغداد تخفي أسلحة كيماوية وجرثومية، وتسعيان الى اصدار قرار صارم يحذر من "عواقب وخيمة" اذا أحبط العراق عمليات التفتيش. ومع استمرار المفاوضات الديبلوماسية اسابيع، ابدت لندنوواشنطن استعداداً لشن هجوم من دون قرار للمجلس. اسلاميو تركيا ضد الحرب في أنقرة، أعلن حزب "العدالة والتنمية" الاسلامي المعتدل الذي فاز في الانتخابات التشريعية التركية انه يعارض أي عمل عسكري اميركي ضد العراق. وقال عبدالله غول، نائب رئيس الحزب: "لا نريد حرباً في العراق". وتابع في تصريح الى شبكة "تي آر تي": "سنفعل كل ما يمكننا لتفادي حرب ستجر تركيا اليها، وسنتصرف بموجب مصالح بلادنا"، مذكراً بأنها تكبدت خسائر اقتصادية كبيرة قدرت بنحو اربعين بليون دولار بعد حرب الخليج في 1991. باريس و"الحل المناسب" وفي بداية زيارته كازاخستان اعتبر وزير الدولة الفرنسي للشؤون الخارجية رينو موزولييه ان "القوة من طرف واحد ليست اطلاقاً الحل المناسب". واستدرك: "نؤيد تعبئة العالم من أجل قضية سامية. القوة من طرف واحد ليست اطلاقاً الحل المناسب. الوضع في العراق معقد جداً ويتطلب الكثير من المحادثات الثنائية". وكرر موقف بلاده المؤيد لعودة المفتشين الى العراق و"عرض قرارين" على الأمن.