تواجه أسواق المال الأميركية في اسبوع التداول الجديد اليوم جملة من التطورات المهمة في مقدمها الانتخابات الاشتراعية التي ستقرر ما إذا كان الجمهوريون سيفرضون سيطرتهم على الكونغرس ويمنحون الرئيس جورج بوش حرية مطلقة للمضي في برنامجه الاقتصادي القائم على خفض الضرائب، وكذلك مدى قناعة المصرف المركزي مجلس الاحتياط الفيديرالي بأن سلسلة المؤشرات السلبية التي تنذر بتراجع النمو الاقتصادي في الربع الأخير من السنة تستوجب اجراء خفض اضافي على أسعار الفائدة القصيرة الأجل. يبدو أن الانتخابات التي تجري غداً ستفتقر إلى الإثارة بسبب تركز المنافسة في عدد قليل نسبياً من المقاعد، نحو 25 مقعداً في مجلس النواب و ستة مقاعد في مجلس الشيوخ. إلا أن تأكيد استطلاعات الرأي أن الناخب الأميركي بات مع اقتراب موعد هذه الانتخابات أكثر اهتماماً بالأوضاع الاقتصادية التي يعيشها منه بالحرب على العراق، يشير إلى احتمال أن تظهر نتائج التصويت مفاجآت لم تكن في حسبان الجمهوريين الذين راهنوا على انشغال الناخبين بمواجهة عسكرية مع بغداد. وكان مركز "بيو" للأبحاث في واشنطن خلص في نتائج استطلاع مثير، أجراه لرصد مواقف الناخبين من المنافسين على مقاعد الكونغرس على وجه التحديد، أن الاقتصاد والمسائل الاقتصادية جاءت في قمة اهتمامات 55 في المئة من الشريحة التي شاركت في الاستطلاع وضمت 1513 شخصاً، وفي المقابل حظي الارهاب والسياسة الخارجية باهتمام 22 في المئة من المستطلعة آراؤهم بينما لم تسترع عبارة الحرب أو العراق اهتمام سوى سبعة في المئة. لكن الغالبية العظمى من المراقبين اختارت عدم المغامرة بالتكهن بنتائج الانتخابات، التي ستشكل على الأرجح عامل غموض في اليومين الأولين من اسبوع التداول. وما أكده المراقبون أن أسواق المال تترقب رد فعل المصرف المركزي على سلسلة البيانات والتقارير السلبية الأخيرة التي جددت القلق ازاء الأوضاع الاقتصادية في الفترة المقبلة، ولا سيما ارتفاع معدل البطالة في الشهر الماضي وانهيار مؤشر ثقة المستهلكين إلى أدنى مستوى له منذ عام 1993. ومن المقرر أن تجتمع لجنة السوق التابعة للمصرف بعد غد الأربعاء لتتخذ قرارها سواء الحفاظ على سعر الفائدة على قروضه قصيرة الأجل للمصارف عند أدنى مستوى لها في أربعين عاما، أو إحداث خفض سيكون الثاني عشر منذ بداية العام الماضي. وتتوقع الأسواق أن يأتي هذا الخفض بحدود 25 نقطة أساس أي ربع نقطة مئوية، حسب رئيس مديري الاستثمار في مؤسسة "ميريل لينش" بوب دول، و50 نقطة أساس حسب آخرين، ما سيخفض سعر الفائدة إلى 1.5 وربما 1.25 في المئة. ويعتقد المراقبون أن الخفض المرتقب قد ينعكس، في حال حدوثه، ايجاباً على أسواق المال الأميركية التي أنهت للتو اسبوع تداول ايجابي آخر لتعزز بذلك المكاسب القوية التي حققتها، على رغم بعض التقلبات الحادة، في الأسابيع القليلة الماضية وتتيح لحملة الأسهم الأميركية تعويض قرابة تريليون دولار من الخسائر الضخمة التي لحقت باستثماراتهم سواء منذ بداية السنة الجارية أو منذ انفجار فقاعة التكنولوجيا في ربيع عام ألفين. وأقفل مؤشر الأسهم الممتازة "داو جونز" الصناعي مع نهاية جلسة تداول الجمعة عند 8518 نقطة مقلصاً خسائر العام إلى 1742 نقطة، أي ما يعادل 17 في المئة من قيمته. وأقفل مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" الأكثر تمثيلاً لأداء عموم الشركات الأميركية فوق مستوى 900 نقطة ليخفض هو الآخر خسائره إلى 271 نقطة، أي 23.7 في المئة، بينما أعاد مؤشر التكنولوجيا "ناسداك" مستوى خسائره إلى 698 نقطة، 34 في المئة، وذلك بعدما أقفل عند 1361 نقطة. وانتهى ما اكتسبته المؤشرات الثلاثة الرئيسية، منذ انحدرت إلى أدنى مستوياتها في التاسع من تشرين الأول أكتوبر الماضي، إلى تعويض "داو جونز" 1232 نقطة 17 في المئة واستعادة مؤشر "ستاندرد آند بورز" 123 نقطة 16 في المئة واكتساب مؤشر "ناسداك" 247 نقطة 22 في المئة، ما ساهم في المحصلة في انخفاض خسائر حملة الأسهم الأميركية للسنة الجارية إلى 2.657 تريليون دولار وإلى قرابة سبعة تريليونات دولار منذ انفجار فقاعة التكنولوجيا. وتعززت مكاسب المؤشرات في الفترة الأخيرة بنتائج الربع الثالث لأرباح الشركات، التي توقعت مؤسسة "فيرست كول" المتخصصة أن ترتفع بنسبة تراوح بين سبعة وثمانية في المئة مقابل 1.4 في المئة في الربع الثاني. لكن بعض المراقبين رأى أن أسواق المال قد تواجه تحدياً جدياً في الفترة المقبلة مع ارتفاع كل من معدل البطالة إلى 5.7 في المئة وعدد الوظائف التي خسرها الاقتصاد منذ بداية العام الماضي إلى 1.7 مليون وظيفة وما يعنيه ذلك كله بالنسبة للمستهلك الذي يشكل إنفاقه زهاء ثلثي الناتج المحلي.