بدأ الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة أمس زيارة رسمية لإسبانيا، هي الأولى لرئيس جزائري منذ مطلع التسعينات. وتركز محادثات الرئيس الجزائري على العلاقات الثنائية وتطور الأوضاع في منطقة المغرب العربي والشرق الأوسط والتهديدات الأميركية ضد العراق. وحظي بوتفليقة، أمس، باستقبال مميّز من الملك خوان كارلوس والملكة صوفيا في قصر لاثرثويلا وكبار المسؤولين في الحكومة الإسبانية، على رأسهم رئيس الحكومة خوسيه ماريا أثنار. واقيمت مساء حفلة عشاء في القصر الملكي تكريما له. والتقى ظهراً وزير الخارجية الجزائري السيد عبدالعزيز بلخادم نظيرته الإسبانية انا بالاثيو. ويشمل برنامج زيارة الوفد الجزائري لإسبانيا لقاء مع الكونفيديرالية الإسبانية لمنظمات أصحاب العمل ولقاءات مع أعضاء البرلمان. ويختتم الرئيس الجزائري اليوم زيارته بعقد ندوة صحافية بعد توقيعه مع أثنار "معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون" التي ستكرس تعزيز العلاقات السياسية والإقتصادية بين البلدين. ولفت مصدر ديبلوماسي الى أن زيارة بوتفليقة تأتي تلبية لدعوة رسمية وجهت إلى الرئيس اليمين زروال في 1998، وجُددت مطلع السنة الجارية. وهي تتزامن مع تردي العلاقات بين إسبانيا والمغرب والذي انعكس من خلال "الحملة" التي شنتها صحف مغربية على الزيارة، على أساس أنها "عمل مناف للطبيعة التاريخية والجغرافية". وبالنسبة الى الجزائر، تهدف الزيارة الرسمية إلى "تعميق التقارب" مع إسبانيا من خلال درس عدد من الملفات المشتركة مثل الوضع في الصحراء الغربية ومستقبل تكتل دول إتحاد المغرب العربي. وكانت الجزائر البلد العربي والإسلامي الوحيد الذي استنكر "سياسة الأمر الواقع" المغربي على جزيرة ليلى في الصيف، وهو الموقف الذي أثار استياء المغرب. وقال المصدر الديبلوماسي ان الجزائر تسعى الى دور إسباني ايجابي في منطقة المغرب العربي، وأيضاً الى الحصول على مساعدتها في الإندماج أكثر في إطار الحلف الأطلسي، إذ تستضيف إسبانيا مقر قيادة هذه القوات في منطقة الحوض الغربي للمتوسط. وقال السفير الجزائري السابق في مدريد السيد عبدالعزيز رحابي ان بوتفليقة "سيحمل معه إلى المسؤولين الإسبان رسالة عرفان من الحكومة الجزائرية، كون إسبانيا البلد الأوروبي الوحيد الذي وقف مع الجزائر في أشد الفترات الصعبة التي مررنا بها منذ تصاعد الأعمال الإرهابية". ولفت إلى أن إسبانيا قدمت الى الجزائر قروضاً بقيمة 800 مليون دولار في كانون الأول ديسمبر 1995 عندما أشرفت الجزائر على الإفلاس ولم يكن بمقدورها الوفاء بإلتزاماتها المالية. وتحدث رحابي في تصريح الى "الحياة" عن رغبة الجزائر في أن يكون لإسبانيا دور أكبر في منطقة المغرب العربي والضفة الجنوبية لحوض المتوسط، فضلاً عن الدعم الذي أصبحت تقدمه للجزائر خلال المناقشات الدولية الخاصة بقضية الصحراء الغربية. إذ تبنت إسبانيا موقفاً داعماً للموقف الجزائري في ما يخص تنظيم إستفتاء تقرير المصير في الصحراء الغربية.