تصدى الرئيس الاميركي جورج بوش للجهود التي يبذلها الكونغرس لاعتبار القدس عاصمة اسرائيل معتبرا ان اتخاذ قرار من هذا النوع من قبل البرلمانيين يشكل خرقا لصلاحياته الدستورية. وعلى رغم توقيع بوش على قانون يتضمن بنداً يصف القدس بأنها "عاصمة اسرائيل"، فانه اعتبر هذا البند متعارضا "بطريقة غير مقبولة" مع سلطاته الدستورية المتعلقة بالسياسة الخارجية لبلاده واكد ان "سياسة الولاياتالمتحدة بشأن القدس لم تتغير". وأكد مسؤول فلسطيني ان السلطة ستدعو الجامعة العربية ولجنة القدس ومجلس الامن الدولي للانعقاد رداً على ادراج الكونغرس بنداً في قانون العلاقات الخارجية عن القدس. ودان اتحاد المحامين العرب خطوة الكونغرس وطالب الجهات الدولية والاقليمية بتكثيف الضغوط لحمل اسرائيل على الانسحاب من الاراضي الفلسطينية بما فيها القدس. واعتبرت قطر، رئيسة الدورة الحالية لمنظمة المؤتمر الاسلامي، اعتماد الكونغرس قانون العلاقات الخارجية بما ورد فيه عن اعتبار القدس عاصمة لاسرائيل "مخالفة صريحة لقرارات مجلس الامن الدولي الخاصة بالقدس وبخاصة القرار الرقم 478". واشنطن، غزة، رام الله، القاهرة، الدوحة، جدة - "الحياة"، أ ف ب، رويترز - اعلن البيت الابيض ان الرئيس وقع الاثنين على قانون العلاقات الخارجية الذي يتضمن موازنة وزارة الخارجية للسنة المالية 2003 التي اعتمدها الكونغرس الخميس وكانت تنتظر توقيع بوش. لكن بوش اكد في رسالة للبرلمانيين ارفقها بنص القانون انه يحتفظ بحق تجاهل بعض بنوده التي تخالف مسؤوليته الدستورية في السياسة الخارجية. ودعت ادارة بوش الكونغرس مراراً الى ازالة اي تعابير تدعو الى نقل السفارة الاميركية من تل ابيب الى القدس ورفض تمويل اي وثيقة اميركية في هذا الشأن قبل تحديد الوضع النهائي للمدينة. لكن الكونغرس ادرج في قانون العلاقات الخارجية بنداً يعترف بالقدس عاصمة لاسرائيل. وقال بوش في بيان ان "البند 214 المتعلق بالقدس يتعارض بطريقة غير مقبولة مع سلطات الرئيس الدستورية حول السياسة الخارجية للأمة والاشراف على الشق التنفيذي" للحكومة، مؤكداً ان "سياسة الولاياتالمتحدة بشأن القدس لم تتغير". واضاف ان ادراج هذا البند "يشكل تدخلا في السلطة الدستورية التي يتمتع بها الرئيس لصياغة موقف الولاياتالمتحدة والتحدث باسم الامة في مجال السياسة الخارجية وتحديد الشروط التي يتم بموجبها الاعتراف بالدول الاجنبية". واكد بوش ان "موافقتنا على القانون لا تعني بأي حال من الاحوال اعتماد مختلف بنوده السياسية كمبادئ للسياسة الخارجية للولايات المتحدة". وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية رتشارد باوتشر ان "موقفنا المتعلق بالقدس مرتبط بمسألة وضعها الدائم الذي يجب ان يحدد بتسوية سلمية تفاوضية". ويأمل الكونغرس في نقل السفارة الاميركية من تل ابيب الى القدس بينما تؤكد الادارة الاميركية ان وضع القدس يجب ان يبحث في اطار مفاوضات السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين، وبانتظار ذلك تبقي على سفارتها في تل ابيب. وقال مسؤول في ادارة الرئيس بوش ان الرئاسة الاميركية رأت انه يمكن توقيع النص بدون الاقرار بكل العناصر التي يضمها واعتبارها "توجيهية لا الزامية". السلطة الفلسطينية: توقيع خطير جداً من جهة اخرى، اكد مسؤول فلسطيني ان السلطة الفلسطينية ستتوجه الى مجلس الامن الدولي ولجنة القدس المنبثقة عن المؤتمر الاسلامي والجامعة العربية للانعقاد رداً على إدراج الكونغرس بنداً يعترف بالقدس عاصمة لاسرائيل في قانون العلاقات الخارجية. ووصف المسؤول التوقيع على القانون بانه "خطير جداً". وطالبت القيادة الفلسطينية في بيان بثته وكالة الانباء الفلسطينية وفا الرئيس الاميركي بوش وادارته "بوقف هذا القرار غير الملزم جملة وتفصيلا وبضرورة تأكيده المواقف الاميركية الرسمية الملتزمة بقرارات مجلس الامن المتعلقة بانهاء الاحتلال وبعدم شرعية ضم القدس وبكل الاتفاقات الموقعة مع اسرائيل والتي تمت برعاية وشهادة الولاياتالمتحدة وضمانتها". ودان وزير الحكم المحلي الفلسطيني صائب عريقات توقيع بوش على القانون وقال : "هذا القرار في غاية الخطورة. ولم يحدث في التاريخ ان يقرر مجلس تشريعي عاصمة دولة اخرى. والادارة الاميركية ليست من يحدد مصير القدس". اتحاد المحامين العرب يستنكر كما دان اتحاد المحامين العرب امس قرار الكونغرس الاميركي اعتبار القدس عاصمة لاسرائيل وافاد بيان منه ان "اتحاد المحامين تلقى ببالغ القلق توقيع الرئيس الاميركي على قرار الكونغرس، مؤكدا استنكاره مواصلة الادارة الاميركية .. ضغوطها التي تتجاهل تماما قرارات الشرعية الدولية التي اكدت ان القدس مدينة محتلة". قطر: مخالفة لقرارات مجلس الأمن واعتبرت قطر، رئيسة الدورة الحالية لمنظمة المؤتمر الإسلامي "أن ما ورد في قانون العلاقات الخارجية بشأن اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل ... يُعتبر مخالفة صريحة لقرارات مجلس الأمن الدولي الخاصة بالقدس، خصوصاً القرار الرقم 478". وأعربت الدوحة على لسان مصدر مسؤول في وزارة الخارجية أمس عن "استيائها واستنكارها" ورأت في ذلك "استفزازاً لمشاعر الأمتين العربية والإسلامية". لكن المصدر اشار بارتياح إلى "تأكيد الرئيس بوش أن البند المتعلق بالقدس يتعارض بطريقة غير مقبولة مع سلطات الرئيس الدستورية حول السياسة الخارجية للأمة والاشراف على الشق التنفيذي للحكومة"، كما لفت المصدر إلى "تأكيد الرئيس الأميركي أن سياسة الولاياتالمتحدة بشأن القدس لم تتغير". ودان الامين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي القانون الذي تعتبر فقرة فيه القدس عاصمة لاسرائيل وقال في بيان حصلت "الحياة" على نسخة منه "أنه يأسف لهذا القرار الذي رفضت اتخاذه الإدارات الأميركية السابقة"، واعتبر أن "اتخاذه في هذا الوقت بالذات الذي تشن فيه إسرائيل حملة عدوانية غير مسبوقة على الشعب الفلسطيني من شأنه أن يثير مشاعر المسلمين في كل أقطارهم، ولا يسهل مهمة الولاياتالمتحدة كراعية سلام في منطقة الشرق الأوسط".