رفض السيد محمد باقر الحكيم، رئيس "المجلس الأعلى للثورة الإسلامية" في العراق المراهنة على الموقف الأميركي، لأنه "غامض" و"شخصي"، ولا علاقة له بمصالح الشعب العراقي. لكنه قال إن الضربة الأميركية المحتملة قد تخلق فرصة لتحرك الشعب كما حصل عام 1991. وأضاف في حديث إلى "الحياة" في مكتبه في طهران ان ل"المجلس" مشروعه الخاص للتغيير في العراق، ومن "غير الصحيح أن نصطف إلى جانب أحد". وأكد الصدر أن الولاياتالمتحدة لم تتصل به، ولم تطرح أي تصور لسياستها، لا مباشرة ولا عبر وسطاء. وأعرب عن اعتقاده أن الضربة الأميركية "محتملة جداً". وهنا نص الحديث: هل تتوقعون تكرار النموذج الأفغاني في العراق، وهل ستتعاون المعارضة مع الولاياتالمتحدة كما فعلت المعارضة الأفغانية؟ - ليس هناك وضوح في الموقف الأميركي، ولا نعرف إذا كانت واشنطن ستستمر في سياسة الاحتواء السابقة، وممارسة الضغوط على النظام العراقي أم أنها تريد توجيه ضربة كما فعلت في أفغانستان. السيناريو الأميركي في العراق غير واضح لدينا، بل هناك أحاديث وتصورات صحافية كثيرة. ولكن ما موقفكم إذا وجهت أميركا ضربة عسكرية إلى العراق كما حصل في أفغانستان؟ - لدينا مشروعنا الخاص في ما يتعلق بالتغيير في العراق، وكنا وما زلنا نسعى لتحقيق هذا المشروع، وموقفنا ليس انفعالياً أو متأثراً بالتطورات الجديدة، بل هو ثابت منذ البداية وحتى الآن، ونعتقد أنه من الضروري أن نستمر في مشروعنا. ونرى أن المعركة بين الولاياتالمتحدةوالعراق تنطلق من منطلقات ذاتية وخاصة، وليس من منطلقات الشعب العراقي. فالنظام العراقي يدافع عن وجوده في الحكم ولا يدافع عن مصالح الشعب. كما أن الولاياتالمتحدة لها أهداف في المنطقة وتسعى إلى تحقيقها، ونعتقد بأنه من غير الصحيح أن نصطف إلى جانب أحد الطرفين، بل ينبغي أن نمضي في مشروعنا. نعم، قد تظهر فرصة لمصلحة الشعب العراقي كما حصل عام 1991 عندما ضربت الولاياتالمتحدة النظام، وأصبح حينها ضعيفاً، وسنحت الفرصة للشعب أن يتحرك للخلاص وتحقيق هدفه، وحينها قد يتحرك الشعب، مستفيداً من هذه الفرصة. طالما تتحدثون عن فرصة، هل طرح الأميركيون عليكم تصوراً محدداً؟ أم أنكم تنتظرون ذلك؟ - نحن لا ننتظر ذلك، فلدينا مشروعنا، واننا ماضون في تحقيقه. وبما أن عدم الوضوح يخيم على الموقف الأميركي، فإننا لا نتوقع منهم شيئاً محدداً. فقد تحدثوا بشكل غير واضح مع بعض قوى المعارضة كالأكراد، ولم يتحدثوا معنا في هذا الشأن. هل وصلكم شيء من واشنطن عبر الوسطاء؟ - لا، لم يصلنا شيء. وهل تعتقدون بأن العراق معرض فعلاً لضربة أميركية؟ - هذا الاحتمال قوي جداً، لأسباب واضحة، فالنظام العراقي يعتبر إرهابياً بكل مقاييس الإرهاب، حتى بالمقاييس العربية والإسلامية، وإذا كانت هناك حرب جادة ضد الإرهاب، فإن النظام العراقي سيكون هدفاً. والأمر الثاني الذي يجعلنا نتوقع ذلك، هو ان النظام العراقي يُعتبر في نظر الأممالمتحدة متمرداً على قراراتها، وهذا ما يجمع عليه العالم، ولذلك نجد قادة عرباً كباراً مثل الرئيس حسني مبارك يدعون النظام العراقي الى الاستجابة لقرارات الأممالمتحدة والالتزام بها. وكيف سيكون موقفكم من الضربة المحتملة؟ - لا ينبغي توجيه ضربة على أساس المساواة بين المجرم والضحية، فالشعب العراقي هو ضحية للنظام، ونرفض توجيه أي ضربة تطاول الشعب العراقي ومقدراته وبنيته التحتية، ولذلك دعونا إلى ممارسة الضغط على النظام من أجل تطبيق قرارات الأممالمتحدة ذات العلاقة بالشعب، وهو القرار 686، وإذا نفذت الأممالمتحدة ذلك ومعها الولاياتالمتحدة، فإن الشعب العراقي هو الذي يمكن أن يقوم بعملية التغيير في الداخل. هل كان التغيير في هيكلية "المجلس الأعلى" جاءت لمواكبة الوضع المستجد بعد افغانستان واحتمال ضرب العراق؟ - هذه التغييرات شملت البنية الداخلية للهيئة العامة فأصبحت أكثر تمثيلاً للقوى الشعبية والسياسية، وشملت أيضاً البنية التنظيمية للمجلس. وكنا اتخذنا قراراً باجراء ذلك قبل وقوع الأحداث الأخيرة لكن ترتيبات عقد الاجتماع تمت في هذا الوقت. اما نتائج هذه التغييرات فهي ان المجلس الأعلى أصبح أكثر قوة، وأفضل حالاً مما كان عليه في السابق، وأصبح مهيئاً للقيام بأعمال أفضل من السابق. وإذا كانت هناك فرص جديدة، فإن المجلس يمكن ان يمارس دوره مستفيداً منها. هل يعني ذلك ايضاً مواصلة عملكم العسكري ضد النظام؟ - المجلس الأعلى وكما تعرفون يمثل حالة سياسية، لكن هناك قوة عسكرية هي "فيلق بدر"، ترى أن المجلس الأعلى يمثل غطاءها السياسي، وهذه القوة الفيلق ما زالت تمارس دورها بشكل طبيعي في داخل العراق وتقوم بعملها في الداخل باستمرار. قيل ان المحادثات التي عقدها وزير الخارجية العراقية ناجي صبري في ايران، تناولت الحد من نشاط المعارضة الايرانية المسلحة ضد ايران، فهل طرح موضوع المعارضة العراقية الاسلامية والمجلس الأعلى؟ - حسب معلوماتي، لم يطرح موضوع المعارضة العراقية وما أعلن عنه الجانبان هو البحث في الملف الانساني وهو ملف ما زال غير مكتمل، وهناك نقطة معقدة جداً فيه، وهي موضوع المحتجزين من أبناء الايرانيين المسفرين من العراق فمصير هؤلاء ما زال مجهولاً كما هو وضع الأسرى الكويتيين. أما قضية المعارضة العراقية فلم تطرح بصورة مطلقة، ولا أعرف شيئاً عن موضوع المعارضة الايرانية. هل تتوقعون ضغوطاً ايرانية عليكم؟ - لا، لا أتوقع شيئاً من هذا القبيل. ماذا عن موضوع عودة اللاجئين العراقيين المقيمين في ايران، وكيف يكون الحل لهذه القضية؟ - أصبحت مشكلة اللاجئين العراقيين عالمية، وليست ايرانية، اذ يوجد الآن حوالى ثلاثة ملايين لاجئ على أقل تقدير في العالم، وهناك عُشرهم في ايران أي حوالى ثلاثمئة ألف لاجئ، وطالما ان المشكلة عالمية فلا بد من معالجتها على صعيد عالمي. ونعتقد بأن الأممالمتحدة مسؤولة الى حد كبير عن هذا الموضوع، فهي تشرف على أموال العراق ومن واجبها أن تدخل في بحث مع النظام العراقي لتأمين الأوضاع المعيشية الطبيعية واعادة توطين اللاجئين تحت راية الأممالمتحدة. وماذا عن مشاكل هؤلاء في ايران؟ - لا مشكلة للاجئين في ايران الا مشكلة المعيشة وفرص العمل ولا وجود لمشاكل أمنية أو سياسية، وإذا تدخلت الأممالمتحدة لتأمين فرص العمل فنعتقد ان وضع اللاجئين العراقيين في ايران سيكون طبيعياً، خصوصاً ان الايرانيين لا يفرضون عليهم العودة الى العراق، بل يتركون الموضوع اختيارياً.