ابتلى الله احد انواع الطيور بجهلها في هندسة بناء البيوت، ولأن هذا النوع من الطيور بيوض فلا بد من عش دافىء يحتضن البيض، ارضيته قش وطين، وسقفه جسد حار مغطى بريش ناعم لطائر حنون، فما عسى ان يكون الحل؟ الحيلة والدهاء والمكر وتحيّن الفرص واليكم تفاصيل القصة: انثى الطائر وهي حامل ببيضتها الوحيدة تقف متخفية بألوانها المخادعة قريبة بعض الشيء من احد بيوت نوع اخر من طيور شيدت اعشاشها ووضعت بين جنباتها ثلاثاً او اربعاً من بيوضها في كل عش، وعندما تأخذ احدى الامهات فسحة من الزمن تغادر خلالها العش بحثاً عن لقمة عيش تسندها، تأتي الانثى الحامل فتضع بيضتها ولا تكتفي، بل ترمي خارج العش احدى البيضات الاصلية حتى لا تجد صاحبة السكن الحقيقية اختلافاً كبيراً عند عودتها، وعندها تبدأ النهاية. تعود الام فتجلس على البيوض حتى تفقس، وعندما تبدأ مرحلة اطعام الاطفال يلاحظ ان الفرخ الدخيل حجمه اكبر وسيطرته اشمل على البقية حتى يصل الامر ان يقضي هذا الفرخ على اخوانه الواحد تلو الاخر عندما تذهب الام كل مرة بحثاً عن الطعام والسبب بسيط، غريزته الحيوانية تدفعه الى التفرد بما تصطاده الام، المثير في الامر ان البعض من الطيور يكتشف الخدعة مبكراً وينظف عشه من البيضة الدخيلة ويمنع وقوع الكارثة، ولكن هذا البعض يبقى من الاقلية. عمر هذه القصة الاف السنين، سقت تفاصيلها وانا اتخيل دورة الخليج العربي لكرة القدم وهي تكمل عامها الثاني والعشرين بيتاً صلداً بأبنائه رصيناً بفكرته، يوفر لنا الامن والطمأنينة والامل والمثل الحي لقصة نجاح الالاف من لاعبين وصحافيين ومدربين وملايين الجماهير، كل يحاول من موقعه الدفاع عنه من اي دخيل متنفع ولو كان صغيراً بحجم حجرة العث. دورة الخليج بحلاوتها ومرارتها نجحت حتى الآن في البقاء على قيد الحياة دليلاً على عفوية ابناء المنطقة، وليس هناك دليل افضل على صحة هذا الرأي من مقولة الشيخ عيسى بن راشد "فاكهة دورات الخليج" عندما وصف للملأ كيف كانت مشاكل الدورة بالامس تُحل في غضون دقائق من خلال مكالمة هاتفية مع امير الرياضة العربية فيصل بن فهد والشهيد فهد الاحمد، وما ابعد الامس عن يومنا هذا فكيف الحال بالمستقبل المجهول؟ البيت الخليجي وهو يستضيفنا للمرة الخامسة عشرة بحاجة الى قوانين تنظم تعاملنا مع ظواهر ذات ولادة حديثة لم يحسب لها الرواد حساباً يوم انطلقت الدورة الأولى في البحرين، لم تكن الدورة حتى وقت قريب سلعة رائجة، تجعل السباق محموماً للحصول على الحق الحصري لرعايتها وتسويقها، ولم يكن عالم الانترنت قد رأى النور بعد وحتى انضمام اليمن السعيد سواء بشقه الشمالي او الجنوبي حينذاك لم يكن مسموحاً التفكير به، والله اعلم ماذا ستواجه البطولة من بالونات اختبارات خلال العقود المقبلة؟ هذه الظواهر تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك نجاح الدورة وتحولها الى وزة تبيض ذهباً وشهداً يتصيد رحيقه اناس على شاكلة "الطيور الماكرة". اردنا التفكير بصوت عال بعدما همسنا نقدم النصيحة فأسكتنا المنتفعون بحجة عنوان هذا العمود.