لندن - "الحياة" - حذر روبرت ماكفرلين مستشار الامن القومي الاميركي السابق في عهد الرئيس رونالد ريغان من "ان على العالم توقع هجمات ارهابية جديدة على ناقلات النفط". وقال في حديث الى "الحياة" ان "حدوث هجوم على الناقلات امر يسهل تخطيطه" وشدد على ان "من الممكن تفادي ذلك من خلال تشديد اجراءات الامن في الموانئ واماكن اخرى". وتوقع ان تكون هناك "فترة عصيبة تراوح بين ثلاثة وستة شهور" قبل ان يمكن تثبيت الحكومة الجديدة في العراق. قال ماكفرلين على هامش ندوة دولية عن الطاقة في لندن ان من المتوقع "اذا ما نشبت حرب محتملة في العراق ان تخسر السوق مليوني برميل نفط يومياً، تمثل انتاج العراق الحالي". لكن ماكفرلين، الوثيق الصلة ايضاً بادارة الرئيس الاميركي جورج بوش الابن اوضح "ان هناك طاقة فائضة كافية توفرها المملكة العربية السعودية وستتم الاستفادة منها على جناح السرعة". واكد مستشار الامن القومي السابق الذي يرأس حالياً شركة "الطاقة وحلول مشاكل الاتصالات" في واشنطن ان سعر النفط سيرتفع بعد اي ضربة عسكرية ضد العراق الى ما يزيد على 30 دولاراً للبرميل. الاحتياط الكبير في الوقت نفسه كشف النقاب عن ان هناك احتياطاً استراتيجياً كبيراً يتوافر لدى دول عدة من بينها الولاياتالمتحدة الاميركية، مشيراً الى انه ستتم الاستفادة من هذا المخزون خلال الفترة الحرجة التي تتبع الضربة العسكرية المحتملة ضد العراق. واعرب ماكفرلين عن ثقته بأن الاحتياط الكبير المتوافر لدى الولاياتالمتحدة سيكفي لسد حاجاتها النفطية وسيدعم كذلك الاقتصاد الياباني الذي يعتمد اساساً على الواردات النفطية لفترة زمنية معقولة. الهجوم على الناقلات واشار المسؤول الاميركي السابق الى ان المخاطر ضد امن واردات الطاقة لا تقتصر فقط على احتمالات العمل العسكري الاميركي ضد العراق "لكنها قد تأتي ايضاً من اي هجوم على ناقلات النفط ومراكز جمعه وخطوط انابيبه ومنشآته الاخرى في دول رئيسية منتجة". ورأى ماكفرلين "ان كل هذه الاحتمالات السيئة خصوصاً الاعمال الارهابية ستُشكل اخطاراً جديدة ينبغي الوقاية منها لانها ستؤدي كلها الى حدوث ارتفاع كبير في اسعار النفط، ناهيك عن احتمال توقف امداداته من المناطق التي قد تتعرض لهجمات". وعن الاخطار التي تُحدق بالناقلات قال ماكفرلين: "ان حدوث هجوم عليها امر يسهل التخطيط له من قبل المنظمات الارهابية كما حدث بالنسبة إلى الناقلة الفرنسية قبالة الساحل اليمني، وكذلك يمكن تنفيذ مثل هذه الأعمال بسهولة". ورجح امكانات حدوث اعمال اخرى من هذا النوع لكنه اكد ان "من الممكن العمل على تفادي ذلك من خلال تشديد اجراءات الامن في الموانئ واماكن اخرى عدة تتوافر فيها منشآت نفطية كبيرة". وعن تأثير سيناريوهات الحرب على النفط توقع ماكفرلين انه "ستكون هناك فترة تراوح بين 3 و6 شهور يمكن اعتبارها عصيبة الى ان يتم تثبيت نظام الحكم الجديد في العراق والتوصل الى حال من الهدوء والاستقرار داخل البلاد". وتكهن بأن الامر سيتطلب سنوات طويلة من عمليات اعادة الاعمار والبناء في العراق، خصوصاً بالنسبة إلى المؤسسات الامنية و"ستكون لكل هذه العوامل تأثيراتها في السوق النفطية خلال تلك الفترة التي قد تتسم بعدم الاستقرار". أسعار النفط وأعرب ماكفرلين عن اعتقاده ان اسعار النفط ستظل عرضة للتقلبات السياسية والامنية في العراق و"ينبغي ايضاً استمرار التركيز على التهديدات الارهابية التي تؤثر في الاقتصاد في دول عدة". ولهذا السبب حض ماكفرلين على "المزيد من تشديد الاجراءات الامنية في المطارات وجمع المعلومات الاستخباراتية وتبادل المعلومات مع الدول الصديقة، وتتبع تحركات القاعدة واتباعها". ورأى "ان هذا التعاون يزداد يومياً مع دول الشرق الاوسط ما سيكون له تأثير طيب على الاقتصادات والطاقة". ورداً على سؤال آخر قال ماكفرلين: "ان اميركا والغرب سيبقيان لفترة عرضة للضعف والاذى في مجال الطاقة بسبب الاعتماد الهائل على نفط الخليج ومصادر الطاقة فيه". مصادر بديلة ومع ذلك توقع ان يصبح من الممكن في ظرف 10 سنوات توفير مصادر بديلة للطاقة من دول اخرى اهمها روسيا ومنطقة بحر قزوين وكذلك التوصل الى مصادر متجددة للطاقة باستخدام اساليب تكنولوجية حديثة. ونفى ماكفرلين في الحديث ان يكون "سبب الحرب المحتملة ضد العراق هو النفط" لكنه اكد ايضاً ان بلاده تحصل على نسبة 25 في المئة من حاجاتها النفطية الكبيرة من الخليج. وأوضح ذلك بالأرقام وقال: "ان الولاياتالمتحدة تستهلك 19.6 مليون برميل يومياً من النفط من بينها 11.6 مليون برميل تستوردها يومياً من الخارج ضمنها 5.5 مليون برميل من دول "اوبك" ومنها 2.6 مليون برميل من الخليج. وفي مجال الخطط الاميركية البديلة للطوارئ وفي حال انقطاع او عدم كفاية الامدادات النفطية الخارجية او تعرضها لاي حوادث اكد ماكفرلين ان "بوسع الولاياتالمتحدة الاعتماد على الاحتياط المخزون لفترة طويلة نسبياً". وقال: "ان من المهم ان يتم تبديد عناصر الخوف مسبقاً بالتأكيد للرأي العام والسوق النفطية بأن لدينا احتياطاً هائلاً لانه اذا لم يعرف الناس ذلك سترتفع الاسعار ويحدث اضطراب وعدم استقرار في السوق، وسترتفع معدلات التأمين على الناقلات النفطية وغيرها". وذكر بأنه "عندما هدد الزعيم الايراني الراحل آية الله الخميني عام 1984 بوقف الامدادات النفطية من خلال اغلاق مضيق هرمز اجرت الولاياتالمتحدة دراسة مطولة تناولت تأثيرات هذا الاحتمال واتضح من خلالها انه ليس بوسع احد اغلاق المضيق سوى لفترة محدودة وكذلك فان هناك طاقة فائضة كبيرة من النفط في العالم". الاحتياط النفطي وبالاضافة الى ذلك فإن الاحتياط الفائض المتوافر في الولاياتالمتحدة وحدها يمكن ان يكفي العالم كله لنحو ستة شهور تقريباً. وكشف ماكفرلين اسرار اتصالات اجرتها الولاياتالمتحدة مع حلفائها في ذلك الوقت من خلال زيارات لمسؤولين اميركيين الى لندن وباريس وطوكيو وجدة وغيرها لايضاح هذه الحقائق. واضاف المسؤول الامني الاميركي السابق انه "عندما هدد آية الله الخميني مرة اخرى باغلاق مضيق هرمز لم تتحرك السوق او تتأثر مطلقاً"، ومن هذا المنطلق رأى ماكفرلين "ان المسألة مسألة تخطيط واشاعة الثقة في العواصم الدولية وطمأنتها في هذا الشأن وابلاغ الرأي العام بذلك. وعن تأكيدات دول الخليج بأنها تعمل دائماً على حماية الامدادات النفطية وضمان وصول النفط الى الاسواق الدولية، اعرب ماكفرلين عن تقديره لهذا الموقف، الذي ثبتت صحته في الماضي، موضحاً ان اميركا تعرف ان دول المنطقة حريصة على عدم وقف الامدادات والصادرات النفطية منها. لكن ماكفرلين قال "ان ما تخشاه الولاياتالمتحدة والغرب هو الامر الذي لا يمكن التكهن به مثل حادث الهجوم على ناقلة النفط الفرنسية" مشيراً الى ان هذه الاعمال غير المتوقعة اصبحت اكثر احتمالاً في الاعوام الاخيرة ويمكن ان يستمر هذا الاتجاه في المستقبل، ما يثير مخاوف الاسواق النفطية. وكان ماكفرلين ذكر ان الاحتياط النفطي الثابت في العالم يُقدر بنحو 1018 بليون برميل، من بينها 77 في المئة لدى "اوبك" اي نحو 800 بليون برميل.