رايكوفيتش: كنا في غفوة في الشوط الاول وسنعود سريعاً للإنتصارات    البليهي: مشكلة الاتحاد انه واجه الهلال وكل المدافعين في اتم الجاهزية    للأسبوع الثاني.. النفط يواصل صعوده    «الأمم المتحدة»: السعودية تتصدر دول «G20» في نمو أعداد السياح والإيرادات الدولية    السعودية تشارك في لجنة الأمم المتحدة للنطاق العريض والتنمية المستدامة    "متحالفون من أجل إنقاذ الأرواح والسلام في السودان" يؤكد على مواصلة العمل الجماعي لإنهاء الأزمة في السودان    غزة.. الاحتلال يبيد العائلات    أمريكا: نحذر من انهيار البنوك الفلسطينية    السيوفي: اليوم الوطني مناسبة وطنية عظيمة    مئوية السعودية تقترب.. قيادة أوفت بما وعدت.. وشعب قَبِل تحديات التحديث    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الجزائري الأوضاع في غزة    ريال مدريد يسحق إسبانيول برباعية ويقترب من صدارة الدوري الإسباني    الهلال يكسب الاتحاد بثلاثية في دوري روشن للمحترفين    في كأس الملك.. الوحدة والأخدود يواجهان الفيصلي والعربي    خادم الحرمين لملك البحرين: نعزيكم في وفاة خالد آل خليفة    ولي العهد يواسي ملك البحرين في وفاة خالد آل خليفة    أمانة القصيم توقع عقداً لنظافة بريدة    "طويق" تحصل على شهادة الآيزو في نظام الجودة    وداعاً فصل الصيف.. أهلا بالخريف    «التعليم»: منع بيع 30 صنفاً غذائياً في المقاصف المدرسية    "سمات".. نافذة على إبداع الطلاب الموهوبين وإنجازاتهم العالمية على شاشة السعودية    دام عزك يا وطن    بأكبر جدارية لتقدير المعلمين.. جدة تستعد لدخول موسوعة غينيس    "قلبي" تشارك في المؤتمر العالمي للقلب    فريق طبي بمستشفى الملك فهد بجازان ينجح في إعادة السمع لطفل    اكتشاف فصيلة دم جديدة بعد 50 عاماً من الغموض    لا تتهاون.. الإمساك مؤشر خطير للأزمات القلبية    إقامة فعالية "عز الوطن 3"    الابتكار يدعم الاقتصاد    تعزيز أداء القادة الماليين في القطاع الحكومي    أحلامنا مشروع وطن    القيادة تعزي ملك البحرين في وفاة الشيخ خالد بن محمد بن إبراهيم آل خليفة    "الداخلية" توضح محظورات استخدام العلم    «الخواجات» والاندماج في المجتمع    لعبة الاستعمار الجديد.. !    مركز الملك سلمان: 300 وحدة سكنية لمتضرري الزلزال في سوريا    ضبط 22716 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    فلكياً.. اليوم آخر أيام فصل الصيف    فأر يجبر طائرة على الهبوط    حل لغز الصوت القادم من أعمق خندق بالمحيطات    نسخة سينمائية من «يوتيوب» بأجهزة التلفزيون    صور مبتكرة ترسم لوحات تفرد هوية الوطن    الملك سلمان.. سادن السعودية العظيم..!    خمسة أيام تفصل عشاق الثقافة والقراء عنه بالرياض.. معرض الكتاب.. نسخة متجددة تواكب مستجدات صناعة النشر    تشجيع المواهب الواعدة على الابتكار.. إعلان الفائزين في تحدي صناعة الأفلام    مجمع الملك سلمان العالمي ينظم مؤتمر"حوسبة العربية"    مصادر الأخبار    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. تنظيم المسابقة المحلية على جائزة الملك سلمان    "الداخلية" تحتفي باليوم الوطني 94 بفعالية "عز وطن3"    يوم مجيد لوطن جميل    مسيرة أمجاد التاريخ    الطيران المدني.. تطوير مهارات الشباب خلال "قمة المستقبل".. الطيران المدني.. تطوير مهارات الشباب خلال "قمة المستقبل"    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالفيحاء في جدة يستأصل بنجاح ورماً ضاغطاً على النخاع الشوكي    شرطة الشرقية: واقعة الاعتداء على شخص مما أدى إلى وفاته تمت مباشرتها في حينه    بلادنا مضرب المثل في الريادة على مستوى العالم في مختلف المجالات    أبناؤنا يربونا    خطيب المسجد النبوي: مستخدمو «التواصل الاجتماعي» يخدعون الناس ويأكلون أموالهم    رئاسة اللجان المتخصصة تخلو من «سيدات الشورى»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اربع صفحات بالعربية على موقع "مكتب التحقيقات الفيديرالي" . "غزوة" الحادي عشر من ايلول في قراءة لوثيقة تؤهل قراءها الخاطفين للموت
نشر في الحياة يوم 04 - 01 - 2002

تنشر "الحياة" و"نيويورك ريفيو أوف بوكس" في وقت واحد، هذه القراءة ل"نص" محمد عطا، أحد أبرز رموز العملية الارهابية، الذي وجد في احدى حقائبه، كما وجدت نسختان أخريان من النص في سيارة متروكة وطائرة محطمة
-1-
وجد رجال مكتب التحقيقات الاتحادي الاميركي اف بي اي بُعيد هجمات الحادي عشر من ايلول سبتمبر ثلاث نسخ متطابقة لوثيقة عربية مكتوبة بخط اليد، النسخة الأولى كانت في سيارة استعملها الخاطفون وتركوها خارج مطار دلس الدولي القريب من العاصمة الاميركية واشنطن، والنسخة الثانية كانت في حقيبة من حقائب محمد عطا في مطار بوسطن لم تجد سبيلها الى الطائرة لسبب ما، والثالثة كانت ضمن حطام الطائرة التي سقطت في ولاية بنسيلفانيا. ولم يفرج المسؤولون في مكتب التحقيقات الاتحادي الا عن قسم من هذه الوثيقة، من الصفحة الثانية الى الصفحة الخامسة، وذلك عبر وضعها على موقع اف بي آي على الانترنت في 28 ايلول 2001. ونظراً الى عدد النسخ التي عثر عليها، من المنطقي الافتراض بأن ثمة نسخاً أخرى ربما كانت موزعة في حقائب سائر الخاطفين. واذا صح ذلك، فإنه من غير المتوقع ان يكون بعضهم قد جهل طبيعة العملية التي أقدم عليها، كما رأى بعض المعلقين. وبما ان احدى النسخ وجدت في حقيبة محمد عطا، فلا يرجح ان يكون الخاطفون تعمدوا ابقاء الوثيقة خلفهم لتضليل المحققين الساعين الى كشف مجمل خطواتهم بعد وقوع الحدث.
ونحن لا نعلم من هو مؤلف هذه الوثيقة، ولكن التفاصيل فيها تشير بوضوح الى انه كان أحد المخططين للهجمات. وعلى أية حال، فإن نص الوثيقة يتضمن سجلاً قيماً للافكار التي كان ينتظر من الخاطفين ان يقبلوها، واحدى المسلمات الثابتة في هذا النص هو ان قراءه سائرون حتماً الى الموت. فالنص يتوجه حصراً الى الخاطفين دون غيرهم، ويبدو ان الهدف منه هو تشديد عزمهم. يمكن إذاً التصور ان كلاً من الخاطفين أمضى بعض الوقت يتأمل بالمعاني الواردة في هذا النص ويعيد مراجعتها مرات عدة قبل الشروع بتنفيذ العملية.
وهذه الوثيقة هي في واقع الأمر دليل تفصيلي متطلب يهدف الى تحقيق الوحدة اللازمة في الجسد والروح للوصول الى الهدف المنشود، فهي ليست دليل تدريب أو دليلاً اجرائياً يمكن الركون اليه في أكثر من حالة. بل ان معظم ما فيها جاء ليختص بعملية الحادي عشر من ايلول دون غيرها. ومع ذلك، فإنها في الصفحات الأربع المتوافرة لا تحتوي على تعليمات تقنية أو عملانية، باستثناء بعض التوجيهات العملية البديهية:
"استحضر الشنطة. والملابس والسكين، أدواتك، بطاقتك .... جوازك، أوراقك كلها ... تفقد سلاحك قبل الرحيل ... شد عليك ملابسك جيداً وهذا هو نهج السلف الصالح رضوان الله عليهم فكانوا يشدون ملابسهم عليهم قبل المعركة، ثم شد حذاءك جيداً والبس شراباً تكون تمسك بالحذاء ولا تخرج منه".
في الواقع، يبدو ان جهداً قد بذل لإزالة أية اشارة صريحة الى الهدف المقصود، خشية ان تقع الوثيقة في أيد غير أمينة قبل اتمام العملية. فلا ذكر للهدف على الإطلاق في كامل الوثيقة، فيما تحل بعض الحروف محل الأماكن. فعلى سبيل المثال تستعمل الوثيقة حرف م للاشارة الى المطار، وحرف ط للاشارة الى الطائرة.
وتبتدئ الصفحة الثانية بشكل مبتور من دون البسملة المعتادة ومن دون أي ذكر لاسم الله، ومن دون العبارات المعتادة التي يمكن للمرء ان يتوقعها عند قراءة نص يحفل بالآيات القرآنية والإشارة الى الرسول صلى الله عليه وسلم. وكانت صحيفة "واشنطن بوست" نشرت في 28 ايلول ترجمة حصلت عليها، من دون شك، عبر تسريب من المسؤولين الاميركيين، لمقطعين من الصفحة الأولى التي وجدت في حقيبة محمد عطا، ويذكر انه يشتبه بأن يكون محمد عطا هو قائد مجموعة الخاطفين هذه، فقد تضمنت هذه الصفحة البسملة بالإضافة الى ما يلي معرباً من الترجمة الانكليزية:
"تذكر معارك الرسول... ضد الكفار. فيما هو يقوم ببناء الدولة الاسلامية".
فالفصل من التاريخ الاسلامي الذي يعود اليه هذا النص ضمناً هو مرحلة تأسيس الدولة، ما بين العام 622 للميلاد، عام هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة الى المدينة، والعام 632 للميلاد، تاريخ وفاته. وبعد الهجرة، أصبح الرسول ايضاً قائداً لواقع سياسي متعاظم اقتصر في بادئ الأمر على المدينة، ثم امتد ليشمل معظم الجزيرة العربية. فهذه المرحلة الأخيرة، خارج أي سياق تاريخي، هي التأطير الملحمي الذي يضع الخاطفون أعمالهم فيه.
وتجدر الإشارة الى ان الرسول، لتثبيت أسس الدولة الناشئة في المدينة، عمد الى شن الغزوات. وكانت الغزوات تقع في الجزيرة العربية قبل الاسلام للحصول على الغنائم أو للثأر. الا ان الرسول، صلى الله عليه وسلم، خلال الفترة الوجيزة التي تولى فيها قيادة الدولة الاسلامية الناشئة عمد من خلال أقواله وأفعاله الى اعادة تعريف ماهية الغزوة والهدف منها، ليجعلها أداة تستفيد منها الجماعة لا الفرد الواحد. وقد توالت الغزوات باسم الاسلام على مر العصور، الى ان انتهت في مطلع القرن العشرين بعد انهيار السلطنة العثمانية وقيام الدولة السعودية المركزية القوية في الجزيرة العربية. أما "الغزوة" الجديدة والتي اعيدت صياغتها مجدداً، والتي جاءت لتستهدف مركز التجارة العالمية ومبنى البنتاغون وغيرهما، فتهدف ضمناً الى تجاوز التاريخ وافتراض العودة بالخاطفين الى نموذج الرسول. فنص الوثيقة يقول:
"واستحضر انها غزوة في سبيل الله، وكما قال عليه الصلاة والسلام الغزوة أو روحة في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها".
-2-
الغاية من هذه الوثيقة واضحة تماماً وهي تمكين الخاطفين من العمل بشكل مجموعة متحدة متماسكة. وللتوصل الى ذلك، يسرد المؤلف المجهول سلسلة من الطقوس والشعائر التي يتوجب على كل قارئ الشروع بتأديتها ابتداء من "الليلة الأخيرة". ويتضمن هذا القسم خمسة عشر بنداً، ينص أولها على وجوب قيام الخاطفين ب"التبايع على الموت" و"تجديد النية" للقيام بالمهمة. ولا تحتوي الوثىقة على العبارة أو الوسيلة المطلوبة لهذين الغرضين، ان تواجدت. ويتابع النص مشيراً الى وجوب "الاغتسال" و"حلق الشعر الزائد من الجسم والتطيب"، ويوجه القارئ الى الإكثار من الذكر والدعاء في هذه الليلة ومراجعة الخطة بجوانبها كافة، وتلاوة بعض السور القرآنية والاحتفاظ بالروح الايجابية وبتنقية القلب:
"إنس وتناسى شيئاً اسمه دنيا، فقد مضى زمن اللعب. جاء الموعد الحق، وكم ضيعنا من أعمارنا من أوقات أفلا نستغل تلك الساعات لتقديم القربات والطاعات".
وتبتدئ المرحلة الثانية في صبيحة اليوم التالي، عند التوجه الى المطار، فيتابع النص اصراره على ضرورة المثابرة على الأذكار. والأذكار هي من الآداب الاسلامية التي تتلى لحمد الله. وفي كل خطوة من خطوات سير المرحلة، يوجه النص القارئ الى تلاوة ذكر مختلف.
ولا يرد تفصيل الذكر في الوثيقة بل يفترض ان القارئ على علم به. والواقع ان الأذكار لم يصطلح عليها جمهور المسلمين بشكل موحد. فقد يكون نص الذكر عند ركوب السيارة، وهي سيارة التاكسي في هذه الحالة "سبحان الذي سخّر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون" من سورة الزخرف، وفق حديث حسن صحيح رواه أبو داود والترمذي. ويستمر النص بحض الخاطفين على تلاوة مختلف الأذكار سراً لتقوية عزيمتهم في كل مرحلة من مراحل عمليتهم، وفي أعقاب الذكر، يجري تذكير القارئ:
"ابتسم واطمئن فإن الله مع المؤمنين والملائكة تحرسك وأنت لا تشعر".
والأجدى بالقارئ أن يتذكر ان "أجهزتهم وأبوابهم وتكنولوجيتهم كلها لا تنفع ولا تضر إلا بإذن الله"، وان هذه المعدات والتجهيزات ليست مدعاة للخوف، اذ "انما يخاف منها أولياء الشيطان". وهؤلاء اذ كانوا من "المعجبين بحضارة الغرب" الذين شربوا حبهم له، فانهم "في الأصل يخافون الشيطان" ف"أصبحوا من أوليائه" في حين ان "الخوف عبادة عظيمة لا تصرف إلا لله سبحانه وتعالى" و"هو أحق بها".
وتعود مقولة الخوف كعبادة الى بعض أكثر الآيات القرآنية ترهيباً، ولا سيما تلك المتعلقة باليوم الآخر. وهي غالباً ما ترد في النص القرآني من خلال آيات العبر والتحذير. فالقصص القرآني يأتي على ذكر أخبار الأولين من الذين عاثوا في الأرض فساداً ورفضوا الإصغاء الى إنذارات الأنبياء فأنزل الله فيهم العقاب. وترد هذه الآيات في اطار التحذير من اقتراب الساعة، فعلى الانسان أن يحيا ويعتبر ويعمل وهو على بينة من هول ما هو قادم. والمؤمن الصادق هو الذي يرتعد عند ذكر الله وعند تلاوة القرآن.
ولا شك في أن التقوى هي أساس العبادة التي يقدمها الانسان لله وفق المفهوم الاسلامي. غير أن ما يترتب عن التقوى من الانشغالات الآخروية، يوازنه في هذا المفهوم التشديد على ترتيب الجوانب الدنيوية من الحياة البشرية، امتثالاً بالرسول ولا سيما خلال توليه مسؤولية تنظيم الدولة والمجتمع في المدينة. والواقع ان التطورات الفكرية والاجتماعية اللاحقة في الحضارة الاسلامية قد اجتهدت لتأطير الصيغ القصوى للخوف كعبادة وحصرها في سياق الرياضة الروحية والتجربة الصوفية. اما في الوثيقة التي بين أيدينا، فيعود النص الى تقديم أولوية الخوف كعبادة تبدد من ذهن الخاطف العابد أي انشغال بأي أمر دنيوي ناجم عن التجربة والاعتبار، فيصبح بإمكانه التركيز المطلق على مهمته. ويدرج النص الآية القرآنية "فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين" لتعزيز هذا التوجه.
تبتدئ "المرحلة الثالثة" الواردة في نص الوثيقة مع دخول الخاطفين الى الطائرة. ويذكر النص مجدداً كلاً من الخاطفين بأهمية المثابرة على الأدعية والأذكار سراً لا جهاراً، عند دخول الطائرة وعند الجلوس على المقعد.
"وعندما تضع رجلك في الطائرة وتجلس على كرسيك فقل الأذكار... ثم كن منشغلاً بذكر الله والإكثار منه... ثم إذا تحركت الطائرة وأصبحت تتوجه الى الإقلاع فقل دعاء السفر فإنك مسافر الى الله تعالى وانعم بهذا السفر".
ويلي الإقلاع حشد جديد من الأدعية والأذكار، تحضيراً لما يشير إليه النص على أنه "ساعة التقاء الصفات".
"ثم ليستعد كل واحد منكم للقيام بدوره على الوجه الذي يرضي الله عنه وليشد على أسنانه كما كان يفعل السلف رحمهم الله قبل الاشتباك في المعركة. وعند الالتحام فاضرب ضرب الأبطال الذين لا يريدون الرجوع الى الدنيا وكبّر فإن التكبير يدخل الرعب في قلوب الكافرين".
ومضمون هذه الفقرة السابقة يكشف عن الانفصام في تصور الخاطفين لواقعهم. فهم، خارجياً، ركاب عاديون يصعدون الى طائرة بوينغ 747 في مطار لوغن في مدينة بوسطن، أو مطار نيوورك، أو مطار دلس قرب العاصمة الأميركية. ولكنهم داخلياً، على ما يفصح عنه النص، مجاهدون يقتحمون معتركاً، ويشتركون في ملحمة عظيمة تستلهم مقوماتها من جهاد الصحابة في القرن الهجري الأول.
فأعمال القتل التي يوشك الخاطفون على ارتكابها تفقد، نتيجة لهذا التحضير، واقعيتها وتغدو تفاصيل جانبية في اطار تحقيق ملحمة مقدسة.
ويبلغ هذا الابتعاد عن الواقع ذروته المخيفة في التعليمات التالية حول كيفية التعامل مع المقاومة التي قد يبديها الركاب. وهي حالة نعلم أنها حصلت على متن احدى الطائرات المخطوفة، وهي الطائرة التي سقطت في ريف ولاية بنسيلفانيا.
"وإذا مّن الله على أحدكم بالذبح فلينْوها عن أبيه وأمه، وإن لهما حقاً عليك. ولا تختلفوا واسمعوا وأطيعوا".
يصرح النص في هذه الفقرة عن كيفية قتل الراكب اذا حاول المقاومة. وهذه المحاولة، وفق الاصطلاح المستعمل، هي منة من الله، أي هبة يمنحها الله لعبده دون أن يطلبها العبد منه. والمنة المذكورة هي فرصة الذبح. يلاحظ هنا أن النص استعمل كلمة الذبح بدلاً، على سبيل المثال، من كلمة القتل المعتادة. والذبح هو طبعاً شق الوريد، ولكنه اصطلاحاً، بل وحصراً في المراجع الفقهية، يستعمل في الاشارة الى الحيوان الذي أحلّه الله للأكل. فالذبح وسيلة سريعة ومباشرة وحميمة لا تجري بواسطة مسدس أو قنبلة، بل تحصل بالملامسة بواسطة السكين.
وهذا الطابع المباشر والحميم يفسر الاستعمالات العامية لكلمة الذبح، والتي غالباً ما ترد في سياقات مبتذلة الهدف منها اثارة الصدمة لدى المستمع أو التعبير عن حدة المشاعر لدى المتكلم إزاء الموضوع المعني بالتهديد بالذبح وهو على الغالب العدو أو الطاغية أو المجرم. غير أن اختيار كلمة الذبح في اطار نص الوثيقة بدلاً من القتل لا يبدو مشتقاً من الاستعمالات العامية. فالذبح هو ما أوشك النبي ابراهيم الإقدام عليه بحق ابنه الى أن جعل الله من الكبش فداءً له، وعليه فإن اسماعيل وفق الرأي الغالب في المصادر الاسلامية أو اسحاق وفق الرواية التوراتية وبعض المراجع الاسلامية هو "الذبيح". والمسلم حين يذبح الأضحية في عيد الأضحى، فإنه يتواصل شعائرياً مع امتحان الطاعة الذي فرضه الله على نبيه ابراهيم. ويكتسب فعل الذبح الذي يشير اليه نص الوثيقة، نتيجة لسياقه، طابعاً شعائرياً مماثلاً يقترب من فعل الذبح في اطار الطاعة لأمر الله، وهو الذي يفصل مضمونه وشروطه الفقه الاسلامي.
فالفكرة الخطيرة التي يسوقها نص الوثيقة هي ان راكب الطائرة المدني الأعزل، إذا حاول المقاومة طلباً للنجاة، يصبح منّة من الله على الخاطف، فيحق لهذا الخاطف ذبحه. ثم انه على الخاطف، في تنفيذه لفعل القتل ذبحاً، أن يتخلى عن الأجر الناتج عن هذه المنّة التي نالها من دون أن يطلبها، فعليه إذاً ان يجعل نيتها عن والديه "فإن لهما حقاً عليك". فبين المنّة، وهي رحمة من الله في المفهوم الاسلامي، وبين حفظ الوفاء للوالدين، وهو من صميم الأخلاقيات الاسلامية التي يشدد عليها القرآن، يقحم نص الوثيقة فعل ذبح الراكب بسكين من قطاعات الأوراق، بل ويتابع هذا النص في تأويله الغريب للمضمون الاسلامي:
وإذا ذبحتم فاسلبوا من تقتلوه، لأن ذلك سنة من سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم. ولكن بشرط ألا ينشغل بالسلب ويترك ما هو أعظم من الانتباه للعدو وخيانته أو هجومه، فإن ذلك ضرره أعظم. فإن كان كذلك فتقديم مصلحة العمل والجماعة مقدم على فعل هذه، لأن العمل فرض عين وهذا سنة والواجب مقدم.
فالنص يحض قراءه هنا على "سلب" من ذبحوه من الركاب. ومسألة السلب هذه تحتاج الى توضيح، بما ان الخاطفين يتجهون الى الموت ولا غرض لهم من الاحتفاظ بأي سلب والواقع انهم تخلفوا عن الاستيلاء على مادة السلب الوحيدة التي كانت لتعود بالفائدة عليهم، أي الهواتف الجوالة، مما أفسح المجال أمام الركاب على متن احدى الطائرات تبين طبيعة عملية الخطف التي يتعرضون لها والاقدام بالتالي على فعل مقاومة. ويأتي الأمر بالسلب في نص الوثيقة في اطار "سنة من سنن المصطفى". والواقع ان كتب الحديث تشير الى حالات عدة عمد الرسول فيها الى التحكيم بشأن "سلب" القتيل في المعركة، أي غنيمته. ويذكر هنا أن العادة السائدة قبل الاسلام كانت تقضي بأن يحصل القاتل على سلب مقتوله. وتشير كتب الحديث الى أن الرسول قد صادق على هذه العادة في اطار المعركة. ولكن مؤلف الوثيقة التي بين أيدينا اختار أن يفهم ما وافق عليه الرسول، لا في اطار تشريعه وتقييده وتأطيره لأمر قائم، بل على أساس انه ممارسة مندوبة وسنة لازمة. الا انه يعود فيفرّق بين الفرض الواجب والسنة المندوبة، ويشدد على ضرورة الاهتمام أولاً بما هو أعظم.
ويكاد الاهتمام بموضوع السلب هنا أن يكون مستلهماً من التجربة التاريخية لجيوش المسلمين في المراحل الأولى والتي يمكن استشفافها من المصادر، كأن ينشغل المحارب بالسلب والغنائم فيتخلف عن تأدية واجبه العسكري.
ويبقى التنبيه الى أن كلاً من الذبح والسلب، كما يرد في نص هذه الوثيقة، يبقى في جوهره فعلاً شعائرياً، لا عملاً ذا غاية عملية. بل انه من شأن الذبح والسلب أن يعترضا حسن سير العملية وتنفيذها. غير أن اهميتهما في تشكيل الاطار الملحمي شبه الغيبي تتجاوز أي تأثير سلبي لهما على تطبيق الخطة. ففي العالم الانطوائي الذي أمسى الخاطفون يعيشون فيه، والذي كاد أن يتقوقع الى حد الاقتصار على داخل الطائرة، تتراجع أهمية الاعتبارات العملية، والتي كانت من دون شك أساساً في التخطيط في المراحل التحضيرية بما في ذلك على سبيل المثال استهداف المباني الضخمة للتسبب بأكبر عدد من الاصابات، وتصبح ضرورة المحافظة على التحفيز النفسي لإتمام العملية أولى الأولويات.
ثم طبقوا سنة الأسر وأسروا منهم واقتلوهم كما قال تعالى "ما كان لنبي ان يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم".
-3-
ركاب الطائرة، في نظر الخاطفين، هم اذن بمثابة المحاربين، فهم بالتالي أسرى حرب لحظة وقوع الطائرة في قبضتهم. ولا بد هنا من الاشارة الى الفتوى الصادرة ضمن نص بيان "الجبهة الاسلامية العالمية" في 23 شباط فبراير 1998، والتي يدعو فيها اسامة بن لادن الى اعتبار الاميركيين كافة بمثابة المحاربين:
"ان حكم قتل الاميركان وحلفائهم مدنيين وعسكريين فرض عين على كل مسلم أمكنه ذلك في كل بلد تيسر فيه... إننا بإذن الله ندعو كل مسلم يؤمن بالله ويرغب في ثواب الى امتثال أمر الله بقتل الاميركان ونهب أموالهم في أي مكان وجدهم فيه، وفي كل وقت أمكنه ذلك، كما ندعو علماء المسلمين وقادتهم وشبابهم وجنودهم الى شن الغارة على جنود أبليس الاميركان، ومن تحالف معهم من أعوان الشيطان".
فمن بين الحركات الاسلامية ذات الحضور العالمي، بما في ذلك بعض المجموعات الجهادية، وحدها "الجبهة الاسلامية العالمية" والتي تنضوي تحت لوائها التنظيمات التابعة لأسامة بن لادن، هي الداعية الى المساواة بين المدنيين والعسكريين في حكم القتال. ولا شك في ان السؤال حول كيفية ايجاد المخرج الشرعي لأمر قتل الأسرى من المدنيين يطرح نفسه ويجد في هذه الوثىقة ما يسعى الى تبريره. فالآية القرآنية التي يذكرها النص، وهي الآية 67 من سورة الانفال، تأتي في سياق مستفيض حول أصول الحرب في الاسلام، ولا سيما من جانب توزيع الغنائم. وكان العديد من المهاجرين قد اضطر الى التخلي عن ممتلكاته كافة في مكة للالتحاق بالرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة. وتشير كتب التفسير القرطبي، الطبري، ابن كثير، وغيرها الى ان مناسبة نزول هذه الآية كانت في أعقاب معركة بدر الكبرى والتي تمكن فيها جمع قليل من المسلمين من إنزال الهزيمة بحشد كبير من قريش، قبيلة الرسول التي عاندته ودفعته الى الهجرة الى المدينة. ولا شك في ان معركة بدر كانت معركة حاسمة وقاطعة منحت الرسول والمسلمين الغنائم والنفوذ، وتركت بين أيديهم أعداداً من الأسرى.
وتذكر كتب التفسير ان أبا بكر وعمر رضي الله عنهما اختلفا في شأن مصير الأسرى. ففي حين ارتأى أبو بكر اخلاء سبيلهم مقابل الفدية يدفعها أهلهم، طالب عمر بقتلهم لمحاربتهم رسول الله محذراً من انه حين يسمح بافتدائهم، فإن اهتمام المجاهدين المسلمين قد يجنح الى أسر الأعداء طلباً للفدية بدلاً من العناية بالقتال في المعارك اللاحقة. وفي حين ان الرسول، في ما أوردته كتب التفسير، قد وافق على رأي أبي بكر، فإن التنزيل جاء في ما بعد ليؤكد صحة مخاوف عمر. فالآية 67 من سورة الانفال تدخل في نطاق العتب والتوجيه الإلهي الموجه للرسول تحديداً أي أنها من الخاص لا العام، والذي يوضح ان الهدف من المعركة هو هزيمة العدو لا أسر محاربيه لغرض الفدية.
ولكن نص الوثيقة، بالإضافة الى تعميمه الخاص في قراءته لهذه الآية وانزاله حكم المحارب على غير المحارب، يتجنب ايراد الآيات التي توضح معانيها، فالآية 4 من سورة محمد مثلاً تلحظ اخلاء سبيل الأسرى مقابل الفدية أو في اطار العفو، "فإما مناً بعدُ وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها". وعلى أي حال، فإن سلوك المحارب المسلم يبقى مشروطاً بالحكم المحكم الصريح الوارد في الآية 190 من سورة البقرة: "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين". وقد جهدت الثقافة الاسلامية على مرّ القرون، انطلاقاً من النص القرآني، ومن رصيد تجربة الرسول كما دونتها كتب الحديث، لتفسير ماهية الاعتداء الذي تحرمه الأية 190 من سورة البقرة.
وكانت نتيجة هذه الجهود نظرية اسلامية لأداب الحرب. وهذه النظرية، وان اختلفت بالتفاصىل وفق الظروف التاريخية للدول والمجتمعات الاسلامية، إلا انها بقيت مؤطرة بإجماع ضمني وصريح حول كيفية معاملة الناس في المعارك. ويأتي البيان الصادر في 4 تشرين الثاني نوفمبر عن مجمع البحوث الاسلامية بالأزهر، والذي وان لم يكن السلطة التشريعية الملزمة للمسلمين من أهل السنة والجماعة، فإنه من دون شك السلطة المعنوية العليا... يأتي هذا البيان ليعاود تأكيد هذا الإجماع الذي رفضه نص الوثىقة قولاً ورفضه الخاطفون فعلاً. يقول بيان المجمع ان "للاسلام أداباً وأحكاماً واضحة تحرم قتل غير المقاتلين كما تحرم قتل الأبرياء من الشيوخ والنساء والاطفال أو تتبع الفارين أو قتل المستسلمين أو إيذاء الأسرى أو التمثيل بجثث القتلى أو تدمير المنشآت والمواقع والمباني التي لا علاقة لها بالقتال". راجع "الحياة" 5 تشرين الثاني 2001.
-4-
"سوف يكون يوم بإذن الله نقضيه مع الحور العين في الجنة... تبسم بوجه الردى يا فتى، فإنك ماضٍ لجنات خلد... واعلموا ان الجنان قد تزينت لكم بأحلى حللها والحور تناديكم أن أقبل يا ولي الله وهي قد لبست أحسن حللها".
تحتوي الصفحات الأربع المتوافرة من الوثىقة التي بين ايدينا على اشارات الى ما ينتظر الانسان من سعادة وجمال بعد الموت. فالحياة الدنيا التي يعيشها الانسان اليوم وفق هذا النص تبدو وكأنها حلقة وصل بين العز التاريخي الذي انقضى وبين العز القادم في جنان الخلد. وهذا التجويف للحاضر هو اسلوب اعتمده العديد من اصحاب العقائد الداعية الى التضحية بالذات، واستعمالاته لا تقتصر على الاطار الاسلامي. غير ان القرآن ومجمل التراث الديني الاسلامي يحفل بالإشارات والتفاصيل الى الحياة في ما بعد الموت. فيعمد نص الوثيقة الى الاستفادة من هذا التراث عبر استدعاء بعض هذه الاشارات والتفاصيل للمراحل المختلفة، فيأتي على ذكر "النعيم المقيم" المعد للشهداء، و"الجنة" و"الجنان"، حيث تغلب الإشارات ذات الطابع الشخصي والحميم، وصولاً، عند آخر الوثيقة، مقروناً بالنهاية المحتومة للمهمة، الى ذكر الفردوس الأعلى، فيغدو الحضور الإلهي اذاً الملاذ الأخير في السعي الى تشكيل حقيقة تتجاوز الإدراك.
"ثم اذا اقترب الوعد الحق وجاءت ساعة الصفر... افتح صدرك مرحباً بالموت في سبيل الله وكن دائماً ذاكراً... ان تختم بالصلاة ان تيسر، تشرع بها قبل الهدف بثوان أو يكون آخر كلامك لا إله إلا الله محمد رسول الله، وبعدها ان شاء الله اللقاء في الفردوس الأعلى برفقة الله".
"رفقة الله"، على رغم العجز عن اكتناهها، هل ما يعلو عنها؟ ولكن خطورة هذه الوثيقة ليست في وعدها هذا فحسب، بل في المفهوم الجديد للشهادة، والذي يسعى الخاطفون ومن هم وراءهم الى اقحامه في التراث الفقهي الاسلامي.
ذلك ان فحوى الوثيقة بأكملها هي ان الهدف من الشهادة هو حصراً رضا الله، فنص الوثيقة لا يتضمن أية اشارة الى ما يبرر التضحية بالنفس لصالح الجماعة. وليس على الصفحات الأربع أي تلميح الى مظالم لا بد من اعتراضها من خلال فعل الشهادة، لا في فلسطين ولا في العراق ولا في غيرها... فضمن نص هذه الوثيقة، تضيع المعايير كافة التي وضعها علماء الأمة الاسلامية على مرّ القرون في مسعاهم للتمييز بين الموت والانتحار والشهادة، والتي لا تزال الحركات الاسلامية في لبنان وفلسطين تعمل على توضيحها. فهذه المعايير لا وجود لها بالنسبة الى مؤلف الوثيقة. والشهادة هنا ليست شرفاً يمنحه الله لطالبه بعد ان يبذل نفسه لصالح الأمة والدين، بل مقام يبلغه هذا المحارب بنفسه ويعمل على تأديته وكأنه ركن من أركان العبادة.
فالشهادة، وهي الوسيلة التي ارتضاها الفكر الاسلامي وفق شروط تضمن إيفاءها بصالح الجماعة أو ذودها عنها، تنقلب في نص هذه الوثيقة رأساً على عقب، وتصبح الغاية، مخالفة بذلك مجمل التقليد الفقهي الاسلامي. ذلك ان أمهات كتب الفقه تشترط بأن يكون اللجوء الى العنف، حتى في حالات الدفاع عن النفس، خاضعاً لقيود التناسب وفق مقتضى الحال. يمكن في هذا الصدد العودة الى تفصيل مبدأ "دفع الصائل بالأسهل فالأسهل" لدى شيخ الاسلام ابن تيمية، وهو المفكر والمرجع ذو التأثير الكبير في الفكر السلفي المعاصر.
فقد التزم الفكر الاسلامي على مر العصور التوازن الدقيق بين حرمة الحياة الانسانية وعدم جواز قتل النفس وبين الشهادة. ولم يشهد التاريخ الاسلامي الا حالات نادرة تجاوزت فيها الحاجة الى الشهادة للدفاع عن الجماعة والأمة ضابط تحريم قتل النفس عبر العمل القتالي. فإطلاق نعت الشهيد على من يستهدف الأبرياء وغير المحاربين، كما أصبح شائعاً اليوم، هو ظاهرة معاصرة ليس إلا، أصولها تعود الى استفحال الأمور من خلال الغزو والاحتلال والانهيار الاجتماعي في فلسطين، كما في لبنان والجزائر. أما المضي قدماً وتصوير الشهادة على انها فعل عبادة مجردة، من دون اعتبار للأحكام الالهية التي تقيدها وتؤطرها، فهو ضرب من العدمية المخيفة.
ولا بد من اعتبار متأن للاستعمال وإساءة الاستعمال الذي تتعرض له المصادر الدينية في الوثيقة التي بين أيدينا. فإذا نجحت هذه الاختزالات التراثية الاعتباطية في إلهاب مشاعر هؤلاء الشباب، فإن من شأنها أيضاً التسرب الى التراث الاسلامي الذي تسيء استعماله. فالأسلوب الذي تتبعه هذه الوثيقة هو انتخاب نص ديني قابل للاستعمال وتجريده من كامل مضمونه واخراجه من سياقه، ثم إضفاء تفسير جديد عليه واعتبار هذا التفسير ملزماً بحجة انه ينطلق من النص القرآني أو من السنة، وكل هذا في خدمة توجه سياسي أو عقائدي صارم. ولا يكفي لمواجهة هذا الاسلوب مجرد العودة الى سياق النص، كما حاولنا هنا. والواقع ان العديد من المفكرين المسلمين كانوا قد أدركوا قبل اعتداءات 11 أيلول سبتمبر 2001 انه لا بد من تطوير أدوات فكر مبتكرة تنشأ من داخل التراث الاسلامي للتطرق الى المسائل السياسية والاجتماعية التي يحتاج اليها عموم المسلمين. وقد جاءت الحوادث الدامية التي شهدتها الأشهر الأخيرة لتؤكد مدى الحاجة الملحة الى هذه الأفكار.
يمكن الاطلاع على الصفحات الأربع من الوثيقة والتي نشرها ال"اف بي آي" على الموقع التالي على الانترنت
http://www.fbi.gov/pressrel.pressre101.letter.htm
* كاتب عراقي.
** كاتب لبناني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.