تفاعلت القضية السودانية أمس بشقيها السياسي والعسكري، إذ أعلن الوسطاء في النزاع أن الحكومة و"الحركة الشعبية لتحرير السودان" اتفقتا على استئناف مفاوضات السلام في ال14 من الشهر الجاري. ووصفوا هذا التطور بأنه "اتفاق على وقف الاعمال العدائية وشن هجمات عسكرية... لايجاد اجواء ملائمة للمفاوضات"، فيما اعتبره ناطق باسم المتمردين "فترة طمأنينة... وليس اتفاقاً على وقف النار". راجع صفحة 8 وفي تطور مفاجىء في العلاقات السودانية - الاريترية اتهمت الخرطوم اسمرا امس بالوقوف وراء الهجوم الذي شنته المعارضة السودانية الخميس في شرق البلاد، وذكرت وكالة الانباء السودانية ان وزير الدفاع اللواء بكري حسن صالح عرض امام الرئيس عمر البشير ووزراء خلال اجتماع استثنائي "تفاصيل العدوان الاريتري". ويبدو ان فتح المعارضة السودانية الجبهة الشرقية اول من امس وإعلانها سقوط مدينة همشكوريب نفته الحكومة انعكس بوادر انشقاق داخل الحزب الاتحادي الديموقراطي الذي يتزعمه محمد عثمان الميرغني رئيس "التجمع الوطني الديموقراطي" المعارض. فبعد إعلان الميرغني اول من امس رفضه فتح الجبهة الشرقية، اصدر الناطق باسم الحزب وقيادي في قوات موالية له بيانين يؤيدان العمليات العسكرية في الجبهة الشرقية. وفي الاطار نفسه، اكدت القيادة العسكرية ل"التجمع" ان قواتها في هذه الجبهة استولت امس على حاميتين جديدتين، إضافة الى همشكوريب وشللوب، وانها تتقدم في اتجاه جنوبالبحر الاحمر. واعلنت "السلطة الحكومية للتنمية ومكافحة الجفاف" ايغاد في بيان امس: "بعد مشاورات بين حكومة السودان والجيش الشعبي لتحرير السودان الذراع العسكرية للحركة الشعبية"، اتفق الفريقان على استئناف المفاوضات في 14 تشرين الثانياكتوبر 2002". لكن الناطق باسم الحركة ياسر عرمان قال في اتصال هاتفي مع "الحياة" من اسمرا: "نحن جاهزون في اي وقت لاستئناف المفاوضات. ما اتفقنا عليه مع الوسطاء هو فترة طمأنينة خالية من العمليات العسكرية ولا يمثل وقفاً لاطلاق النار او إنهاءً للاعمال العدائية، لأن ذلك جزء من الترتيبات الامنية وهي تأتي في البند الثالث والاخير من برنامج التفاوض. ان وقف اطلاق النار يحتاج الى الفصل بين القوات ورقابة دولية". وفي تطور جديد في الجبهة الشرقية، ذكر بيان أصدره مكتب جون قرنق رئيس القيادة العسكرية الموحدة ان قوات التجمع "تمكنت من الاستيلاء على حاميتي كبريت ودرون درون"، النقاط الخارجية لمدينة همشكوريب. وبذلك تكون "سيطرت كلياً على همشكوريب"، فيما تواصل تقدمها نحو مدينة طوكر جنوبالبحر الأحمر. من جهة اخرى، اربك موقف الميرغني الرافض نقل الحرب الى شرق البلاد، قادة الحزب ومؤيديه من العسكريين الناشطين في صفوف المعارضة الذين يعتقد بأنهم يشاركون في الهجوم الحالي الذي اطلقه قرنق قبل يومين. وتعمد بيانان اصدرهما الناطق الرسمي باسم الحزب عادل سيد احمد عبدالهادي والناطق باسم "قوات الفتح" الموالية للميرغني الرد صراحة على ما ورد في بيان اصدره زعيم الحزب اول من امس بعد ساعات على اعلان قرنق استيلاء مقاتلي "التجمع" على مدينة همشكوريب وحامية في منطقة متاخمة لمدينة كسلا الحدودية المهمة. واكد الميرغني الذي يعتمد على سند واسع في شرق البلاد انه "آسف لتجدد العمليات في الشرق، ويرفض ما يجري فيه خصوصاً انه يتم في وقت يسعى إلى تفعيل المسعى الاريتري ويعلن ان لا علم له بهذا التحرك الا عبر ما تناقلته وسائل الاعلام". واكد بيان اصدره القائد معتز عثمان الفحل الناطق باسم حركة "قوات الفتح" ان "الحركة تشارك قوات التجمع في خوضها هذه المعارك"، في اشارة الى هجوم همشكوريب "وتهنئ مقاتليها الابطال بما حققوه من انتصارات … وتؤكد مجدداً ايمانها المطلق بخيار العمل المسلح في مواجهة النظام". وفي تطور آخر لتفاعلات القضية اصدر عبدالهادي بياناً قال فيه ان الحزب الاتحادي "يؤكد موقفه الملتزم الثابت للمواثيق والعهود والاتفاقات مع كل فصائل التجمع والتنسيق الكامل في كل المجالات العسكرية والسياسية". وبدا في ذلك يرد على قول الميرغني انه لم يكن على علم سابق بالهجوم على همشكوريب، احد معاقل رجال الصوفية وتعتبر مركزاً لتدريس القرآن الكريم.