سياسة إدارة الرئيس جورج بوش ازاء الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية والعرب "خطيرة وخاطئة". هذا الكلام لمسؤول فرنسي رفيع المستوى يظهر أن الإدارة الأميركية الحالية المنحازة كلياً إلى السياسة الإسرائيلية، لا تبالي حتى باهتمامات حلفائها الأساسيين في أوروبا وقلقهم. ففرنسا قلقة على مستقبل المنطقة العربية، مدركة خطورة نتائج سياسة رئيس الحكومة الإسرائيلية ارييل شارون، ليس فقط بالنسبة إلى الشعب الفلسطيني والسلطة الفلسطينية ورئيسها ياسر عرفات، بل أيضاً بالنسبة إلى نتائجها على العرب والإسلام، وبالنسبة إلى فرنسا واستقرار الجاليتين المسلمة واليهودية. فلدى فرنسا أكبر جالية مسلمة في أوروبا حوالى خمسة ملايين، وأكبر جالية يهودية بعد الولاياتالمتحدة حوالى 600 ألف. وسياسة شارون والتأييد الأميركي الكلي لها من دون تمييز، قد يهددان أمن فرنسا عبر إثارة حساسيات الجاليتين ازاء موضوع الشعب الفلسطيني واذلاله يومياً من جانب شارون وجيشه اللذين يحظيان بتأييد الرأي العام الإسرائيلي، مقتنعاً عن سوء تقدير بأنها الطريقة الوحيدة لضمان أمنه، وهي في الواقع الطريق السريع إلى الخراب والدمار والقتل. وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين تميز بشجاعة كبرى، عندما أخذ على عاتقه توجيه رسائل إلى نظيره الأميركي كولن باول، يشرح فيها خطورة سياسة التخلي عن السلطة الفلسطينية، ورسالة أخرى عن خطورة ترك العراق في وضعه الحالي من دون ادخال تعديلات على قرارات مجلس الأمن، كرفع العقوبات المدنية. كذلك حذر الجانب الأميركي من توجيه ضربة إلى الصومال، ونتائجها خصوصاً على البلدان المجاورة. والديبلوماسية الفرنسية تدرك خطأ الإدارة الأميركية التي أصرت بعد 11 أيلول سبتمبر على عدم الخلط بين العالمين العربي والإسلامي، وبين الإرهاب، وتفعل العكس الآن، ما سيؤدي إلى اجماع شعبي عربي - إسلامي على النقمة ازاء الانحياز الأميركي القصير النظر. ولمست شارلوت بيرز، مساعدة وزير الخارجية الأميركي، خلال جولتها، مع مساعدها السفير الأميركي المستشرق كريس روس، على دول المغرب والعالم العربي، استياء الرأي العام العربي من سياسة واشنطن. ولا بد أن تنقل ذلك إلى الوزير كولن باول الذي بات تأثيره ضمن فريق مستشاري الرئيس جورج بوش، وفي مقدمهم نائبه ديك تشيني ومستشارة الأمن القومي كوندوليزا رايس ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد، موضع تساؤل. فالاعتدال المعروف عن باول غارق في تطرف إدارة، من المستغرب أن تكون كرّست موارد لإنشاء إدارة ضمن وزارة الخارجية، عنوان مهمتها "الديبلوماسية العامة"، وهدفها شرح ديبلوماسية الولاياتالمتحدة للعالم، خصوصاً العالم العربي. أليس غريباً أنها تستخدم أفضل ديبلوماسييها المستشرقين، أمثال روس، لتولي مهمة مستحيلة هي الدفاع عن سياسة منحازة إلى شارون، أمام رأي عام عربي ثائر عليها؟