الخميس المقبل، يكتمل انتخاب أعضاء البرلمان البحريني ال40، إذ لم يفز في الدورة الأولى الخميس الماضي سوى 19 نائباً. ومع انتخاب البرلمان الذي شارك فيه الذكور والاناث، يفتح الباب أمام ملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة لتعيين أعضاء مجلس الشورى ال40، ليشكل المجلسان معاً المجلس الوطني الذي يتولى السلطة التشريعية في البلاد. فاز في الدورة الأولى للانتخابات النيابية التيار الإسلامي بشقيه السني والشيعي، كما حصل تماماً في الانتخابات البلدية في أيار مايو الماضي. ويتوقع أن تتواصل وتيرة سيطرة الإسلاميين على المقاعد المتبقية في البرلمان وعددها 21 مقعداً في الدورة الثانية المقررة في 31 تشرين الأول اكتوبر الجاري. وغاب عن هذه الانتخابات أكبر التيارات الشيعية في البحرين، المتمثل بجمعية الوفاق الوطني الإسلامي وجميع رموزه من الذين سُجنوا أو تم نفيهم خارج البلاد في التسعينات وتحظى هذه الجمعية بدعم ورعاية من العلماء الشيعة، علماً أنها حصدت في الانتخابات البلدية حوالى نصف المقاعد. وأجمع المراقبون أن المكسب الأساسي والكبير الذي أفرزته العملية الانتخابية، وهي الأولى في عهد الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة، هو أن الخلاف العميق في الرؤية السياسية للأوضاع بين السلطة والمعارضة، وتحديداً التيار الشيعي، بقي في إطار ديموقراطي ولم يفرز حال عنف كما كان يحصل في الماضي. ويعتقد هؤلاء المراقبون بأن السنوات الأربع المقبلة، وهي مدة ولاية المجلس النيابي المنتخب، ستكون المحك في ترجمة ما أعلنه الجميع، في هذه المرحلة، أن لا عودة إلى الوراء، وإلى العنف والعنف المضاد، مهما تعمقت وتباعدت الخلافات السياسية. وقد يكون الشرط الأساسي للحفاظ على المكسب الذي تحقق في الانتخابات النيابية، هو عدم تحول الخلاف السياسي أعمال عنف تظاهرات وحرائق واعتقالات و...، وإنما الابقاء على أجواء الحرية السياسية، وما يتبع ذلك من حريات واحترام الجمعيات السياسية لتعهداتها ان الحوار هو خيارها الاستراتيجي ولا عودة اطلاقاً إلى العمل السري ونبذ العنف كوسيلة لتحقيق مآرب سياسية. ويقول أحد المحامين المعنيين بالشأن العام إنه إضافة إلى الأوضاع الاقليمية التي ساعدت وساهمت في خلق الأجواء هي الديموقراطية، فإنه لا بد، في المرحلة المقبلة، من بناء وتعزيز المؤسسات التي لحظها المشروع الإصلاحي، ابتداء من السلطة التشريعية والقضاء والمحكمة الدستورية والرقابة المالية وفرص العمل للجميع. ويعتبر المحامي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، ان نوعية اعضاء مجلس الشورى وتاريخهم وسجلهم ونظرة المواطنين إليهم، إضافة إلى شكل التركيبة الوزارية، كل ذلك من العناصر الأساسية في المساعدة على تحفيز الحوار مع الجميع، خصوصاً مع رموز "جمعية الوفاق الوطني الإسلامي" لتقريب وجهات النظر السياسية مع النظام التي على ما يبدو كانت ستتحقق قبل الانتخابات، بخاصة أنه أصبح معروفاً أن عدداً من هذه الرموز أيد المشاركة في الانتخابات النيابية، لكنه لم يتمكن من اقناع قاعدته بذلك. أما بالنسبة إلى المجلس النيابي المنتخب وتوقع سيطرة الإسلاميين عليه، فهناك اجماع بين المراقبين على أن وجود هؤلاء داخل البرلمان سيساعد الحكم ولن يكونوا عقبة أمام مواصلة المشروع الإصلاحي، خصوصاً أن غالبية هؤلاء، سواء السنة أو الشيعة، عرف عنها تعاطفها وتلاقيها مع سياسة النظام، إلا في حالة واحدة، وهي السياسة السياحية التي يمكن ايجاد حل لائق لها يرضي الجميع ولا يضر باقتصاد البلاد.