أكدت خطوة الحكومة المصرية نهاية الأسبوع الماضي، بتجديد طرح شريحة سندات سيادية بالعملة الأميركية وبقيمة 1.5 بليون دولار في أسواق المال العالمية، ما انفردت به «الحياة» قبل أسبوع حول ازدياد إغراءات الاستدانة الخارجية أمام الحكومة المصرية بالتزامن مع ازدياد العجز في الموازنة العامة للبلاد وبلوغه نحو 110 بلايين جنيه (20 بليون دولار) لتصبح الاستدانة من الداخل والخارج، أمراً حتمياً. واحتفظت الحكومة المصرية بهيكلة خيارها وفقاً لمقدار التكلفة، ولم يمنعها ذلك من تجديد شريحة السندات الحالية التي سبق واستدانتها قبل نحو 7 سنوات. وتعتمد القاهرة على الخلفية السابقة في تبرير الخطوة فهي، على خلاف الجدل في الأوساط الاقتصادية المحلية، لم تزد أعباء الاستدانة الخارجية، بل جدِّدت استدانة المبلغ الذي يمثل قيمة السندات السيادية المطروحة، لأجل مختلف من عشر سنوات بدلاً من 5 و7 وبسعر فائدة أدنى بنسبة 40 في المئة عند 5.75 في المئة. وما يخفّض أعباء الاستدانة الخارجية لمصر وفقاً لوزارة المال التي أصدرت بياناً خاصاً حول الخطوة، ويؤكد النظرة الإيجابية للاقتصاد المصري من جانب مؤسسات تقويم الجدارة الائتمانية عالمياً بعد أن تم تقويم السندات المصرية باعتبارها أقل أخطاراً من سندات كل من باكستان والهند واليونان. وقال وزير المال المصري يوسف بطرس غالي: للمرة الأولى في مصر يتم إصدار سندات سيادية بالدولار طويلة الأجل في أسواق المال الأوروبية والأميركية، فأصدرت سندات بقيمة نصف بليون دولار لمدة 30 سنة وبفائدة 6.875 في المئة، وسندات سيادية أخرى بقيمة بليون دولار لعشر سنوات وبفائدة 5.75 في المئة. وأضاف الوزير أن الغرض من إصدار السندين جذب انتباه المستثمرين العالميين إلى الاقتصاد المصري بحيث قومت الأسواق المالية العالمية أخطار الاستثمار في مصر، من خلال أسعار فائدة منخفضة على السندات، بالدرجة «الاستثمارية»، ما يعكس الثقة في الجدارة الائتمانية لمصر، ويسهم في جذب انتباه المستثمرين العالميين إلى الاستثمار ويرفع تالياً معدلات الاستثمار الأجنبي المباشر والنمو الاقتصادي. وأكد خبير الاقتصاد الدولي الدكتور فخري الفقي ل الحياة أن الخطوة لا تمثل ضغطاً على الاقتصاد المصري ولا تزيد أعباء الاستدانة وإنما تخفضها لأنها لم تضف أعباءً جديدة بل استفادت من ظروف الاقتصاد العالمي وجددت الاستفادة من نحو 1.5 بليون دولار كانت حصلت عليها في ظروف داخلية لم تتح لها كلفة ملائمة، خلافاً للوضع الحالي. وحذّر الفقي من التوسع دون مراجعة كافية لأعباء الاقتصاد الوطني في الاستدانة الخارجية، لافتاً إلى أن تضخم الاستدانة الداخلية واستمرار ازدياد العجز في الموازنة العامة للبلاد يفرضان التعامل بحذر مع القضية لأن المشكلة ليست في هيكل الدين وحده وإنما في حجمه الإجمالي وقدرة الاقتصاد على تحمل أعبائه في ظل التزامات التوسع في الإنفاق الكلي الاستثماري. وأكد الخبير الاقتصادي حمدي عبد العظيم ما كان ذهب إليه في تصريحات سابقة معلقاً على ازدياد إغراءات الاستدانة الخارجية أمام الحكومة المصرية، بحيث أشار إلى احتمالات لجوء الحكومة بدعم من زيادة الجدارة الائتمانية التي حصلت عليها في تسعير السندات الجديدة، إلى قبول الاستدانة المباشرة من مؤسسات التمويل الدولية وبصفة خاصة البنك الدولي في حدود آمنة لمواجهة متطلبات سد عجز الموازنة الضخم.