خلص خبراء في مجال التكنولوجيا النووية الى ان الدول الواقعة في المناطق شبه الجافة ستحتاج الى استخدام تقنية تحلية مياه البحر لمواجهة النقص المتوقع في مصادر المياه العذبة خلال العقود الثلاثة المقبلة، ما سيجعلها مضطرة الى الاعتماد على الطاقة النووية لاغراض التنمية. وقال مشاركون من نحو 35 دولة في مؤتمر دولي حول استخدام الطاقة النووية لتحلية مياه البحار عقد في مراكش هذا الاسبوع ان هذه التقنية ستكون البديل المتوافر للدول العربية ودول اخرى في اوروبا وآسيا وافريقيا واميركا الجنوبية للتغلب على النقص المسجل في مصادر المياه. وأضاف الخبراء ان تحلية مياه البحر ستبقى البديل المتوافر لتلبية الزيادة في الطلب على المياه بسبب الضغط الديموغرافي وتحديات التنمية الاقتصادية الاجتماعية والتقلبات المناخية. وطالب المؤتمر من الدول الكبرى التعاون مع الدول الاقل تنمية لتوسيع استعمال الطاقة النووية لاغراض التنمية تحت اشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تدعو منذ اربعين عاماً الى نشر وتبادل المعلومات حول تقنيات تحلية مياه البحر، التي من دونها لن يتمكن حوالى 1,2 بليون شخص من الحصول على المياه الضرورية للعيش. وقال خبراء من المجلس العالمي للماء ان قضية المياه ستكون على رأس الاولويات في المرحلة المقبلة وعليها سيتوقف مصير التنمية في انحاء كثيرة من العالم. وأضافوا ان سوء استخدام المياه المشتركة قد يؤدي الى نزاعات وحروب على اعتبار ان الكميات المتوافرة والمقدرة بنحو 40 تريليون متر مكعب سنوياً لن تكفي حاجات البشرية في العقود المقبلة بسبب التلوث البيئي والضغط السكاني والتوسع الصناعي، اذ سيتراجع نصيب الفرد من الماء سنة 2025 الى نحو 4783 متراً مكعب من اصل 7685 متراً عام 1990 ونحو 13.4 الف متر مكعب عام 1960. وتطالب الدول النامية برفع القيود عن تملك التقنيات النووية لاغراض التنمية لتسهيل مشاريع تحلية مياه البحر بأسعار تنافسية لتعويض النقص المسجل في موارد المياه الطبيعية الاخرى. وتعتبر المنطقة العربية اكثر مناطق العالم اعتماداً على تحلية مياه البحر خصوصاً في دول الخليج، إذ تراوح النسبة بين 90 في المئة في الكويت و40 في المئة في السعودية، وهو ما يضمن لتلك الدول مصادر مائية مهمة تستخدم في الاغراض الصناعية والاستعمالات البلدية. وتحول الكلفة المرتفعة للتحلية دون اعتماد مناطق اخرى في شمال افريقيا على التقنية نفسها، اذ لا تمثل المياه المحلاة أكثر من خمسة في المئة من اجمالي الاستهلاك، وهو الامر الذي يحول دون استقرار السكان في المناطق الاكثر جفافاً. وكان نصيب الفرد في دول المغرب العربي من الماء تراجع الى دون النصف في العشرين عاماً الاخيرة وهو مرشح ان يقل عن 700 متر مكعب بعدما كان 3430 متراً في عام 1960. وكلف تراجع تساقط الامطار في العقدين الاخيرين الاقتصاد المغربي نحو ثمانية في المئة من الناتج المحلي سنوياً، بسبب جفاف بعض الاودية وتلوث جزء من المياه السطحية وتصحر مناطق كانت خضراء وتحتاج الى استثمارات ضخمة لمعالجتها، ما دفع عشرات الآلاف من السكان الى هجرة أراضيهم القاحلة. ويرغب المغرب الذي رعى المؤتمر الى احياء مشروع محطة نووية لتحلية مياه البحر في منطقة طان طان جنوب البلاد، كان تعاقد في شأنها مع الصين قبل ثلاثة اعوام، لتوفير كميات كافية من المياه لاغراض السياحة والزراعة في جنوب المحيط الاطلسي. وكانت اسبانيا ودول اخرى تحفظت على المشروع المغربي خوفاً من تملك الرباط لتقنيات نووية. واقنع المغرب واشنطن العام الماضي بتجديد اتفاق انشاء محطة نووية للبحوث العلمية في منطقة المعمورة شمال الرباط تنجزها شركات اميركية بكلفة 80 مليون دولار بدعم مالي وتقني من باريس. ويحتاج المغرب، الذي يقع على سواحل طولها 3500 كلم الى تحلية نحو ربع استهلاك المياه ومعالجة جزء آخر من المياه المستخدمة للمحافظة على مستوى كاف للأنشطة الزراعية التي تستنزف 70 في المئة من الموارد المائية المتوافرة.