طالب الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات امس الرئيس الاميركي جورج بوش بالعمل على وقف قرار الكونغرس الاميركي تسمية القدس عاصمة موحدة لاسرائيل، فيما اعتبرت حكومة المملكة العربية السعودية القرار "مناقضاً للشرعية الدولية وقراراتها"، وطالبت لجنة القدسواشنطن بالتزام المرجعيات الاساسية لعملية السلام. ودانت مصر قرار الكونغرس لكنها رحبت بقرار الرئيس جورج بوش عدم تنفيذه، ورفضته سورية محذرة من أخطار تنفيذه على الأمن والسلم في المنطقة والعالم. رام اللهالضفة الغربية، الرياض، دمشق، القاهرة، الرباط، موسكو - "الحياة"، أ ف ب، رويترز - وصف الرئيس الفلسطيني قرار الكونغرس الاميركي بأنه "كارثة". وقال في مؤتمر صحافي عقده في رام الله في الضفة الغربية بعدما التقى القناصل العامين واعضاء السلك الديبلوماسي وممثلي الدول لدى السلطة الوطنية امس: "اننا نطالب الرئيس جورج بوش والادارة الاميركية بالعمل على وقف قرار الكونغرس الاميركي بتسمية القدس عاصمة رسمية لاسرائيل". ووصف عرفات قرار الكونغرس بأنه "كارثة لا يمكن السكوت عليها ولا يمكن القبول بها من المسيحيين والمسلمين". وأوضح: "اننا سنتحرك لوقف هذا القرار بسرعة لان القدس تمس المجتمع الدولي كله". وحمل عرفات القناصل والسفراء المعتمدين لدى السلطة الوطنية رسائل رسمية الى حكوماتهم ودولهم طلب فيها "العمل الفوري لتحقيق التنفيذ الفعلي والسريع لقرار مجلس الامن الدولي الرقم 1435، بما في ذلك الانسحاب الحقيقي وليس الوهمي للقوات الاسرائيلية من الاراضي الفلسطينية"، موضحاً: "ان هذه القوات ما زالت موجودة حول المقر وتحتل البنايات المقابلة له". ووصف عرفات تصريح رئيس الوزراء البريطاني توني بلير اول من امس الذي دعا فيها اسرائيل الى تطبيق قرارات مجلس الامن انه "تصريح مهم جداً ويجب ان يكون التطبيق للقرارات الدولية على الجميع وليس على فئة دون اخرى". استنكار سعودي وخليجي لقرار الكونغرس واعتبرت المملكة العربية السعودية ان قرار الكونغرس الاميركي الخاص باعتبار القدس عاصمة لاسرائيل "مناقض للشرعية الدولية وقراراتها التي تنص على بطلان القوانين الاسرائيلية التي تعتبر القدس عاصمة موحدة لاسرائيل". وصرح ناطق رسمي سعودي لوكالة الانباء السعودية امس بأن المملكة العربية السعودية تابعت "بقلق شديد وانزعاج بالغ" الاخبار عن إصدارالكونغرس قانون تفويض العلاقات الخارجية لعام 2003 الذى يضم قسماً يعترف بالقدس عاصمة لاسرائيل، و"ان حكومة المملكة العربية السعودية ... تنظر الى هذا القرار بأنه مناقض للشرعية الدولية ومخالف لقرارات مجلس الامن ومنها القرار الرقم 252 لعام 1968 والقرار الرقم 267 فى تموز يوليو 1969 والقرار 271 فى ايلول سبتمبر 1969 والقرار 298 فى أيلول 1971 والتى تدعو كلها الى الغاء كل الاجراءات التى من شأنها أن تغير الوضع فى القدس كما أنه يتناقض تماماً مع قرارات مجلس الامن رقم 465 و476 و478 لعام 1980 التى تنص على بطلان القوانين الاسرائيلية التى تعتبر القدس عاصمة موحدة لاسرائيل كما أنه يتناقض مع نهج سياسة الولاياتالمتحدة نفسها". وقال الناطق ان المملكة العربية السعودية "فوجئت بهذا القرار الذي ترى أن من شأنه ارسال رسالة خاطئة لاسرائيل ستشجعها على المزيد من التصلب والتطرف فى سياستها واجراءاتها التى ترتكبها ضد الفلسطينيين وضد الشرعية الدولية وقرارات الاممالمتحدة". واضاف ان "حكومة المملكة العربية السعودية على ثقة من أن الادارة الاميركية بقيادة الرئيس جورج بوش ستتخذ من الخطوات ما يدعم تحقيق ما سبق أن أعلنه عن اقامة دولة فلسطينية مستقلة فى الاراضى العربية الفلسطينية التى احتلتها اسرائيل عام 1967 وأن يتحدد وضع القدس فى المرحلة النهائية من المفاوضات بين الجانبين". كما استنكرت الامانة العامة لمجلس التعاون الخليجي قرار الكونغرس الاميركي، وأعرب بيان صدر عن الامانة امس في الرياض عن "بالغ القلق" لما للقرار من انعكاسات سلبية تضر بعملية السلام في الشرق الاوسط. وفي القاهرة، قال الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى في بيان اصدرته الجامعة امس ان القانون الاميركي الجديد الذي يطالب بالاعتراف بالقدس عاصمة اسرائيل "يؤدي الى نسف الجهود المبذولة لاعادة النزاع العربي - الاسرائيلي الى المسار الصحيح والابقاء على الاحتلال والمقاومة والتوتر والعنف". وقال مسؤولون اميركيون ان وضع القدس يجب ان يتحدد خلال مفاوضات الوضع النهائي بين الفلسطينيين والاسرائيليين. ورحب بيان الجامعة العربية بالتصريحات الاميركية قائلاً: "اعرب الامين العام عن ارتياحه للتصريحات الرسمية الصادرة عن البيت الابيض والتي تؤكد ان ملف القدس سيتم تسويته فقط حول طاولة المفاوضات". مصر تعرب عن أسفها للقرار وترحب بعدم تنفيذ بوش له وأعربت مصر عن أسفها الشديد لقرار الكونغرس الاميركي اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، إلا أنها رحبت في الوقت نفسه على لسان وزير خارجيتها أحمد ماهر بقرار الرئيس بوش عدم تنفيذ هذا القرار. وأكد ماهر في تصريحات صحافية له امس أن مصر تأسف لصدور القرار في هذا الوقت بالذات وكأنه نوع من التشجيع لإسرائيل، وقال: "إننا كنا نتوقع أن يقوم الكونغرس والإدارة بالضغط على اسرائيل لكي تستجيب لمتطلبات الشرعية الدولية لا أن تنال اسرائيل ما يمكن اعتباره مكافأة". وأوضح ماهر في تصريحاته أن السفراء العرب في واشنطن توجهوا الى البيت الابيض حيث ابدوا اعتراضهم على هذه العملية السياسية. واشار الى تلقيه اتصالاً هاتفياً من نظيره اللبناني محمود حمود باعتبار بلاده رئيس الدورة الحالية للقمة العربية تم خلاله بحث التحرك على الصعيدين العربي والاسلامي لتأكيد حقيقة وضع القدس ورفض أي محاولة للمساس بهذا الوضع. ولفت ماهر الى التناقض الاميركي بين اعتبار القدس احد مواضيع التفاوض بينما يضع الكونغرس حدوداً مسبقة لهذا التفاوض غير متماشية مع الشرعية الدولية، مشيراً الى تناقض مشابه في اسرائيل التي سبق ان قدمت اقتراحات تفيد بأن ليس كل القدس عاصمة لإسرائيل بل ان جزءاً منها وهو الجزء الشرقي عاصمة لفلسطين. وأكد ماهر أن "موضوع القدس محسوم، فالقدسالشرقية هي عاصمة دولة فلسطين المستقلة ولا يستطيع أحد أن يجادل في هذا". سورية تحذر من اخطار على المنطقة وأعلنت سورية أمس رفضها قرار الكونغرس الأميركي، وحذرت "من أخطار تنفيذه على الأمن والسلم في المنطقة والعالم"، ودعت الادارة الأميركية الى عدم تنفيذه. ودعا بيان رسمي للخارجية السورية العرب والمسلمين الى "تفعيل قرارات القمم العربية والاسلامية في شأن القدس"، ودعا "الأممالمتحدة الى تحمل مسؤولياتها في الدفاع عن صدقيتها وقراراتها". ورأى البيان في القرار الاميركي "خروج الولاياتالمتحدة عن أحكام القانون والشرعية الدولية، خصوصاً قرارات مجلس الأمن التي صوتت عليها الولاياتالمتحدة بالموافقة والتي اعتبرت القدس جزءاً من الأراضي التي احتلتها اسرائيل عام 1967". واكد ان "القرار يبرهن مرة اخرى على الانحياز الأميركي السافر لاستمرار الاحتلال الاسرائيلي للقدس والأراضي العربية المحتلة، مما يؤكد الدعم اللامحدود الذي تقدمه الولاياتالمتحدة لاسرائيل التي ما زالت ترفض تنفيذ اكثر من 28 قراراً صادراً عن مجلس الأمن". لجنة القدس وفي الرباط، اعرب ناطق باسم رئاسة لجنة القدس التي يرأسها العاهل المغربي الملك محمد السادس عن أمله بأن تظل الولاياتالمتحدة، باعتبارها راعية السلام في الشرق الاوسط، "ملتزمة قرارات الشرعية الدولية والمرجعيات الاساسية لعملية السلام". وأوضح المسؤول المغربي على اثر موافقة الرئيس بوش على قانون الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل ان قضية القدس"تعتبر من القضايا الجوهرية المحتفظ بها في جدول اعمال مفاوضات الوضع النهائي"، وان مستقبل المدينة يبقى رهناً "بما سيتم التوصل اليه من حل عن طريق الحوار والتفاوض". وأضاف ان رئاسة لجنة القدس تأمل بأن تواصل الادارة الاميركية جهودها لايجاد مخرج للأزمة الخطرة التي تجتازها منطقة الشرق الاوسط. وناشدت جميع الاطراف "بذل مساعيها من اجل الحفاظ على الوضع القانوني للقدس" وفق قرارت الاممالمتحدة والاتفاقات ذات الصلة "الى حين الحسم بشكل نهائي". ووصفت المفاوضات بانها "الخيار الوحيد للتوصل الى حل عادل ونهائي للقضية الفلسطينية". روسيا تنتقد وانتقدت روسيا امس قرار الكونغرس الاميركي ودعت الى تجنب اي قرار منفرد يؤثر في نتائج المفاوضات المستقبلية حول وضع المدينة المقدسة المثير للجدل. وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان لها: "ندعو كل الاطراف الى الامتناع عن اعمال احادية الجانب تستبق نتائج المفاوضات حول الوضع النهائي" للقدس.