على رغم ضخامة الخسائر التي تكبدتها مؤشرات أسواق المال الأميركية في نهاية الاسبوع الماضي وبداية الاسبوع الجاري لم يستبعد رئيس إحدى عمالقة شركات التكنولوجيا الأميركية إحتمال استمرار "مسلسل الانهيار" بعض الوقت، لاسيما أسهم شركات التكنولوجيا، لكنه أعرب عن إعتقاده أن المتاعب التي تتعرض لها صناعة التكنولوجيا وتؤثر سلباً على أسواق المال في غالبيتها حالة نفسية أكثر منها مشاكل جوهرية. وقال رئيس مجلس إدارة شركة الاتصالات العالمية "سبرنت كورب" المدير التنفيذي وليم إسري في مؤتمر صحافي تعليقاً على مايجري في أسواق المال: "ما يشهده ناسداك من عملية تصحيح لم يفاجئني وأعتقد شخصياً أن العملية ستستمر لبعض الوقت. لكني أعتقد في الوقت نفسه أن ما يُقال عن متاعب في صناعة التكنولوجيا هو في غالبيته حالة نفسية... عندما يشترك الناس في ردود أفعالهم يصبح الأمر وكأن الجميع يركضون إلى جانب واحد من المركب". وتدرج "سبرنت" وغيرها من عمالقة شركات التكنولوجيا أسهمها للتداول في سوق نيويورك لأوراق المال بورصة نيويورك لكنها خسرت ثلثي قيمتها السوقية نحو 40 بليون دولار في الأسابيع ال56 الماضية وهي فترة عصيبة شهد فيها مؤشر سوق التداول الالكترونية ناسداك في نيويورك، الذي تغلب عليه أسهم شركات التكنولوجيا، إنخفاضاً بنسبة 62 في المئة من ضمنها 22 في المئة منذ بداية السنة الجارية وقرابة 40 في المئة منذ آذار مارس الماضي. وكشفت معطيات "ناسداك" مدى عمق التراجعات الجديدة أول من امس الاثنين. وعلى رغم إحراز اسهم نحو 700 شركة تقدماً طفيفاً وإحتفاظ اسهم نحو 600 شركة أخرى بمواقعها إلا أن الخسائر طاولت زهاء تريليوني سهم وأكثر من 3100 شركة وكانت أفدح الخسائر من نصيب شركة التكنولوجيا الاسرائيلية المشهورة "جيلات ساتلايت نتووركس" التي إنخفضت أسعار أسهمها بمعدل 17.75 دولار للسهم الواحد مايعادل تراجعاً بنسبة 56 في المئة. وتعرضت غالبية عمالقة التكنولوجيا لخسائر مؤلمة أبرزها "إريكسون" السويدية التي إنخفضت أسهمها بنسبة 25 في المئة و"جي دي إس يونيفيز" 12 في المئة و"مايكروسوفت كورب" 8.38 في المئة و"أوراكل" 7.25 في المئة و"ديل كمبيوتر كورب" 5.61 في المئة علاوة على شركة أجهزة الاتصالات "سيسكو سيستمز" التي فقدت أسهمها 8.79 في المئة من قيمتها وإتهمت بالتسبب في موجة الخسائر الجديدة بعد خفض عدد من المؤسسات الاستثمارية توقعاتها في شأن أرباحها. ولم تنحصر خسائر أول من أمس في قطاع التكنولوجيا إذ تأثر عمالقة الاقتصاد الأميركي القديم بخسارة مؤشر "داو جونز" الصناعي 4.1 في المئة من قيمته بعدما فقد زهاء 436 نقطة واستقر عند أدنى مستوى له منذ تشرين الأول اكتوبر الماضي كما إنخفض مؤشر "ستاندرد آند بور" الذي يمثل قطاعاً عريضاً من الاقتصاد الأميركي بنسبة 4.3 في المئة لترتفع خسائره منذ الذروة في آذار الماضي إلى 22.7 في المئة ما يعتبره وول ستريت مؤشراً على الدخول في مرحلة ضعف للمرة الأولى منذ تشرين الأول 1990. "ناسداك" وآلاف شركات التكنولوجيا التي يمثلها في عمليات التداول 6.3 في المئة من قيمته وفقد 129.41 نقطة دفعة واحدة منخفضاً دون مستوى 2000 نقطة الذي يعتبره المراقبون حاجزاً نفسياً مهماً للكثير من المستثمرين لكن هذا الانخفاض يُعتبر في الوقت نفسه تداعياً جديداً من تداعيات مابات يُعرف الآن باسم "فقاعة التكنولوجيا" التي تشكلت حين تجاوز "ناسداك" حاجز 5000 نقطة وبلغ ذروته التاريخية في آذار مارس السنة الفين ليعلن تفوق الاقتصاد الجديد. ويرى المراقبون خلف التطورات الأخيرة التي بدأت في نهاية إسبوع التداول الماضي واستمرت في بداية الاسبوع الجاري أسباباً عدة أهمها تضاؤل آمال المستثمرين في الحصول على خفض جديد في سعر الفائدة الأساسي إثر صدور مؤشرات مفاجئة الجمعة أكدت أن الاقتصاد وفر الشهر الماضي فرص عمل جديدة بأعداد أكبر مما كان متوقعاً علاوة على استمرار مسلسل خفض توقعات الأرباح في تقارير شركات التكنولوجيا التي عزت متاعبها إلى ضعف الاقتصاد. واعترف رئيس شركة "سبرنت كورب" بما وصفه ب "طراوة الاقتصاد الأميركي" التي قال إنها بدأت منتصف الخريف الماضي لكنه أعرب عن إعتقاده أن المتاعب التي تواجهها شركات التكنولوجيا تعود إلى طموحاتها الكبيرة. وقال: "أعتقد أنها شركات التكنولوجيا تجاوزت في بعض النواحي قدراتها الذاتية وكانت تخطط للسير في مسار من النمو السريع وعندما يخرج المرء عن مسار من هذا النوع تكون الصدمة أشد". وتوقع إسري استمرار إنخفاض أسعار أسهم شركات التكنولوجيا في إطار عملية التصحيح التي تشهدها أسواق المال بسبب إرتفاع قيمتها السوقية نسبياً بالمقارنة مع اسعار اسهم "داو جونز" و"ستاندرد آند بور" لكنه أكد أن المتاعب التي تواجهها شركات التكنولوجيا، لاسيما ما يتعلق بإحتمال تعرض منتجاتها للكساد بسبب ضخامة مخزوناتها، ليست مشاكل جوهرية بل نفسية في غالبيتها وقال: "أن مشروع خفض الضرائب الذي تتبناه إدارة الرئيس جورج بوش من شأنه أن يلعب دوراً في تحديد المسار الذي سيتخذه الاقتصاد في المرحلة المقبلة إذ سيعالج مخاوف المستهلك النفسية علاوة على مخاوفه إزاء متانة وضعه المالي". وصدرت في الآونة الأخيرة تقارير عدة تؤكد تراجع ثقة المستهلك الأميركي، مايعتبره المراقبون تطوراً خطيراً من واقع أن الانفاق الاستهلاكي يشكل ثلثي الاقتصاد الأميركي لكن شركات التكنولوجيا تواجه تحدياً مباشراً يتمثل في تقارير ذكرت أن الشركات الأميركية استمرت في خفض موازناتها الخاصة بالانفاق الرأسمالي على التكنولوجيا للشهر التالي على التوالي وبلغت نسبة الخفض الشهر الماضي 51 في المئة مقارنة بنحو 28 في المئة في تشرين الثاني نوفمبر.