يتوقع مراقبون للمشهد السياسي في البانيا تطورات داخلية دراماتيكية بسبب الصراع الدائر بين رئيس "الحزب الاشتراكي" الحاكم فاتوس نانو ورئيس الحكومة ايليير ميتا القيادي في الحزب نفسه. وترجح مصادر مطلعة ان ينتهي الصراع بإزاحة أحد الرجلين من منصبه قريباً، ما قد يؤدي الى انقسام الاشتراكيين الى حزبين وتغيير في قيادة السلطة، ربما يؤثر سلباً في وحدة البلاد التي تشهد خروقات عرقية ولغوية ودينية واجتماعية بين شمالها وجنوبها، والتي تتعرض لخطر التقسيم منذ نحو عشرة أعوام. واعتبرت صحيفة "شيكولي" الصادرة في تيرانا ان البانيا تواجه خطراً لم تشهد مثيلاً له منذ الحرب العالمية الثانية، وهو "ما ينعكس اضراراً كبيراً على كفاح الشعب الالباني لنيل حقوقه المشروعة في منطقة البلقان". ويعتمد الحزب الاشتراكي الذي يعتبر امتداداً ل"حزب العمل" الحاكم ابان العهد الشيوعي، على الجنوب الالباني ذي الغالبية السكانية من المسيحيين الأرثوذكس ومنهم نانو وميتا. ويشكل الصراع بين الرجلين انعكاساً لصراع بين تيارين داخل الحزب أحدهما محافظ ويتزعمه نانو الذي كان رئيساً للحكومة نهاية العهد الشيوعي والآخر موال للغرب ومؤسساته ويقوده كل من ميتا ورئيس الحكومة السابق بنديلي مايكو ارثوذكسي أيضاً وزير الدفاع الحالي الذي خسر أمام نانو في الانتخابات التي أُجريت على رئاسة الحزب قبل عامين. ويقف الاشتراكيون عموماً ضد الدعوة الى "البانيا الكبرى" خشية ان يؤدي انضمام مناطق البانية مسلمة في كوسوفو وصربيا ومقدونيا والجبل الأسول قريبة عرقياً وعشائرياً من الشمال الى ازاحة الجنوبيين الذين ظلوا يهيمنون معظم الأوقات على السلطة منذ ازاحة الملك زوغو شمالي بعد الحرب العالمية الثانية من قبل الشيوعيين بقيادة أنور خوجه جنوبي. ويلتف الشماليون وغالبيتهم من المسلمين، حول "الحزب الديموقراطي" بزعامة الرئيس السابق صالح بيريشا، ويحظون بدعم من البان مقدونيا وكوسووفو وصربيا والجبل الأسود، وفيهم تيار قوي يؤيد المطالب بعرش البانيا ليكا زوغو والده مسلم ووالدته كاثوليكية وزوجته ارثوذكسية ويعتبره مؤيدوه الأنسب لحكم البلاد، باعتباره يجمع في شخصه كل الفئات العرقية والدينية الالبانية. ومعلوم ان البانيا اعتمدت منذ 1990 تقسيماً طائفياً للسلطة يقوم على "ترويكا" مؤلفة من رئيس مسلم للجمهورية ورئيس ارثوذوكسي للحكومة ورئيس كاثوليكي للبرلمان.