لبّى بحرينيون امس دعوة جمعيات سياسية الى الاعتصام امام مبنى وزارة العدل، احتجاجاً على عودة ضابط سابق فر من البلد فيما كانت وزارة الداخلية تحقق في مخالفات مالية ارتكبها. وأمكن تفادي إرباك أمني وعراك مع رجال أمن، فيما رفعت لافتات تطالب بعدم العفو عن "مرتكبي جرائم التعذيب والقتل"، ومحاكمة الضابط السابق في جهاز الاستخبارات. اشترك حوالى ألف مواطن بحريني غالبيتهم الساحقة من الشباب ومن أنصار "جمعية الوفاق الوطني" الاسلامية الشيعية المعارضة، في اعتصام امام وزارة العدل البحرينية في المنامة، تلبية لدعوة الجمعيات السياسية الأربع التي قاطعت الانتخابات النيابية، وهي جمعية "الوفاق" والتجمع القومي والعمل الوطني والعمل الاسلامي. ونظم الاعتصام احتجاجاً على عودة العقيد عادل فليفل الضباط السابق في جهاز الاستخبارات البحرينية الذي فر من البلد في ايار مايو الماضي، فيما كانت لجنة أمنية من كبار الضباط في وزارة الداخلية البحرينية تحقق في مخالفات مالية ارتكبها. وعلى رغم ان الدعوة الى الاعتصام كانت سلمية، بدا الحشد متوتراً. ولم تشهد البحرين مثله في ظل الانفراجات التي عاشتها على مدى نحو ثلاث سنوات. وأدى تدخل نائب رئيس "جمعية الوفاق الوطني" حسن مشيمع الى تفادي ارباك أمني بين عدد ضئيل من المحتشدين وبعض رجال الأمن، كاد ان يتحول الى عراك. ورفع المعتصمون لافتات تطالب بعدم العفو عن "مرتكبي جرائم التعذيب والقتل خارج القانون". وكذلك بإلغاء القانون الرقم 56 الذي صدر أخيراً ويتعلق بالعفو الشامل عن "الجرائم الماسة بالأمن الوطني". وقال حسن مشيمع ل"الحياة" ان هدف الاعتصام هو "المطالبة بمحاكمة الضابط فليفل، واذا أرادوا العفو عنه في ما بعد فلا مانع لدينا، إضافة الى العمل لإلغاء القانون بمرسوم الرقم 56، المتعلق بالعفو العام، لأنه مخالف للدستور والاتفاقات التي وقعتها البحرين مع منظمات دولية". وأكد ان الجمعيات "ستواصل نشاطها السلمي وستكون لها فاعليات اخرى من اجل العدالة". ووزعت في الاعتصام صور عادل فليفل وتحتها عبارة "العقيد الهارب من مواليد 1959 متهم في قضايا نهب وتشريد وتعذيب وقتل المعتقلين السياسيين في البحرين". وكان جهاز الأمن الوطني في مملكة البحرين أعلن في وقت متقدم ليل السبت ان عادل جاسم محمد فليفل عاد الى البلد كمواطن ليمثل امام القضاء المدني باعتباره طرفاً في قضايا متعلقة ببعض الحقوق المدنية. وجاء في البيان الذي بثته وكالة انباء البحرين الرسمية ان فليفل عاد "انطلاقاً من حق المواطن في العودة الى وطنه، ولم يعد منتسباً الى أي جهة رسمية". ولم يشر البيان الى رتبة الضابط السابق، أو تاريخ انتهاء خدماته في السلك العسكري. وكان مصدر مأذون له في وزارة الداخلية أصدر في 4 أيار الماضي، بياناً أعلن فيه هروب العقيد عادل فليفل الى جهة غير معلومة فجر الثالث من أيار، على رغم صدور أمر قضائي بمنعه من السفر، على ذمة احدى القضايا المدنية. وأضاف المصدر ان وزارة الداخلية لن تبحث من خلال القضاء في استمرارية تقديمه للمحاكمة، مشيراً الى اجراء الاتصالات واتخاذ الاجراءات اللازمة لملاحقة فليفل عن طريق "الانتربول". وذكر ان كل الحقوق والمستحقات الخاصة بأصحاب الشكاوى يكفلها القضاء في اطار الدعاوى المدنية والجنائية المتعلقة بهذا الشأن. وأمضى فليفل 204 ايام خارج البحرين، وعاد اليها الأحد الماضي آتياً من اندونيسيا. ولا توجد بعد اي شكوى قضائية أمام المحاكم بحق فليفل بتهمة التعذيب أو القتل أثناء توليه وظيفته العسكرية، على رغم ادعاء اشخاص عدة تعرضهم لهذا النوع من الاعمال على يديه. واعتبر بيان للجمعيات السياسية التي قاطعت الانتخابات ان عودة فليفل "تلحق الضرر بصدقية حركة الاصلاح التي تضمنها ميثاق العمل الوطني"، وتعد "انتكاسة غير مأمونة العواقب". وتابع البيان: "في الوقت الذي نؤكد موقفنا الثابت بضرورة صوت السلم الاجتماعي والاهلي، باحقاق الحق وعدم التهاون مع المتلاعبين بمصائر البلاد والمواطنين خلال فترة قانون أمن الدولة، نؤكد ايضاً ان العفو عن مرتكبي جرائم التعذيب والقتل يتناقض مع المبادئ الدستورية في دستور 1973، ومع احكام الدستور الجديد للمملكة".